الخميس، 29 مايو 2014

مذهب حسن البنا في تفويض صفات الله تعالى وموقفه من الأصل الأول من أصول عقيدة الإسلام


مجـــــــــــــــدى سعـــــــــــــــد
 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ثم أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله - تعالى - وخير الهدي هدي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وما قل وكفى خيرٌ مما كثر وألهى وإنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.

اعلم رحمك الله أن مذهب السلف في صفات الله تعالى أنهم يثبتون صفات الله تعالى إثباتا يليق بجلال الله عزّ وجلّ وتقدس من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تأويل.

واعلم أنّ التفويض في الصفات نوعان (تفويض معنى) و (تفويض كيفية) فطريقة السلف هي (التفويض في كيفية الصفة) و (إثبات معنى الصفة) فالسلف لا يفوضون في معنى الصفة وإنما يثبتون المعنى ويفوضون في الكيفية.

أما حسن البنا فمذهبه في صفات الله تعالى أنه (أشعري مفوض) في صفات الله تعالى فحسن البنا أثبت في كتابه (العقائد) الصفات الثلاثة عشرة التي أثبتها الأشاعرة وهي الصفات السبع التي تسمى صفات المعاني وأثبت الصفات الخمس التي تسمى الصفات النفسية ثم أثبت صفة الوجود فهذه ثلاث عشر صفة من أثبتها بطريقة الأشاعرة يعتبر أشعري.

ثم الصفات الأخرى كالصفات الذاتية كـ (اليدين والعينين والوجه والرجل والقدم) والصفات الفعلية كـ (الاستواء والمجيء والضحك) وغير ذلك هذه الأشاعرة لهم فيها مذهبان إما التأويل أو التفويض:
إما أن يؤولوها كأن يقول صفة اليدين المراد بها الإنعام وصفة الغضب المراد بها الثواب.
وإما أنهم يفوضون فيها أي لا يثبتون معنى الصفة بل يفوضون في معناها مثلاً صفة الوجه يقول أنا لا أثبت صفة الوجه فيقال له ما المراد بقوله (ويبقى وجه ربك) يقول لا أعلم.
فالأشاعرة لهم مذهبان في الاعتقاد في باقي الصفات الوجه الأول إما تأويلها والوجه الثاني التفويض والسكوت عن تأويلها مع الاعتقاد بعدم ثبوتها.

فحسن البنا دخل الأشعرية وأثبت الصفات السبع والصفات السلبية الخمس والصفة النفسية ثم بعد ذلك اختار الطريق الآخر من طرق الأشاعرة وهو تفويض الصفات ثم دلس وألصق كل هذا بمذهب السلف فحسن البنا يرى بتفويض صفات الله تعالى ثم يتمادى ويدلس وينسب هذا بالباطل لمذهب السلف.
فيقول حسن البنا في رسالة العقائد (ونحن نعتقد أن رأي السلف من السكوت وتفويض علم هذه المعاني إلى الله تبارك وتعالى أسلم وأولى بالإتباع حسماً لمادة التأويل والتعطيل)
ويقول حسن البنا: (وأن البحث في مثل هذا الشأن مهما طال فيه القول لا يؤدي في النهاية إلا إلى نتيجة واحدة هي التفويض لله تبارك وتعالى)  (رسالة العقائد ص 74).
وهذا خلاف مذهب السلف الذين يثبتون صفات الله تعالى إثباتا يليق بجلال الله عزّ وجلّ وتقدس من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تأويل فمن زعم أنّ السلف فوضوا في معاني صفات الله تعالى فقد افترى عليهم.

كما يرد السلف على المعطلة المفوضة كحسن البنا قال شيخ الإسلام ابن تيمية "فتبَّين أنَّ قول أهل التفويض الذين يزعمون أنَّهم متَّبعون للسُّنَّة والسلف مِنْ شرِّ أقوال أهل البدع والإلحاد" اهـ مختصرا في كتابه "درء تعارض العقل والنقل"(1/201-205).

ولا يكتفي حسن البنا بأنه يفوض في صفات الله تعالى و لا يكتفي بأنه يدلس و ينسب مذهبه الباطل في التفويض إلى السلف بل يتمادى أكثر و أكثر فيقول بأن الخلاف بين السلف الذين يثبتون صفات الله تعالى و بين الخلف كالمعتزلة والأشاعرة والمفوضة الذين ينفون صفات الله تعالى أو يفوضون فيها من قبيل ( ... خلاف لا يستحق ضجة ولا إعناتا ) أو ( .. وهو هين كما ترى وأمر لجأ إليه بعض السلف أنفسهم وأهم ما يجب أن تتوجه إليه همم المسلمين الآن توحيد الصفوف وجمع الكلمة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا) راجع آخر رسالة العقائد لحسن البنا.

أي يجعل الخلاف في توحيد الأسماء والصفات بين السلف والخلف من المعتزلة والأشاعرة والمفوضة من باب الخلاف السائغ الهين الذي لا ينكر فيه على المخالف وقول حسن البنا الصوفي الحصافي الشاذلي لم يقل به أحد من السلف نعوذ بالله تعالى من الخذلان.

أما خلفاء حسن البنا كسعيد حوى والغزالي وغيرهم فكانوا أصرح منه فنفوا الصفات بالكلية ثم أولوها ما عدا ثلاثة عشر على مذهب الأشاعرة المؤولة أو الماتريدية.

ومن الطرائف العجائب أن مؤسس مذهب الأشاعرة وهو أبو الحسن الأشعري كان قد تاب قبل أن يموت من مذهبه الأشعري المبتدع ورجع إلى مذهب السلف وألف كتاب (الإبانة في أصول الديانة) يعلن ذلك إلا أن القوم ما زالوا على العقيدة الأشعرية الباطلة التي تاب منها صاحبها أبو الحسن الأشعري ولله في خلقة شئون.

ليست هناك تعليقات: