السبت، 30 مارس 2013

وجود الطائفة المنصورة

قبل أن نخوض في الحديث عن صفات الطائفة الناجية المنصورة وضرورة تكثير سوادها على من سواها  لا بد أولاً من أن نثبت وجود هذه الطائفة وشرعية وجودها.

فأقول: قد تواترت الأدلة الصحيحة التي تدل على وجود الطائفة المنصورة وعلى استمرارية وجودها إلى يوم القيامة وأنها طائفة منصورة ظاهرة على الحق لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى تقوم الساعة .. منها ما جاء في صحيح مسلم :
عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ).
وعن المغيرة بن شعبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( لن يزال قوم من أمتي ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ) . 
وعن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:( لن يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة ) .
وعن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول:( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ).
وعن عمران بن هانئ قال: سمعت معاوية على المنبر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس ) [جميع ما تقدم من أحاديث قد خرجها مسلم في صحيحه وأحاديث الطائفة المنصورة مخرجة في الصحيحين والسنن وغيرها من كتب الأحاديث].
وعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال ) [صحيح سنن أبي داود:"2170].
وعن سلمة بن نفيل الكندي قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله، أذال الناس الخيل[أي استخفوا بها وتركوها] ووضعوا السلاح وقالوا: لا جهاد قد وضعت الحرب أوزارها! فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم  بوجهه وقال:( كذبوا، الآن الآن جاء القتال ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة وحتى يأتي وعد الله والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ) [صحيح سنن النسائي: 3333].
وعن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة )
[صحيح سنن ابن ماجه:6].
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( لا تزال طائفة من أمتي قوامة على أمر الله لا يضرها من خالفها )[صحيح سنن ابن ماجه:7].
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: قام معاوية خطيباً فقال: أين علماؤكم؟ أين علماؤكم ؟! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( لا تقوم الساعة إلا وطائفة مـن أمتي ظاهرون على الناس لا يبالون من خذلهم ولا من نصرهم ) [صحيح سنن ابن ماجه]
وعن أبي عِنَبَة الخولاني وكان قد صلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته) [صحيح سنن ابن ماجه:8].
وغيرها كثير من الأحاديث والنصوص التي تدل على وجود هذه الطائفة المنصورة وأنهم ظاهرون على الحق .. وأنهم منصورون لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم .. وإلى يوم القيامة.
وهذا أمر مما لا شك فيه له أثره الطيب على نفوس المؤمنين المستضعفين في الأرض حيث يبعث في نفوسهم الأمل واليقين بنصر الله تعالى ووعده وأن العاقبة للمؤمنين الصادقين ـ ولو بعد حين ـ  مهما انتفش الباطل وتعاظم جنده وأمره.
وفيه كذلك بشرى سوء لجميع طواغيت الأرض الذين يناصبون الإسلام والمسلمين الحرب والعداء .. بأن كيدهم وحربهم لا يجدي لهم نفعاً .. وأنه مردود عليهم وفي نحورهم .. وأنهم مهما حاولوا فإن النصر لكلمة الله وجنده .. ولو بعد حين.
قد ناصب الإسلام والمسلمين الحرب والعداء ـ عبر مدار الأزمان ـ  آلاف الطواغيت والجبابرة .. وسُيرت لحربه آلاف الجيوش الكافرة .. فأين هم .. وأين أموالهم الطائلة التي أنفقوها للصد عن سبيل الله .. وأين دين الله .. لو كانوا يُبصرون؟!
قد ذهبوا وهلكوا جميعاً حطباً لنار جهنم وبئس المصير .. ودين الله تعالى في ازدياد ورفعة وتوسع وانتشار في الأمصار وبين العباد .. رغم أنف الذين كفروا! 
ألا يدل ذلك على أن يداً قادرة قد تكفلت بحفظ ورعاية ونصرة هذا الدين ..؟!
بلى .. لو كانوا يعلمون!
قال تعالى:) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (التوبة:32.
وقال تعالى:) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (الأنفال:36.  
شبهة ورد:
قد يقول قائل: كيف التوفيق بين هذه الأحاديث التي تدل على بقاء الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة وبين الأحاديث التي تدل على أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق وحتى لا يُقال في الأرض الله الله [كما في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه:( لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ). وقال صلى الله عليه وسلم :
( لا تقوم الساعة حتى لا يُقال في الأرض الله الله ) ] ؟
الجواب: أن الساعة إذا جاءت أشراطها الكبرى ودنا وقتها الأخير أرسل الله ريحاً كريح المسك مسها مس الحرير فلا تدع أحداً في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته ثم يبقى شرار الخلق عليهم تقوم الساعة ولعل هذا هو المراد من قوله صلى الله عليه وسلم :( حتى يأتي أمر الله ) فيكون أمر الله هو الريح التي تقبض أرواح المؤمنين.
كما في الحديث الذي يرويه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله يبعث ريحاً من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحداً في قلبه مثقال ذرةٍ من إيمان إلا قبضته ) ( مسلم).
وعن عبد الرحمن بن شُماسَة المهري قال: كنت عند مسلمة بن مخلَّد وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص فقال عبد الله: لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق هم شر من أهل الجاهلية لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم. فبينما هم على ذلك أقبل عقبة بن عامر فقال له مسلمة: يا عقبة اسمع ما يقول عبد الله. فقال عقبة: هو أعلم وأما أنا فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك ) فقال عبد الله: أجل ثم يبعث الله ريحاً كريح المسك مسها مس الحرير فلا تترك نفساً في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة ) (مسلم) .فيكون المراد من قوله صلى الله عليه وسلم :( إلى يوم القيامة ) أي ( أنهم لا يزالون على الحق حتى تقبضهم هذه الريح اللينة قرب القيامة وعند تظاهر أشراطها فأطلق في هذا الحديث بقاءهم إلى قيام الساعة على أشراطها ودنوها المتناهي في القرب والله أعلم ) [قاله النووي في شرحه لصحيح  مسلم:2/132] .
منقول عن الشيخ عبد المنعم مصطفى حليمة 

ليست هناك تعليقات: