الأحد، 1 يونيو 2014

قادة جماعة الإخوان من بعد البنا ثمرات خبيثة لعقيدة حسن البنا

مجــــــــدى سعــــــد
 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ثم أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله - تعالى - وخير الهدي هدي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وما قل وكفى خيرٌ مما كثر وألهى وإنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.
 
لقد ظل قادة الإخوان من بعد وفاة حسن البنا أوفياء لمنهج مؤسس جماعتهم ومرشدهم الأول وساروا على المحجة الغير بيضاء التى تركهم عليها وبالرغم من وجود جميع الفرق والتيارات العقيدية فى جماعة الإخوان فإن آلية الوصول لمكتب الارشاد كانت تضمن دائماً ألا يصل إلى قيادة الجماعة إلا رجل وفى كل الوفاء لعقيدة ومنهج حسن البنا وهذه الجزئية بالذات تستحق الدراسة العميقة فطوال العقود التى مرت منذ نشأة جماعة الإخوان لم يصل أبداً إلى قيادة الجماعة إلا أصحاب العقائد المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة، ولكى ندلل على هذا الكلام الصادم سنورد فيما يلى أمثلة من أقوال بعض قيادات ومفكرى الجماعة.
 
ــ ما نقله صاحب كتاب وقفات عن سعيد حوى (جولات في الفقهين الكبير والأكبر) الجولة الأولى ص22 ما نصه: ( إنّ للمسلمين خلال العصور (أي الماضية) أئمتهم في الاعتقاد وأئمتهم في الفقه وأئمتهم في التصوف والسلوك إلى الله عزّ وجلّ فأئمتهم في الاعتقاد كأبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي!) ويقول أيضا في الجولة الرابعة ص66 ما نصه: ( وسلمت الأمة في قضايا العقائد لاثنين أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي!).
 
ــ أما محمد الغزالي فإنّه يزيد على كونه أشعري العقيدة أنّه يسخر من عقيدة السلف ومن الشباب الذين ينتمون إليها فمن ذلك قوله في كتابه (السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث) ص11 : ( وفي هذا الكتاب جرعة قد تكون مرّة للفتيان الذين يتناولون كتب الأحاديث النبوية ثم يحسبون أنهم أحاطوا بالإسلام علما بعد قراءة عابرة أو عميقة لعل فيه درسا لشيوخ يحاربون الفقه المذهبي لحساب سلفية مزعومة عرفت من الإسلام قشوره ونسيت جذوره). وأقول وهل فى الإسلام قشور؟ إن الإسلام بفضل الله تعالى كلّه جذور ولا قشور فيه وهو كله حق لا باطل فيه وهو صدق لا كذب فيه.
إنّ من يزعم أنّ إثبات الصفات التي وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم سواء كانت من الصفات الخبرية كإثبات صفة الوجه والعين واليد والساق والرجل والقدم وغير ذلك أو من الصفات الفعلية كصفة الاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا ثلث الليل الأخير وحديث كشف الساق في عرصات القيامة ووضع الجبار رجله وفي رواية قدمه على النار فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط حسبي حسبي، وأن إطلاق اللحية ورفع الثوب فوق الكعبين وترك التختم بالذهب وسماع القرآن بدلا عن الأغاني إنّ من يزعم بأن هذه الأحكام قشور فهو عن الخير مبتور إنّ الغزالي يحارب العقيدة السلفية في إثبات الصفات حربا شعواء لا هوادة فيها .
 
ــ وها هو المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين عمر التلمساني يقول في كتابه (بعض ما علمني الإخوان المسلمون) عند قوله تعالى : {والسموات مطويات بيمينه} فقال: (وإنّ هذه اليمين التي تشير إليها الآية الكريمة هي التمكن من طي السموات أي القدرة التي تفعل ما تشاء كيفما تشاء عندما تشاء) وأقول إن هذه عقيدة الأشاعرة أي عقيدة التأويل وكذلك يقول الدكتور إسماعيل الشطي وهو يتحدث عن العقيدة : (لا أدري كيف أثبت لله يدا) حكى ذلك عنه العجمى فى كتابه (وقفات) ص22 وكذلك حكى عن عمر التلمسانى.
 
ــ وقد أثرت عقيدة حسن البنا الفاسدة على سيد قطب فلقد تبنى سيد قطب رأي الخلف في آيات الصّفات عموماً وفي آيات الاستواء خصوصاً و من أمثلة ذلك :
(أ) تأويل الاستواء عند سيد قطب
قال سيد قطب : عند قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ): "ولا مجال للخوض في معنى الاستواء إلا بأنه رمز السيطرة والقصد بإرادة الخلق والتكوين". من كتاب "في ظلال القرآن" (ص1/62).
وأقول: إن هذا القول الباطل يخالف الأدلة الصحيحة فإن الله تبارك وتعالى أخبر أن العرش كان على الماء قبل خلق السماوات والأرض وثبت ذلك في "صحيح البخاري" كتاب بدء الخلق عن عمران بن الحصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والأرض".
(ب) سيد قطب يقول بخلق القرآن
ربما كان هذا العنوان صادماً لك ولكن لا تتعجل وتمهل لتقرأ ما كتبه سيد قطب بيديه وسطره ليقرأه الناس إلى يوم القيامة:
قال سيد قطب رحمه الله :  بعد أن تكلم في الحروف المتقطعة: (لكنهم لا يملكون أن يؤلفوا مثل هذا الكتاب لأنه من صنع الله لا من صنع الإنسان) في (ظلال القرآن 5/2719). 
ويقول : في تقرير أن القرآن مصنوع (أي مخلوق): (وكما أن الروح من الأسرار التي اختص الله بها فالقرآن من صنع الله الذي لا يملك الخلق محاكاته) (في ظلال القرآن الجزء الرابع ص2249-2250).
وأقول: رحم الله سيد قطب وغفر له كيف خفي عليه أخبار الفتنة التي دارت رحاها على أهل السنة أيام المأمون والمعتصم والواثق وما جرى للإمام أحمد على أيدي الجهمية والمعتزلة.
وقد أجمع السلف على أن القرآن كلام الله غير مخلوق وكلامه  تبارك وتعالى صفة من صفاته واشتد نكيرهم على من قال بخلق القرآن قال البخاري رحمه الله تعالى رحمة واسعة: (وقال ابن عيينة ومعاذ والحجاج بن محمد ويزيد بن هارون وهاشم بن القاسم والربيع بن نافع الحلبي ومحمد بن يوسف وعاصم بن علي ويحيى بن يحيى وأهل العلم: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر) (ص25) كتاب خلق أفعال العباد" لأمير المؤمنين في الحديث محمد ابن إسماعيل البخاري. 
ولا ينبغى أن يفهم أحدٌ أن هذا تكفير لسيد قطب فلا يُكفر مسلم إلا بعد إقامة الحجة عليه  ولكن يجب علينا التحذير من تلك الأخطاء حتى لا يقع فيها العامة وتخفيفاً عن سيد قطب رحمه الله تعالى فكلما تبعه أناسٌ أكثر فى الخطأ كلما كان ذنبه أعظم فكلما منعنا الناس من اتباعه فى الخطأ كلما منعنا زيادة رصيد أوزاره فمن سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن سن فى الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً، نسأل الله أن يغفر لسيد قطب ويرحمه فنحسبه كان مخلصاً محباً لله تعالى ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ـ نحسبه كذلك ولا نزكى على الله أحداً ـ
(ج) رد سيد قطب لأحاديث الآحاد في العقيدة

وقد صرح بذلك سيد قطب رحمه الله فى كلام لا يقبل التأويل حين قال ما نصه: (وردت روايات بعضها صحيح ولكنه غير متواتر وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة والمرجع هو القرآن والتواتر شرط للأخذ بالأحاديث في أصول الاعتقاد) في "ظلال القرآن" (6/4008).
ومن المعلوم أن هذا الشرط اشترطه الجهمية والمعتزلة كي ينصروا مذهبهم الباطل ولا دليل عندهم على ذلك إلا عقولهم وفهمهم وقد جاراهم سيد قطب رحمه الله   وخالف جماهير العلماء من السلف والخلف حيثُ ذهبوا إلى أن خبر الآحاد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقاً له وعملاً بموجبه أفاد العلم واليقين وعلى هذا أهل الحديث قاطبة وأحاديث الصحيحين من هذا النوع وللاطلاع على هذه المسألة انظر في "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (18/40-48-49) و"مختصر الصواعق المرسلة" لابن القيم (ص481-482) و"النكت" للحافظ ابن حجر على مقدمة ابن الصلاح (1/179-371) و"الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم (1/119-137).

يوسف القرضاوى
وكما هو معلوم فإن القرضاوي أحد أعمدة جماعة الإخوان قد درس العقيدة على معتقد الأشعري كما أخبرنا هو بنفسه عن نفسه: [رسالة الأزهر" القرضاوي ( ص 105)] وقد تركتْ تلك العقيدة أثرها على نفسه فها نحن نراه وهو ينكر رؤية الله عز وجل في الآخرة على طريقة أهل السنة ويثبتها على طريقة الأشاعرة المبتدعة[المرجعية العليا في الإسلام " للقرضاوي (ص 348)] والله عز وجل يقول (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)[ سورة القيامة الآية 22-23]
 
تأثر يوسف القرضاوى بالمدرسة العقلانية (المعتزلة) فتركت بصماتِها الواضحة عليه لذلك فهو بمنتهى الجرأة والثقة والغرور يرد بعض الأحاديث الصحيحة بحجة مخالفتها لظاهر القرآن أو عقل الإنسان [كيف نتعامل مع السنة" للقرضاوي (ص 97 – 98) حيث توقف في قبول حديث " إن أبي وأباك في النار" الذي رواه مسلم.] والله تبارك وتعالى يقول: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) [سورة الحشر الآية 7].
وستكون لنا وقفة مفصلة عن يوسف القرضاوى قريباً ان شاء الله تعالى.
وأصلى وأسلم وأبارك على سيدى وسيد الخلق محمد بن عبد الله خاتم النبيين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات: