الجمعة، 23 مايو 2014

صوفية حسن البنا وموقفه وموقف جماعة الإخوان من توحيد الألوهية ومن بدع الصوفية

مجــدى سعــد
 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ثم أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله - تعالى - وخير الهدي هدي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وما قل وكفى خيرٌ مما كثر وألهى وإنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.
صوفية حسن البنا وموقفه وموقف جماعة
الإخوان من توحيد الألوهية ومن بدع الصوفية

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد) رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم (ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم (وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) رواه مسلم.
(ومحدثاتها) جمع محدثة قال في الفتح والمراد به ما أحدث وليس له أصل في الشرع ويسمى في عرف الشرع بدعة.
وقال صلى الله عليه وسلم (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) صححه الألباني.
وقوله صلى الله عليه وسلم (خير أمتي القرن الذين يلوني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه) رواه مسلم.
 
إن حكم الصوفية في الشرع أنها بدعة سواء كمضمون أو كمصطلح فلم يكن هناك وجود للصوفية كمضمون أو كمصطلح في القرون الثلاثة الأولى ولم يكن واحد من الصحابة الكرام أو التابعين صوفياً أو منتسباً لطرق الضلالة الصوفية ولم يكن عند الصحابة أو التابعين هناك كلمة أو مصطلح أو شيء يسمى الصوفية أو التصوف.
 
إن الصوفية ركام ضخم من البدع في العقيدة والعبادات ومن بدع الصوفية ما يصل إلى درجة الكفر والخروج من الملة كدعاء غير الله تعالى والقول بوحدة الوجود أو الحلول والاتحاد وهناك الكثير من البدع الكفرية الأخرى الموجودة في الصوفية وهناك بدع غير مكفرة مثل البدع في العبادات كالذكر الجماعي والحضرة والأوراد المبتدعة ... إلخ
 
وأما ما يلبس به البعض من أن كلمة (الصوفية) ذكرت في بعض كتب العلماء فالجواب أن بعض العلماء عندما يذكرون كلمة الصوفية فهم يقصدون بها الزهد ولا يقصدون بها الكُفريات والبدع التي حذروا هم أنفسهم منها والواجب من باب سد الذرائع تنحية هذا المصطلح (الصوفية أو التصوف) والاستعاضة عنه بالزهد.
 
إن الصوفية كانت موجودة قبل البعثة المحمدية في الديانات الوثنية الهندية والفارسية والفلسفية وأراد أعداء الإسلام إقحام التصوف في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بعد القرون الثلاثة الأولى: يقول المستشرق براون (BROWN)
(إن التشيع والتصوف كانا من الأسلحة التي حارب بها الفرس العربBrown: A Literary History of Persia Vol. 1 P410
راجع كتاب التصوف لإحسان إلهي ظهير رحمه الله.
 
وأما حسن البنا فإن المتأمل لحياته يجد أن حياته كانت قصيرة نسبياً فهو قد عاش ثلاثة وأربعين عاماً (1906م -1949م) وقد ولد في المحمودية في محافظة البحيرة والتحق بمدرسة "المعلمين الأولية" بدمنهور ثم التحق بكلية دار العلوم بالقاهرة وتخرج من كلية دار العلوم عام 1927 ثم عين مدرسا في مدينة الإسماعيلية عام 1927 ثم أسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 إلى أن اغتيل في 1949.
 
إن حسن البنا كان صوفياً ينتسب للطريقة الحصافية الشاذلية فحسن البنا نشأ و تربى في أحضان الصوفية و بدعها فانضم حسن البنا للطريقة الحصافية الشاذلية منذ أن كان طالباً في مدرسة المعلمين و استمر هذا الانتماء طوال حياته  فلم يتبرأ حسن البنا و لم يعلن توبته من انتمائه للصوفية و بدعها أو من انتمائه للطريقة الحصافية الشاذلية و بدعها بل على العكس نرى حسن البنا يذكر منتشياً و يفاخر في كتابه ( مذكرات الدعوة والداعية ) بمدى حبه للطريقة الحصافية الشاذلية و أنه كان يستمتع بأداء البدع التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم  فالبنا يصرح بأنه يستمتع بأداء الحضرة والأوراد المبتدعة و الأذكار الجماعية المبتدعة و بالاحتفال بالمولد النبوي وبزيارة قبور الأولياء الأموات من الطريقة الحصافية  بل إن حسن البنا يصرح بأنه في البداية أنشأ ” جمعية الإخوان الحصافية الخيرية ” ثم غير التسمية بعد ذلك وسماها ( جماعة الإخوان المسلمين ) .
 
وحسن البنا مذهبه في صفات الله تعالى أنه (أشعري مفوض) في صفات الله تعالى فحسن البنا أثبت في كتابه (العقائد) الصفات الثلاثة عشرة التي أثبتها الأشاعرة وهي الصفات السبع التي تسمى صفات المعاني وأثبت الصفات الخمس التي تسمى الصفات النفسية ثم أثبت صفة الوجود فهذه ثلاث عشر صفة من أثبتها بطريقة الأشاعرة يُعتبر أشعري.
 
وأما الصفات الأخرى فالأشاعرة لهم مذهبان في الاعتقاد في باقي الصفات الوجه الأول إما تأويلها والوجه الثاني التفويض والسكوت عن تأويلها مع الاعتقاد بعدم ثبوتها.
وحسن البنا أشعري العقيدة والمذهب وأثبت الصفات السبع والصفات السلبية الخمس والصفة النفسية ثم بعد ذلك اختار الطريق الآخر من طرق الأشاعرة وهو تفويض الصفات ثم دلس وألصق كل هذا بمذهب السلف. فحسن البنا يرى بتفويض صفات الله تعالى ثم يتمادى ويدلس وينسب هذا بالباطل لمذهب السلف.
ولقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الحموية على من يدعي أن مذهب السلف هو التفويض رداً قوياً مبسوطاً في مكانه.
 
فالرجل أشعري والرجل صوفي باعترافه هو في "مذكرات داعية " أنه كان يحضر الحضرة الصوفية وكان يحضر أوراد الصوفية وأذكارهم وأنه بايع على الطريقة الحصافية الشاذلية وأنه استفاد من كتب الصوفية وذكر أسماء هذه الكتب كـ "المواهب اللدنية " للقسطلاني وغيرها في مذكرات داعية موجود هذا كله.
 
فالرجل صوفي أشعري والذين التزموا معه في بداية دعوته كانوا على شاكلته لأن حسن البنا وصاحبه قد أسسا الجمعية الحصافية والجمعية الحصافية كان مسؤلها أحمد عسكري أو السكري وكان النائب حسن البنا، ثم إن حسن البنا ذكر في مذكرات داعية أن الجمعية تحولت إلى الشكل الجديد وهو الإخوان المسلمون والمضمون هو المضمون أي أنها صوفية.
 
حسن البنا عندما أسس الإخوان المسلمين أبقى قضية العقيدة الأشعرية فألف مجموعة العقائد لجميع الإخوان المسلمين حتى يأخذوا عقيدتهم منها وهي أشعرية مفوضة وألف كتاب الأذكار وغير ذلك والوصفة والورد لكي يكون للإخوان المسلمين أوراداً خاصة بهم كما أن للطرق الأخرى أوارداً خاصةً بهم ثم فتح للصوفية المجال بأن يلتزموا بالطرق التي يريدون وينضمون للإخوان المسلمين ولهم ما يشاءون من الطرق ينتمون إليها بمقابل الانضمام للإخوان المسلمين والمبايعة والالتزام باللوائح الداخلية لهذه الجماعة.
 
فهذه الجماعة صوفية ألف لها في التصوف كتاب " مذكرات داعية " أثني على التصوف وأثني على الحضرة وأثني على الذكر الجماعي وعلى الموالد وعلى السماع وعلى كتب الصوفية في هذا الكتاب ونشره بين أصحابه في آخر عمره.
وكذلك في العقائد تكلم في رسائله في قضية الأسماء والصفات.
فالرجل قد بين عقيدته وألفها لأصحابه.
يقول سعيد حوى: "وبنفس الوقت أريدُ أن يتعرف المسلم على معنى الحقيقة الصوفية التي هي سمات دعوة الأستاذ البنَّا" من كتاب تربيتنا الروحية (ص18).
 
والآن نستمع لحسن البنا في كتابه (مذكرات الدعوة والداعية) ليذكر لنا بنفسه المبادئ السابقة التي يؤمن بها:
يقول حسن البنا: (وفي المسجد الصغير رأيت”الإخوان الحصافية” يذكرون الله تعالى عقب صلاة العشاء من كل ليلة وكنت مواظبا على حضور درس الشيخ زهران رحمه الله بين المغرب والعشاء فاجتذبتني حلقة الذكر بأصواتها المنسقة ونشيدها الجميل وروحانيتها الفياضة)
ويقول البنا (حتى التحقت بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور وفيها مدفن الشيخ وضريحه وقواعد مسجده الذي لم يكن تم حينذاك وتم بعد ذلك فكنت مواظباً على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة وسألت عن مقدِّم الإخوان فعرفت أنه الرجل الصالح التقي الشيخ بسيوني العبد التاجر فرجوته أن يأذن لي بأخذ العهد عليه ففعل ووعدني بأنه سيقدمني للسيد عبد الوهاب عند حضوره ولم أكن إلى هذا الوقت قد بايعت أحدا في الطريق بيعة رسمية وإنما كنت محبا وفق اصطلاحهم، وحضر السيد عبد الوهاب -نفع الله به -إلى دمنهور وأخطرني الإخوان بذلك فكنت شديد الفرح بهذا النبأ حيث تلقيت الحصافية الشاذلية عنه وأدبني بأدوارها ووظائفها)
 
ويقول البنا (وفي هذه الأثناء بدا لنا أن نؤسس في المحمودية جمعية إصلاحية هي” جمعية الحصافية الخيرية” واختير أحمد أفندي السكري التاجر بالمحمودية رئيسا لها وانتخبت سكرتيرا لها ... وقد كافحت الجمعية في سبيل رسالتها مكافحة مشكورة وخلفتها في هذا الكفاح جمعية” الإخوان المسلمين” بعد ذلك)
 

ويقول البنا (كانت أيام دمنهور ومدرسة المعلمين أيام الاستشراف في عاطفة التصوف والعبادة ...فكانت فترة استغراق في التعبد والتصوف، نزلت دمنهور مشبعا بالفكرة الحصافية. ودمنهور مقر ضريح الشيخ السيد حسنين الحصافي شيخ الطريقة الأول وفيها نخبة صالحة من الأتباع الكبار للشيخ، فكان طبيعياً أن أندمج في هذا الوسط وأن أستغرق في هذا الاتجاه، وكنا في كثير من أيام الجمع التي يتصادف أن نقضيها في دمنهور نقترح رحلة لزيارة أحد الأولياء الأقربين من دمنهور فكنا أحيانا نزور دسوق فنمشي على أقدامنا بعد صلاة الصبح مباشرة حيث نصل حوالي الساعة الثامنة صباحاً فنقطع المسافة في ثلاث ساعات وهي نحو عشرين كيلو مترا ونزور ونصلى الجمعة ونسترح بعد الغداء ونصلى العصر ونعود أدراجنا إلى دمنهور حيث نصلها بعد المغرب تقريباً، وكنا أحيانا نزور عزبة النوام حيث دفن في مقبرتها الشيح سيد سنجر من خواص رجال الطريقة الحصافية والمعروفين بصلاحهم وتقواهم ونقضى هناك يوماً كاملاً ثم نعود)
 

ويقول البنا (كانت أيام مدرسة المعلمين في سنواتها الثلاث أيام استغراق في التصوف والتعبد ولكنها مع ذلك لم تخل من إقبال على الدروس وتحصيل العلم خارج حدود المناهج المدرسية. ومرد ذلك إلى أمرين فيما أظن أولهما: مكتبة الوالد وتشجيعه إياي على القراءة والدرس وإهدائه إياي كتباً لا أزال أحتفظ ببعضها ومن أعمقها أثراً في نفسي: “الأنوار المحمدية للنبهاني” و “مختصر المواهب اللدنية للقسطلاني” و “نور اليقين في سيرة سيد المرسلين للشيخ الخضري” وقد كونت لي -بناء على هذا التوجيه، وما تولد منه من شغف بالمطالعة وإقبال عليها)
 
يقول حسن البنا (ولكني في النهاية فضلت أن أستمر في سلك التعلم وأن أشد الرحال إلى القاهرة حيث دار العلوم وحيث المقر الرسمي لشيخنا السيد عبد الوهاب الحصافي)
ويقول حسن البنا: (كما كنت أجد متعة كبرى في” الحضرة” عقب صلاة الجمعة من كل أسبوع في منزل الشيخ الحصافي ثم في كثير من ليالي الأسبوع في منزل الخليفة الأول الشيخ الحصافي على أفندي غالب)
 
ويقول حسن البنا: (وأذكر أنه كان من عادتنا أن نخرج في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بالموكب بعد الحضرة كل ليلة من أول ربيع الأول إلى الثاني عشر منه من منزل أحد الإخوان وخرجنا بالموكب ونحن ننشد القصائد المعتادة في سرور كامل وفرح تام)

من خلال كلام البنا نفسه وكلامه فقط سنستمر فى مقالات قادمة محاولين أن نرسم صورة للرجل الذى تتخذه جماعة الإخوان إماماً ومرشداً ولو تصادف أن قرأ أحدكم سيرة ومؤلفات إمامٍ آخر كالإمام أحمد بن حنبل أو الإمام الشافعى أو الإمام مالك أو غيرهم لوجد بوناً شاسعاً كما بين السماء والأرض وفروقاً لا تخفى حتى على العميان بين هؤلاء الأئمة حقاً وبين إمامهم حسن البنا. 

ليست هناك تعليقات: