الدول العربية والإسلامية


النّظام السعودي نصير الطغاة وعدو الثورات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد .
يأبى النظام السعودي إلا أن يضعنا في خانة الساكتين عن الحق .. والساكت عن الحق شيطان أخرس .. ويأبى علينا الحق إلا أن نصدع بالحق، ولو كره المجرمون المفسدون. 
بقليل من التأمل يُدرك كل مراقب منصف حر أن النظام السعودي نصير للطغاة، وعدو للثورات .. وأنه عقبة كأداء أمام أي تغيير فعال في المنطقة الذي تنشده الشعوب المقهورة والمستضعفة في ثوراتها .. يظهر ذلك بجلاء؛ من خلال إيواء النظام السعودي لطاغية تونس " شين العابدين " وحمايته .. ومنع العدالة والقصاص العادل من أن يأخذ طريقه إلى رأس الطاغية .. وحتى لا تتجرأ الشعوب على محاسبة الحكام الآثمين، وفي الحديث:" من آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبل منه عدل ولا صرف " البخاري. فكيف إذا كان هذا المحدث طاغوتاً قاتلاً لشعبه .. مرتكباً لجميع الموبقات والكبائر .. ثم يوجد من يأويه ويمنع عنه القصاص الشرعي العادل من أن يأخذ طريقه إليه .. لا شك أنه أولى بلعن الله، والملائكة والناس أجمعين.
كذلك موقفه من الثورة المصرية المتخاذل .. ونصرته الصريحة لطاغية مصر" اللامبارك "، أبَّان حكمه، وبعد الاطاحة به؛ حيث إلى اللحظة يمارس الضغوط على الشعب المصري لكي لا يحاكموا الطاغية .. وأنّى لهم ذلك إذا أراد الشعب ذلك!
أما موقف النظام السعودي من الثورة اليمنية السلبي والمتخاذل فحدث عنه ولا حرج .. وهو لم يكتف بموقف المتخاذل من الثورة اليمنية والشعب اليمني .. بل وقف صراحة بكل إمكانياته مع الطاغية " اللاصالح " ونظامه الفاسد ضد الشعب اليمني الأصيل .. فحولوا الرياض عاصمة لنشاطات الطاغية ضد شعبه .. وعاقبوا الشعب اليمني المسلم اقتصادياً .. حتى أوقعوه في الحرج الشديد .. عساه في النهاية يرضخ لرغبات وأهواء وشروط حليفهم الطاغية اللاصالح !
كذلك الثورة الليبية المباركة .. رغم شدة المعاناة للشعب الليبي المسلم .. وكفر الطاغوت القذافي وإجرامه .. وما نال النظام السعودي من شر هذا القذافي المجنون .. إلا أنهم لم ينطقوا بكلمة واحدة تنم عن نصرتهم للثورة الليبية .. وإدانتهم للمجرم القذافي وجرائمه .. لم يُسمعوا الشعب الليبي المسلم كلمة مواساة تخفف عنهم بعض آلامهم وجراحاتهم!
أما موقفهم من الثورة السورية فهو لم يخرج عن هذا السياق التآمري المتخاذل .. فالملك عبد الله ـ لما كان ولياً للعهد ـ هو أول من بارك وأيد حكم بشار كوريث لجرائم وحكم أبيه الهالك .. وها هم بعد مضي أكثر من ستة أشهر من عمر الثورة السورية الدامي .. وارتكاب النظام النصيري كل محظور ومشين بحق الشعب السوري المسلم .. واعتدائه على جميع الحرمات والمقدسات ـ حملت الأجنبي الغربي على أن يقول رأيه في النظام الأسدي الطائفي بأن يرحل ـ  يكتفي النظام السعودي بإصدار بيان باسم الملك " عبد الله " لا يتعدى بضعة أسطر، يذكّر الطاغية النصيري بشار الأسد بفضائل النظام السعودي عليه وأنه كان الداعم والممول الأساس له ولنظامه [ في الوقت الذي يقتل النظام السوري الأسدي الطائفي شعب سورية .. ويزجه في السجون .. ويرتكب بحقه المجازر .. يقوم النظام السعودي بدعمه بمبلغ وقدره " 375 " مليون ريال ـ كما أفادت بذلك جريدة الرياض المحلية ـ كدفعة من جملة الدفعات التي يصعب حصرها .. وكرواتب لجند ومخابرات وشبيحة الطاغية بشار الأسد .. تحت ذريعة ومسمى المساهمة في مشاريع إنشائية زعموا!! ] .. ليقول له في النهاية أن هذا الذي يجري على الأرض السورية غير مقبول .. فقط غير مقبول .. ثم بعد ذلك تستمر الآلة العسكرية النصيرية في الذبح والتقتيل غير مبالية بشيء .. وعلى مرأى ومسمع من النظام السعودي ومليكه .. ولما قام بعض السوريين المستضعفين المهجرين المطاردين بدينهم في السعودية يهتفون مستبشرين بكلمة الملك ـ على ضعفها وقلة كلماتها ـ وموقفه الشجاع .. وأنه زعيم النخوة العربية .. قام هذا الزعيم للنخوة العربية باعتقالهم وزجهم في السجون لتظاهرهم، ولأن قانونه يجرم مطلق التظاهر؛ حتى التظاهرات التي تهتف باسم وحياة الملك .. حتى لا يألف الشعب السعودي المسلم على منظر المظاهرات .. فيتجرأ على مثلها فيم لا يهواه النظام .. وربما أراد أن يقول للسوريين وغيرهم أيضاً: أن بيان الملك لا يعني أن يُسمَح بالطعن بالنظام السوري على الملأ، وفي الشارع .. فلا تفهموا موقف زعيم النخوة خطأ .. كل هذه المعاني قد وصلت للمراقب المستقل.
فالنظام السعودي قبل أن يخذل الشعوب العربية المسلمة في ثوراتها المعاصرة .. فقد خذل من قبلهم ـ وللأسف ـ شعب فلسطين .. وأفغانستان .. والشيشان .. والعراق .. والصومال .. وغيرها من البلدان!  
فهو مقتنع ـ وللأسف ـ بأن سلامته ومصلحته تكمن في أن تبقى المنطقة العربية بأنظمتها المستبدة الحاكمة كما هي من دون أدنى تغيير .. وأن أدنى تغيير يطرأ على هذه الأنظمة المستبدة الفاسدة سيطاله، وينعكس عليه وعلى أفراد العائلة ومخصصاتهم سلباً، لذا فهو يعمل على حمايتها والحفاظ عليها .. وتراه يتصرف كر     اع وحام لهذه الأنظمة ولطغاتها المجرمين .. وإلى درجة أنه يمنع خطباء مسجد الحرم المكي في قيام رمضان من أن يخصوا هذه الثورات بشيء من الدعاء لها، أو يخصوا أحداً من الطغاة المجرمين ـ كالقذافي وبشار الأسد مثلاً ـ بالدعاء عليهم!
فإن قيل: نظام بشار الأسد الطائفي حليف لإيران، وإيران معادية للسعودية .. فكيف للسعودية أن توالي حليف عدوها؟
أقول: يُجاب عن هذا السؤال من وجهين: أولهما يزعم النظام السعودي أنه في احتضانه للنظام السوري، ودعمه ودعم طاغيته المجرم بشار الأسد .. سيبعده عن إيران .. ويُقربه من الدائرة العربية .. وهذا ظن خاسر، ومراهنة ومقامرة خاسرة من قبل النظام السعودي .. وغباء سياسي صريح .. فالعلاقة بين النظامين السوري النصيري، والإيراني الرافضي .. علاقة طائفية مذهبية عقائدية استراتيجية .. وهي أقوى من أي تأثيرات جانبية .. أو أن يُؤثر عليها طرف ثالث .. والسعودية مهما أنفقت من أموالها الطائلة على النظام السوري الطائفي .. لا يُمكن أن تُؤثر على هذه العلاقة في شيء، والواقع المشاهد أكبر برهان على ذلك!
ثانيهما: أن النظام السوري النصيري الطائفي على علاته وما يُؤخذ عليه سعودياً .. هو في نظر السعوديين أقرب إليهم وأحسن تأويلاً .. مما ستفرزه الثورة السورية من ثمار ونتائج على المنطقة بعد سقوط الطاغية بشار الأسد وعصابته .. فهو على أقل أحواله يحقق للنظام السعودي وحلفائهم الأمريكان الاستقرار والهدوء على الجبهة الإسرائيلية .. كما يُساهم معهم في محاربة المسلمين تحت مسمى وزعم محاربة الإرهاب .. وهو ما لم يضمنوه بعد سقوط نظام آل الأسد !
كما أن النظام السعودي لا يرغب أن يوجد في المنطقة نظاماً أو نموذجاً أفضل منه .. ليبقى شعبه متمسكاً به على علاته، ومهما بدر منه .. في حال أجرى مقارنة بينه وبين الأنظمة الأخرى في المنطقة!
أنظمة الأرض كلها .. تغير من مواقفها صعوداً وهبوطاً .. تأييداً ومعارضة بحسب المستجدات والمصالح إلا النظام السعودي فإنه نظام خشبي متحجّر؛ إذا اتخذ موقفاً لا يغيره ولا يُبدله .. حتى لو كانت مصلحته تكمن في التغيير!
ولو سألنا حمير السياسة وتنابلها : أين تكمن المصلحة المادية قبل المعنوية منها .. في الوقوف مع الطغاة: القذافي، وبشار الأسد واللامبارك واللاصالح .. وغيرهم من الطغاة الظالمين .. أم مع شعوب المنطقة .. لأجابك من فوره بأن المصلحة كل المصلحة تكمن في الوقوف مع الشعوب .. بينما حكام وساسة النظام السعودي لأجابوك بأن المصلحة تكمن في الوقوف مع الطغاة الآنف ذكر أسمائهم!
يقوم النظام السعودي بمحاولة محمومة لضم الأردن، والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي .. على ما بين هاتين الدولتين ومجلس التعاون الخليجي من تباين في الجغرافيا والحدود، وكثير من عناصر ومقومات التوحد .. ونحن لسنا ضد توحد الأقطار العربية لو سلمت المقاصد .. وكان ذلك في خدمة الإسلام والمسلمين .. وإنما أراد النظام السعودي من وراء هذه الخطوة أن يحمي الأنظمة الملكية في المنطقة، والمرشحة لمواجهة ثورات شعبية من قبل شعوبها .. كما أراد أن يرسل رسالة لشعوب تلك البلدتين مفادها أن لا يفكروا بالثورة على حكامهم وأنظمة حكمهم لأن الثورة ضدهم هي ثورة ضد مجلس التعاون الخليجي .. وهذا ما لا تقدرون عليه .. فالنظام السعودي يعتبر سقوط الأنظمة المليكة الظالمة في المنطقة تحت وطأة ثورات شعوبها المظلومة .. هو سقوط لآخر حصون الدفاع المباشرة عن الملكية السعودية ونظامها .. وفيه إيذان بأفول الأنظمة الملكية الوراثية الظالمة من المنطقة .. لذا نراهم على عجلة من أمرهم يريدون أن يعقدوا هذه الوحدة المشار إليها أعلاه!
لذا فهو يتوجس ريبة من هذه الثورات التي تشهدها المنطقة .. ويُعاديها .. ويستعدي عليها .. والقول بأن النظام الأكثر عداوة للثورات وحركات التحرر من العبودية للعبيد التي تشهدها المنطقة هو النظام السعودي .. هو قول ليس بعيداً عن الصحة.
النظام السعودي يريد منا أن نجامله في الباطل .. وأن نشهد ـ للتاريخ والأجيال ـ شهادة زور وكذب .. فنضفي عليه ـ وعلى القائمين عليه ـ من المحامد وألقاب التفخيم والتبجيل ما ليس فيهم .. لكن ليس نحن الذي يفعل ذلك بإذن الله.
ـ رهانات خاطئة للنظام السعودي:
النظام السعودي يتصرف بكبر واستعلاء .. واستحقار للشعوب ومشاعرهم .. فهو لا يبالي لمشاعر شعبه المسلم الملتزم الأبي .. المتضامن مع قضايا المسلمين في العالم .. كما لا يبالي لمشاعر الشعوب الأخرى في المنطقة .. كما لا يبالي لغضبة الشعوب ولا لأي ردة فعل .. حيث يراهن على جملة من الأمور يرى فيها منجاته من أي ردة فعل ومن أي جهة جاءت:
منها: التلويح بالتهديد الرافضي الإيراني للمنطقة .. وأن أي مساس بالنظام السياسي للنظام السعودي .. سيكون لصالح إيران .. ولصالح تصدير التشيع والرفض في المنطقة وبخاصة الجزيرة العربية .. حتى أصبح الشعب السعودي .. ومعه كثير من شعوب المنطقة .. تحت هذا الهاجس والخوف .. يقبل بكل ضيم يأتي من طرف آل سعود .. على اعتبار أن الإنكار عليهم سيصب في صالح الروافض الأشرار .. فشر آل سعود مهما تعاظم .. لا يمكن أن يوازي شر الروافض الإيرانيين وعملائهم في المنطقة.
ومنها: رهانهم على وجود الحرمين الشريفين في مكة والمدينة ـ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ـ، ولما لهذين المكانين العظيمين من هيبة ورهبة وقيمة عليا في نفوس المسلمين ـ السعوديين وغير السعوديين ـ تمنعهم من الإنكار على آل سعود وعلى سياساتهم الظالمة الباطلة .. خشية أن يحصل نوع اضطراب فيُساء لهذين المكانين الشريفين .. أو خشية أن يُساء لعباد الله الذين يقصدون هذين البيتين العظيمين .. فآل سعود يدركون ذلك .. ويستغلون ذلك أسوأ استغلال!
ومنها: الرهان على كومة من شيوخ وعلماء السلطان .. قد جندوا أنفسهم وأقلامهم وفتاويهم للذود عن باطل وظلم آل سعود، ونظامهم الحاكم .. ورضوا لأنفسهم ـ مقابل فُتاتٍ يُرمى إليهم ـ أن يكونوا تلك المكانس التي تُكنس بها أوساخ وظلم وباطل آل سعود .. وبالتالي من يدخل في مواجهة مع النظام السعودي يعني بالضرورة سيدخل في مواجهة مع هؤلاء الشيوخ .. وبالتالي أحكام التكفير والتضليل والتفسيق ستكون جاهزة لكل من يتجرأ على نقد أو مواجهة نظام آل سعود .. وهذا مما يُخيف الشعب السعودي المسلم المحافظ الذي يجد في نفسه كل احترام وتوقير لأهل العلم.
النظام السعودي يُراهن على العناصر الثلاثة الآنفة الذكر ويعتمد عليها اعتماداً كلياً في تنفيذ سياساته التآمرية والخيانية .. وبسط نفوذه على شعبه .. المسلوب القرار والرأي والحرية .. إلا فيم يخص طعامه وشرابه، ولباسه!
وأنا أعترف أن هذه العناصر الثلاثة ـ وبخاصة منها الأولى والثانية ـ حقاً هي معتبرة ومخيفة .. ونراعيها أشد المراعاة .. تجعل أحدنا يُؤاثر الصمت في مواضع كثيرة .. حتى يخشى على نفسه أن يكون من جملة الشياطين الخرس!
ولكن في نفس الوقت أقول للنظام السعودي: لا تراهنوا كثيراً على هذه العناصر .. فتتمادوا في الظلم والبغي والعدوان .. واستحقار الشعوب .. ونصرة الطغاة الظالمين .. فتحملوا الناس على أن يفعلوا ما لا ينبغي ولا نريد!
لا تضعوا الشعوب المسلمة وبخاصة الشعب السعودي المسلم الأصيل في خيارات صعبة .. إما حياة الذل والخوف والعبودية والظلم .. وإما الدمار والخراب ـ كما فعل قبلكم كثير من الطغاة ـ فقد يختار في مرحلة من المراحل ـ تحت الضغط والإكراه ـ الدمار، ثم يعقبها بعد ذلك الإعمار بإذن الله .. والملام حينئذٍ أنتم لا الشعوب!
لا تضعوا الشعب السعودي المسلم بين خيارين لا بد له من أحدهما: إما الأمة الإسلامية ومصالحها .. وإما النظام السعودي ومصالحه .. فقد ينحاز الشعب السعودي يوماً جهاراً نهاراً إلى الأمة ومصالحها على النظام السعودي ومصالحه .. وتصبحون في خبر الطغاة الملعونين المطرودين .. والملام حينئذٍ  أنتم لا الشعوب !
واعلموا أن للبغي عواقبه الوخيمة في الدنيا قبل الآخرة .. وأن سنة الله تعالى قد مضت في الدول أن تقوم وتدوم بالعدل .. وأن تزول بالظلم والبغي، كما قال تعالى:( وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ ( الأنبياء:11. وقال تعالى:( فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ) الحج:45. وقال تعالى ) : وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ( الحج:48. وقال تعالى: ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ) الإسراء:16.
وفي الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" ما من ذنبٍ أحرى أن يُعجّلَ اللهُ لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يُدّخر له في الآخرة من قطيعة الرحم والبغي ".
" أبو بصير الطرطوسي "
6/10/1432 هـ. 3/9/2011 م.
-----------------------------------------------------------------------------------

 النظامُ السعودي .. ومناسكُ الحجِّ
بسم الله الرحمن الرحيم  الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده
       البلاء كقضاء وقدر .. نرضاه ولا نسخطه .. ونصبر عليه .. ونحتسب الأجر والمصاب عند الله تعالى .. لأنه حكم الله .. أما كأن يكون المخلوق سبباً في حصوله .. فهو يُحاسب ويُسَاءل .. ويُنكر عليه .. والساكت عليه معين له على باطله ومنكَره وعدوانه !
ما من عام في موسم الحج المبارك إلا ونُفجع بموت عشرات بل ومئات من المسلمين ممن يحجون بيت الله الحرام .. مرة بسبب الاختناقات .. ومرة بسبب الحرق .. ومرة بسبب التدافع والدهس بالأقدام .. كان آخرها هذا العام حيث توفي أكثر من مائتين وخمسين حاجاً عند منسك رمي الجمرات في منى .. دهساً تحت الأقدام .. هذا حسب الرواية الرسمية للنظام السعودي .. وهناك تقارير تقول أن عدد الضحايا أكثر من ذلك بكثير ..!
وفي كل مرة يكون المسؤول الأول والأخير عن هذه الأحداث المؤلمة .. هو الإهمال .. هو التقصير .. هو عدم الشعور بالمسؤولية .. هو النظام السعودي ذاته المستأمَن على رعاية وسلامة وأمن وراحة حجاج بيت الله الحرام !
       والذي حملنا على تحميل النظام السعودي كامل المسؤولية عما حدث .. هو تكرار الحوادث المؤلمة في كل عام وفي نفس الأماكن .. لأسباب فنية تنظيمية .. بشيء من التنظيم وحسن الإدارة والشعور بالمسؤولية الصادقة يمكن تفاديها بكل سهولة !
       لماذا في نهاية مباريات كأس العالم .. التي تقام في بلاد الغير .. يدخل الملعب الواحد أكثر من مليون شخص .. وفي يوم واحد .. ومن بوابة واحدة .. ويخرجون في نهاية المباراة من بوابة أخرى .. من دون أن يحصل شيء من تلك الكوارث المؤلمة التي تحصل للمسلمين عند أدائهم لمناسك الحج ..!
       أتكون ملاعبهم .. أكثر أمناً وتنظيماً ورعاية .. من أقدس بقعة على وجه الأرض عرفات وما حوله من مناسك وشعائر؟!
       قال وزير داخلية النظام السعودي ومعه بطانة السوء : السبب في حصول هذه الكوارث في مواسم الحج هم الحجاج أنفسهم .. بسبب تدافعهم .. وعدم تنظيمهم .. متملصاً وأولياءه من كل مسؤولية أو تبعية ؟!
       أقول : عدم تنظيمهم بسبب غياب المنظِّم والراعي الذي يسهر ويقلق على تنظيمهم .. وأما التدافع .. فإن الأرواح تخرج .. وتتلجلج في الصدور .. فماذا تراهم يفعلون .. أو يمكن لغيرهم أن يفعلوه .. وأرواحهم تخرج من أجسادهم .. وهم في مرحلة النزاع ؟!
       أين المداخل والمخارج الإجبارية التي تمنع الداخل من الحجاج لرمي الجمرات في منى أن يصطدم أو يواجه الخارج أو الخارج أن يواجه ويصطدم بالداخل ..؟!
       دولة اليابان بكاملها لا توجد فيها إشارة ضوئية واحدة لأن السائق مهما سار فلن يواجهه أو يُقاطعه أحد .. وبالتالي فهو لا يحتاج إلى التوقف .. فعلام النظام السعودي يتعاجز عن تنظيم بضعة كيلو مترات فقط على هذا النحو .. أم أن هذه الأمور مسؤول عنها حجاج بيت الله الحرام ؟!!
       قالوا وبشيء من المن والأذى والرياء والتفاخر عبر الأثير: توجد بعض الخدمات لحجاج بيت الله الحرام .. وما الطعام المعلب المهدى للحجاج ـ كهدية من خادم الحرمين الشريفين ـ عن مرآكم ومسامعكم ببعيد !
قلنا: هذا أمر لا ننكره ولا نجحده .. بل ونشكره .. ولكن هذه الخدمات قياساً لإمكانيات وقدرات ودخل الدولة السعودية .. وما يأتيها من دخل ومردود من حجاج بيت الله الحرام .. فهي لا شيء يُذكر .. فالدولة السعودية تملك من الإمكانيات والأموال أن تجعل ـ لو توفرت النية الصادقة المسؤولة ـ من جبل عرفة وما حوله من مناسك وشعائر .. جنة خضراء تتفجر فيها ـ بإذن الله ـ الينابيع والأنهار ..؟!
       علام قصور أمراء آل سعود الواسعة المرتفعة .. تتوفر فيها كل وسائل الخدمة والراحة والمتاع .. والتقنية .. إلى درجة الإسراف والتبذير .. والخيال .. بينما جبل عرفات وما حوله من مناسك وشعائر .. أرضاً قاحلة خالية من كل شيء .. إلا من بعض الشجيرات المنتشرة هنا أو هناك ..؟!  
       قالوا: أوعزت الحكومة بتشكيل لجنة .. تهتم بتطوير وتحسين مناسك وشعائر الحج .. وظروف الحج والحجاج .. ولكي تتفادى التقصير الحاصل !
       نقول لهم : لماذا الآن وحسب .. وقد مضى على رعاية النظام السعودي لمناسك وشعائر الحج أكثر من سبعين سنة .. وفي كل سنة تتكرر نفس المآسي لحجاج بيت الله الحرام ؟!
       هل فاتتكم مقولة الفاروق العادل عمر بن الخطاب رضى الله عنه : لو أن بغلة تعثرت في الطريق لخشيت أن يسألني الله عنها لماذا لم تعبد لها الطريق يا عمر ؟!
       فنحن لا نسألكم أن تُعبِّدوا الطرق للحيوانات .. وإن كنتم ستُسألون عن ذلك .. وإنما نسألكم أن تتقوا الله .. في ضيوف الرحمن .. حجاج بيت الله الحرام .. بحيث لا تتكرر هذه المآسي في كل عام من موسم الحج !
       إن نفدتم اليوم ـ يا حكام وأمراء السعودية ـ من مسائلة المخلوق .. وسكت ـ رهبة أو رغبة ـ عنكم وعن تفريطكم وتقصيركم علماؤكم ووعاظكم .. فلن تنفدوا غداً يوم القيامة من المحاسبة .. والمساءلة عن كل نفس بريئة من حجاج بيت الله الحرام .. تُزهق بسبب إهمالكم وتقصيركم !
       نراكم ونرى علماءكم وأبواقكم معكم ما إن يقتل علج من علوج الكفر على أيدي المجاهدين .. إلا وسرعان ما تُرفع الأصوات .. وتُعقد الندوات .. وتُسخَّر جميع وسائل إعلامكم للتنديد والتشهير .. بالإرهاب والإرهابيين !
       بينما عندما تقتلون المئات من حجاج بيت الله الحرام  ـ  بسبب تقصيركم وإهمالكم وعدم شعوركم بالمسؤولية  ـ  لا نجد أحداً منكم ولا من بطانتكم وعلمائكم .. من يتباكى أو يستنكر أو مجرد أن يسأل أو يتساءل .. لماذا وكيف قُتل هذا العدد الكبير من حجاج بيت الله الحرام؟!
       قتل وقتال الغزاة المعتدين .. عمل إرهابي .. يجب أن تتكاتف الجهود على محاربته واستئصاله .. وهو عمل تُنفَق في سبيل استئصاله مليارات الدولارات .. وتُعقد لأجله الندوات والمؤتمرات .. بينما قتلكم في كل عامٍ لمئات من الحجاج الآمنين .. ليس إرهاباً .. ولا عملاً إرهابياً .. وهو عمل بسيط ـ قضاء وقدر! ـ لا يستدعي منكم القلق أو الاهتمام!!
       يا حكام وأمراء السعودية .. لا جهاد .. ولا ولاء ولا براء في الله .. ولا حكم بما أنزل الله .. ولا قسمة بالسوية والعدل للثروة والأموال .. ولا سقاية ولا رعاية كافية للحج والحجاج .. فبمَ تدخلون الجنة .. وبمَ تلزمون الناس أن يعترفوا بشرعيتكم .. وشرعية حكمكم .. وأن يقدموا لكم الطاعة والولاء ؟!
       اتقوا الله .. وحاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا .. ويقع الندم ولات حين مندم ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ).     ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ).
       وبما يتعلق بضحايا الحج لهذا العام أرى أن تُدفع لأولياء كل واحد منهم الدية الشرعية للقتل شبه العمد .. من أموال الدولة والله تعالى أعلم . 
ابو بصير الطرطوسى / 1424/12/15 هـ - 2004/2/6 م                  
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 المناظرة مع العُبيكان حول
حكم النظام السعودي وشرعية الخروج عليه
بسم الله الرحمن الرحيم
توكلت على الله وهو حسبي ونعم الوكيل
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
اللهم ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطرَ السماوات والأرض عالمَ الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدنا لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم وبعد.
أقول لمخالفي عبد المحسن العبيكان : كذبت علينا مرتين: مرة لما قلت عنا ـ ظلماً وعدواناً ـ عبر وسائل الإعلام:" أن تذبذب الطرطوسي من خلال العودة والتراجع عن جل فتاواه في آنٍ واحد وفي فترة وجيزة لهو خير برهان على معاناته من مشكلة ما فالعالِم قد يعيد النظر بفتوى واحدة أو ببعض أقواله واجتهاداته أما أن يتراجع عن كل ما أفتى به فهي سابقة لم تحدث من قبل "ا- هـ. وقد تحديناك بأن تُثبت تراجعنا عن فتوى واحدة فقط قلناها ثم تراجعنا عنها .. وأنَّى لك ذلك .. فضلاً عن أن تقدر أن تُثبت أنني تراجعت عن جل فتاواي في آنٍ واحدٍ وفي فترة وجيزة .. كما زعمت وكذبت !
ومرة ثانية: لما تشبَّعت بما لم تُعطَ وبما ليس فيك .. وأبديت استعدادك على مناظرتنا في المكان والزمان الذي نرغبه وبالوسيلة التي تُلائمنا .. كما نقلت عنك جريدتك المفضلة " جريدة الشرق الأوسط " خضراء الدمن الكذوب .. ولما رتبنا لك المكان والزمان في منتدى السقيفة .. ومكثنا ننتظرك لأكثر من ثلاثة أيام .. لذت بالفرار .. وصمَتَّ صمت أهل القبور !
المسلم لا يكذب يا العبيكان .. فضلاً عن القاضي .. فضلاً عمن يعمل كعضوٍ في مجلس الشورى لدولة تدعي الإسلام وأنها تحكم بما أنزل الله!
فأنت مثلٌ سيئ .. ودليل من جملة عشرات الأدلة الدالة على فساد النظام والحكم الذي يأويك ويقربك ويحويك !
لكن لن ندعك تفر منتصراً .. ولا سالماً .. لذا أعددنا لك عملاً ووظيفة منزلية .. تجيب عنها
وأنت في منزلك .. ولك ـ إن شئت ـ أن تجمع جميع شيوخ وعلماء البلاط الملكي ـ ممن لا يرون رأينا ـ وتستعين بهم على حل هذه الوظيفة .. والإجابة عما ورد فيها من أسئلة وحقائق وعلوم .. ولو رأيت أن تستصحبها معك كورقة عمل إلى مجلس الشورى الذي تعمل فيه .. وتستعين بزملائك من أعضاء مجلس الشورى .. على الإجابة والورطة التي أوقعت نفسك فيها بنفسك  .. فإننا كذلك لا نمانع .. ولا أظنك وإياهم بقادرين على فعل شيء أو الإجابة عن شيء .. والزمن بيننا وبينكم!
       وإليك ما أعددناه لك ولمن معك من شيوخ وعلماء البلاط الملكي:
فأقول مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه: هذه المناظرة ـ كما هو متفق عليه ومُعلَن عنه ـ تقوم على محورين :
المحور الأول : حكم النظام السعودي وشرعية الخروج عليه.
المحور الثاني : شرعية الجهاد في العراق .
" المحور الأول من المناظرة : حكم النظام السعودي وشرعية الخروج عليه "
       أقول : حكم النظام السعودي هو الكفر والردة فهو نظام كافر مرتد خارج عن الإسلام وعن مبادئه رغم تظاهره وادعائه أنه خلاف ذلك فالنظام السعودي في وادٍ والإسلام في وادٍ آخر وذلك للأسباب التالية :
       أولاً : الحكم بغير ما أنزل الله : فهو نظام قد غير وبدل وشرَّع شرائع ما لم يأذن بها الله تعالى وحكم بغير ما أنزل الله وهذا كفر وظلم وفسوق كما قال تعالى:( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) . وقال تعالى:( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ). وقال تعالى:) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ  (المائدة:44-47.
       فهو نظام من جهة: أحل المكوس وفرض الضرائب وسن لها قوانين وشرائع .. وصرف لملوك وأمراء آل سعود وقصورهم وشهواتهم وأهوائهم .. ميزانية تعلو ميزانية مؤسسات الدولة والمجتمع .. وهذا كله يتم وفق أنظمة وقوانين وشرائع !
       من عائدات البترول فقط يستطيع النظام السعودي أن يصرف راتباً شهرياً على كل مواطن سعودي كان رجلاً أم امرأة أم طفلاً .. قدره " 30000 " ثلاثون ألف ريال .. ولكن الشعب السعودي لا يرى شيئاً من ذلك .. فبفضل سياسة النهب والسطو والفساد والخيانة التي ينتهجها النظام .. فقد غزا الناسَ الفقرُ والجوع .. حظهم من هذه الأموال الفُتات .. أما الحظ الأوفر من الأموال كلها تذهب لقصور الملوك والأمراء .. لتصرف على شهواتهم وأهوائهم وكمصاريف من أجل تثبيت عروشهم وملكهم وسياساتهم !
       المشكلة أن هذا الظلم والإجحاف يؤكدونه ـ وبكل وقاحة ـ كتشريع في دستورهم ( النظام الأساسي للحكم ) كما في المادة " 14 ": جميع الثروات التي أودعها الله في باطن الأرض أو في ظاهرها أو في المياه الإقليمية أو في النطاق البري والبحري الذي يمتد إليه اختصاص الدولة وجميع موارد تلك الثروات مُلك للدولة وفقاً لما بينه النظام. ويبين النظام وسائل استغلال هذه الثروات وحمايتها وتنميتها لما فيه مصلحة الدولة وأمنها واقتصادها ا- هـ.
فالقانون لم يُشر للشعب ولا للمجتمع ولا للمسلمين .. لا من قريب ولا من بعيد .. وإنما للدولة ولأمن الدولة فقط .. ومعلوم لدى الجميع ماذا تعني كلمة الدولة في النظام السعودي .. وفي عرف الساسة والحاكمين .. وعند الناس أجمعين .. فهي تعني العائلة الحاكمة المالكة فالدولة هي العائلة الحاكمة المالكة والعائلة الحاكمة المالكة هي الدولة .. التي لها الحق الدستوري ـ دون الشعوب ـ في استملاك ثروات البلاد الباطنة والظاهرة .. وأن تتصرف بها كيفما تشاء!
ولو أردنا أن نتتبع صلاحيات الملك كما هي منصوص عليها في دستور النظام السعودي .. لوجدنا أن الدولة كلها وصلاحياتها .. تعني الملك .. وفي يد الملك!
       ومن جهة: فقد أحلَّ النظامُ الربا ونَصبَ له بنوكاً يحميها ويحرسها بقوة القانون والحديد والنار فأعلنوا بذلك الحرب على الله ورسوله والله تعالى يقول:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) البقرة:278-279.
       قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسائله الشخصية ص60 : وكذلك " نكفر" من قام بسيفه دون هذه المشاهد التي يشرك بالله عندها وقاتل من أنكرها وسعى في إزالتها ا- هـ. لأن فعله دليل على رضاه بالكفر والشرك .. وإن لم يصرح بلسانه ما ينم عن ذلك.
       قلت: كذلك نكفر من أحل الربا ونصب له بنوكاً ومشاهد وقام بسيفه دونها يحميها يُقاتل من أنكرها وسعى في إزالتها.
       وكذلك نكفر من قام بسيفه وقوانينه وسجونه يمنع من تكفير الطواغيت الكافرين أو التشهير بهم أو الاقتراب منهم ومن أنظمتهم وراياتهم وسياساتهم الكفرية بسوء .. أو الدعاء عليهم .. كما تنص على ذلك قوانين وسياسات النظام السعودي .. تحت عنوان أنها دول وأنظمة صديقة! 
       ومن يتأمل القوانين والشرائع والأنظمة المعمول بها في النظام السعودي ذات العلاقة بالنظام التجاري والجمركي وأنظمة ضريبة الدخل ونظام البنوك ومراقبتها ونظام المطبوعات والنشر ونظام الجيش والخدمة العسكرية والنظام والشرائع المتعلقة بعلَم المملكة وأعلام الدول الأخرى ونظام التأمين ونظام أحكام الجنسية العربية السعودية .. وحتى نظام الزواج والأحوال الشخصية العنصري وأعني به نظام زواج السعودي أو السعودية ممن لا يحمل الجنسية السعودية .. يجد أن قوانين وشرائع الإسلام في وادٍ وشرائع وقوانين آل سعود ونظامهم في وادٍ آخر ومختلف!
       حتى الحدود الشرعية الجنائية فقد عطلوا العمل بها .. وقد سنوا مقابلها عقوبات وشرائع ما أنزل الله بها من سلطان!
       فالمجتمع السعودي يعج بالزنادقة والملحدين والمرتدين الذين يُجاهرون بعدائهم للإسلام والمسلمين .. ومع ذلك لا نعرف مرة أن النظام السعودي قد أقام حد الردة على أحد!
       فعلى سبيل المثال ـ لا الحصر ـ انظر ماذا يقولون في قانون العقوبات، كما في المادة "32": " لا يجوز للصحف نشر مقالات تدعو إلى التخريف والإلحاد ". وعقوبة ذلك كما في المادة" 52":" كل من يخالف المادة "32" يُعاقب مرتكب المخالفة بالحبس من أسبوع إلى شهر أو بغرامة نقدية مقدارها خمسمائة إلى ألف ريال سعودي "!
       فالذي ينشر مقالات تدعو إلى الكفر والإلحاد ـ كما في قوانين النظام السعودي ـ عقوبته لا تتعدى أكثر من حبس أسبوع إلى شهر، أو غرامة مالية مقدارها " 500 " ريال سعودي .. بينما حكمه في شرع الله هو حكم الشرع في المرتد الاستتابة فإن تاب وإلا قُتل كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:" من ارتد عن دينه فاقتلوه ".
       في المقابل من يُهين أي شعار أو علم لأي دولة من دول الكفر المحاربة للإسلام والمسلمين في الأرض ـ والمصنفة كدول صديقة للنظام السعودي ـ عقوبته كما في القانون السعودي:" حبس لمدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد عن ثلاثة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين "!
       الذي يعتدي على الخالق عز وجل .. ويتعرض له ولدينه بالإهانة .. ويدعو إلى الكفر والجحود والإلحاد ليفتن الناس عن دينهم .. عقوبته ـ كما في القانون السعودي ـ حبس لا تتعدى أكثر من أسبوع إلى شهر أو غرامة مالية مقدارها " 500 " ريال سعودي .. بينما من يتعرض بالإهانة لشعارات الكفر .. عقوبته أغلظ وأشد " حبس لمدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد عن ثلاثة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين "، أهكذا ـ يا قوم ـ يكون الحكم بما أنزل الله .. أن تجعلوا للكفر وشعاراته حرمة وقدسية تعلو حرمة الخالق عز وجل وحرمة دينه؟!!
تفشي ظاهرة الزنا واللواطة .. وقد ذكرت بعض الإحصائيات المختصة عن إصابة أكثر من ستة " 6000 " آلاف سعودي مصاب بمرض الإيدز .. كما وقد تناولت بعض وسائل الإعلام أخبار حفلات وأعراس تقام على أرض الجزيرة للُّوطيين من الشواذ .. ومع ذلك .. فالحدود معطلة .. والعقوبة البديلة سجن أو غرامة مالية .. وفي كثير من الأحيان بلا عقوبة .. وهذا من جملة الإصلاحات التي يتحرك لها النظام السعودي ـ تقرباً لأمريكا والغرب وطلباً لمرضاتهم ـ خطوة خطوة .. وحتى يُقال أن في السعودية نسبة معقولة لحرية المنكر وارتكاب الفواحش!  
       قالوا في الدستور السعودي ( النظام الأساسي للحكم ) كما في المادة " 32 ":" العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو نص نظامي ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي "!
       ويعنون بالنص النظامي؛ القوانين الوضعية المضاهية لشرع الله تعالى والتي هي من أهواء البشر وهذا من أصرح الأدلة على أن النظام السعودي يحكم البلاد والعباد بالقوانين الوضعية الباطلة في كثير من مجالات الحياة والمجتمع .. وفي قليل منها كالأحوال الشخصية وفق قوانين وأحكام الشريعة وحتى هذا الجانب فقد فرطوا بجانب كبير منه .. وعليهم ـ وعلى أمثالهم ـ ينطبق قوله تعالى:( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة:85.
       وحديثهم عن النصوص النظامية الوضعية .. والحكم بها .. يتضمن تصريحاً بأن الدين ناقص وعاجز لا يلبي حاجيات الدولة والمجتمع .. وبالتالي لا بد من الاستعانة بالقوانين النظامية الوضعية لسد العجز والنقص وهذا يتضمن رد وتكذيب قوله تعالى:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً ( المائدة:3. 
       وقوله صلى الله عليه وسلم :" ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم بهن وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم على النار إلا وقد نهيتكم عنه ".
       قال الصحابة: ما ترك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طائراً يقلب جناحيه في السماء إلا بين لنا منه علماً.
       بينما القائمون على النظام السعودي يقولون: لا القرآن لا يكفي وكذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم  لا تكفي .. وبالتالي لا بد لنا من أن نُحدث أنظمة وقوانين أخرى ليست موجودة في كتاب الله وسنة
نبيه .. ولا مستمدة منهما !
يوضح هذا المعنى أكثر قولهم في الدستور ( النظام الأساسي للحكم )  كما في المادة " 57 ": يعتبر نواب رئيس مجلس الوزراء، والوزراء الأعضاء بمجلس الوزراء مسؤولون بالتضامن أمام الملك عن تطبيق الشريعة الإسلامية والأنظمة والسياسة العامة للدولة "!
       فهناك ـ بنص الدستور السعودي ـ ثلاثة أشياء مختلفة فيما بينها ينبغي السهر على تنفيذها وتطبيقها : الشريعة الإسلامية والأنظمة والسياسة العامة للدولة .. وكل واحدة من هذه الأمور تختلف عن الأخرى بل وتغايرها !
       فأشركوا مع الشريعة الإسلامية الأنظمة والسياسة العامة .. والله تعالى يقول:( وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ) الكهف:26.
       نعم نحن نعترف للنظام السعودي بأنه لا يزال ملتزماً بتنفيذ حد الحرابة وبجدارة .. ولكن وللأسف يضع هذا الحد في المجاهدين الذين نهضوا للذود عن الأمة ودينها وحرماتها .. وفي كل من يُخالفه  أو يُعارضه .. وما هذه الآلاف من الشباب المسلم خلف القضبان الذين تغص بهم سجون آل سعود .. إلا جزء ممن يحكون هذه الحقيقة المرة .
       النظام السعودي ـ بمباركة حاشيته من مشايخ السوء ـ إذ تراه يُنزِل حد الحرابة في المسلمين من أبناء شعبه ـ بغير موجب شرعي ـ ومن دون أدنى تلكؤ أو تردد .. ومرضاة لأسيادهم وحماتهم في أمريكا ودول الغرب .. تراه من جهة أخرى يتسامح مع من قتل وفجَّر وتاجر بالخمور والمخدرات على أرض الجزيرة من غير المسلمين .. ويحظى بعفو ملكي خاص .. فالعفو الملكي فوق القضاء .. وفوق حكم الله .. وفوق حد الحرابة!
       كل ملل الكفر والإلحاد والزندقة في الأرض سلِمت وأمِنَت النظام السعودي .. إلا فتية آمنوا بربهم .. نهضوا للذود عن الأمة ودينها وحرماتها وثرواتها .. فهؤلاء غير آمنين عند النظام السعودي فليس لهم عند النظام إلا السيف الأملح .. وحد الحرابة !!
       ثم هم بعد كل ذلك يزعمون زوراً وكذباً ـ وبكل وقاحة ـ أنهم يحكمون بما أنزل الله .. ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً ).
       ثانياً: التحاكم إلى غير شرع الله: إضافة إلى ما تقدم فالنظام السعودي يقوم على مبدأ التحاكم إلى غير شرع الله في كثير من مجالات الحكم والسياسة والحياة .. يظهر ذلك جلياً في تحاكمه إلى شرائع وقوانين ميثاق الأمم المتحدة .. واعتزازه لكونه أحد الأعضاء المؤسسين لهيئة الأمم المتحدة كما ورد ذلك في بيانهم المنشور بتاريخ 9/12/2004 تحت عنوان " السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية " والذي حددوا فيه معالم وأهداف السياسة الخارجية السعودية حيث قالوا:" وتعتز المملكة العربية السعودية بكونها أحد الأعضاء المؤسسين لهيئة الأمم المتحدة في عام 1945م انطلاقاً من إيمان المملكة العميق بأن السلام العالمي هدفاً من أهداف السياسة الخارجية .. وإيماناً من المملكة العربية السعودية بأهمية الدور الذي تلعبه هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والمنظمات الدولية عموماً في سبيل رقي وازدهار المجتمع الدولي في كافة المجالات وفي مقدمتها الأمن والسلم الدوليين فقد انضمت المملكة إلى كل هذه المنظمات وحرصت على دعم هذه المنظومة الدولية بكل الوسائل والسبل المادية والمعنوية والمشاركة الفاعلة في أنشطتها .. ويُمكن القول أن السياسة الخارجية السعودية في المجال الدولي تستند على أسس ومبادئ مستقرة وواضحة ومنها : حرص المملكة على التفاعل مع المجتمع الدولي من خلال التزامها بميثاق الأمم المتحدة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية المنضمة إليها وقواعد القانون الدولي التي تحدد إطار السلوك العام للدول والمجتمعات المتحضرة "ا- هـ.
       يعني هذا الكلام المنقول عن النظام السعودي أعلاه أموراً عدة :
       منها : أن النظام السعودي يقر وبكل وضوح بتحاكمه لقوانين الكفر والشرك الممثلة في ميثاق الأمم المتحدة وغيرها من قوانين المنظمات الدولية .. وما أكثر الكفر والجحود في تلك القوانين والمواثيق لو أردنا أن نشير إليها أو نعنيها بالذكر!
       ومنها : أن النظام السعودي ليس فقط راضٍ بالكفر والشرك ـ الممثل في ميثاق الأمم المتحدة وقوانين المنظمات الدولية المتفرعة عنها والتي تصب في خدمة قوى الكفر والظلم والاستكبار العالمي والصهيوني ـ والرضى بالكفر كفر .. بل هو تعدى ذلك لأن يكون من المؤسسين له الملتزمين به والداعمين له بجميع الوسائل والسبل المادية والمعنوية .. وهو ليس فقط  يقر الكفر ويرضى به .. بل ويعتز به!
       ومنها: إقرار النظام السعودي ـ وبكل وقاحة ووضوح ـ أن مواثيق الأمم المتحدة وقوانينها الكافرة هي التي تصنع وتناسب المجتمعات والدول المتحضرة .. وهذا معناها أن الإسلام بشرائعه الربانية لا يصلح للمجتمعات والدول المتحضرة .. ولا يُمكن أن يحدد إطار السلوك العام للدول والمجتمعات المتحضرة!!
       أتريدون كفراً يعلو هذا الكفر .. وجحوداً يعلو هذا الجحود؟!
       قال تعالى:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً ) النساء:60. فاعتبر الخالق عز وجل إيمانهم زعماً وكذباً لا حقيقة له ولا وجود لمجرد كونهم عدلوا عن حكم الله تعالى وأرادوا التحاكم إلى الطاغوت وشرائعه.
قال الشوكاني في التفسير 1/481: فيه تعجيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حال هؤلاء الذين ادعوا لأنفسهم أنهم قد جمعوا بين الإيمان بما أنزل على رسول الله وهو القرآن وما أنزل على من قبله من الأنبياء فجاؤوا بما ينقض عليهم هذه الدعوى ويبطلها من أصلها ويوضح أنهم ليسوا على شيء من ذلك أصلاً وهو إرادتهم التحاكم إلى الطاغوت وقد أمروا فيما أنزل على رسول الله وعلى من قبله أن يكفروا به ا- هـ.
قال محمد بن إبراهيم آل الشيخ في رسالته القيمة " تحكيم القوانين ": فإن قوله عز وجل ) يزعمون )  تكذيب لهم فيما ادعوه من الإيمان فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مع الإيمان في قلب عبد أصلاً بل الإيمان ينافي الآخر ا- هـ.
 وكذلك قوله تعالى:( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء:65.
قال ابن تيمية في الفتاوى 28/471: فكل من خرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته فقد أقسم الله بنفسه المقدسة أنه لا يؤمن حتى يرضى بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع ما شجر بينهم من أمور الدين والدنيا وحتى لا يبقى في قلوبهم حرج من حكمه ودلائل القرآن على هذا الأصل كثيرة ا- هـ. 
وقال تلميذه ابن القيم في التبيان، ص270: أقسم سبحانه بنفسه المقدسة قسماً مؤكداً بالنفي قبله عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول والفروع وأحكام الشرع وأحكام المعاد وسائر الصفات وغيرها ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحاكم حتى ينتفي عنهم الحرج وهو ضيق الصدر وتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح وتنفسح له كل الانفساح وتقبله كل القبول ولم يثبت لهم الإيمان بذلك أيضاً حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضى والتسليم وعدم المنازعة وانتفاء المعارضة والاعتراض ا- هـ.
 وكذلك قوله تعالى:( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) النساء:59. 
قال ابن القيم في الأعلام 1/50: جعل هذا الرد من موجبات الإيمان ولوازمه فإذا انتفى هذا الرد انتفى الإيمان ضرورة انتفاء الملزوم لانتفاء الآخر ا- هـ.
وكذلك قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ) محمد:25-26. فهؤلاء كفروا وارتدوا على أدبارهم بعد أن عرفوا الحق وتبين لهم بسبب أنهم ( قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) فما بالك فى من يقول لهم: بل نطيعكم في كل الأمر .. ونشارككم فيه .. ونؤيدكم عليه .. وندعمكم بجميع الوسائل المادية والمعنوية .. كما فعل ولا يزال يفعل النظام السعودي مع الذين كرهوا ما نزل الله من الدين والشرائع .. لا شكَّ أنه أول بالكفر والارتداد عن الدين!
ومن جملة الأقوال والأفعال كذلك التي تدل على تحاكم النظام السعودي إلى الطاغوت .. وشرائع الطاغوت قولهم في " النظام الأساسي لهيئة تسوية المنازعات " لمجلس التعاون لدول الخليج العربي كما في المادة " 9 ": تصدر الهيئة توصياتها أو فتاواها وفقاً لأحكام النظام الأساسي لمجلس التعاون، والقانون والعرف الدوليين ومبادئ الشريعة الإسلامية .. ا- هـ.
الله تعالى يقول:( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ). بينما النظام السعودي يقول: لا  بل نتحاكم أولاً للنظام الأساسي لمجلس التعاون ومن ثم ثانياً إلى القانون والعرف الدوليين ثم بعد ذلك ـ وفي الأخير ـ إلى الشريعة الإسلامية ..!
وكذلك قول عضو مجلس الشورى ورئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية الدكتور عبد بن صالح العبيد في مقابلة له مع قناة العربية في برنامج إضاءات فقال:" الجمعية الوطنية في المملكة العربية السعودية أنشئت وفقاً لمبادئ باريس التي سيقوم عليها إنشاء الجمعيات الوطنية في مختلف أنحاء العالم .. نعم الجمعية تحتكم إلى ضوابط حقوق الإنسان التي أقرتها الجمعية العامة للمم المتحدة وتبنتها جمعيات حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم .. مبادئ باريس هذه تبنتها الأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة هي التي تعمل على تنفيذها ونسقنا مع الجمعية العاملة للأمم مع لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قبل أن ننشئ هذه الجمعية وعرضنا عليهم هذا النظام .. عندما انتهى عملي في الرابطة تم الاتصال بي من قبل الدولة وقيل لي: هل لديك استعداد لأن تنشئ جمعية أهلية لحقوق الإنسان؟ فكان أنه إذا كانت على مبادئ باريس فأنا مستعد للعمل .. إذا كانت على هذه الأسس فبالفعل هي لا ينبغي أن تنشأ إلا على هذه الأسس .. وبالتالي تم عرض الأسماء ـ أسماء مؤسسي الجمعية ـ ووافقت الدولة على هذه الأسماء .. أيضاً بالنسبة لهذه الأسماء تم التشاور فيها مع الجهات المعنية: وزارة العدل بالدرجة الأولى، وزارة الداخلية التي هي الجهة التنفيذية بالدرجة الثانية ووزارة الخارجية بالدرجة الثالثة .. أنشئت هذه الجمعية بموافقة سامية .. مثل جمعية حقوق الإنسان ما فيه مرجعية لها ترجع إليها سوى رأس الدولة وهو الملك ولهذا أعطى الملك الإذن فكان النص هو أن لا بأس من قيامكم بهذا العمل .. "ا- هـ.
ففي هذه العبارات المنقولة من كلام المذكور أعلاه يتلخص أمران جليان أولهما: قيام هذه الجمعية السعودية لحقوق الإنسان على مبادئ وشرائع مبادئ باريس الكفرية وليس على مبادئ وشرائع الإسلام السمحة وهذا عدول صريح عن التحاكم إلى شرع الله تعالى إلى التحاكم إلى شرائع الطاغوت وتفضيل صريح لها على شرائع الإسلام ذات العلاقة بحقوق الإنسان .. وهذا كفر بواح لا يشك فيه إلا من أعمى الله بصره وبصيرته وقد تقدم ذكر الأدلة على ذلك.
ثانيهما: أن هذه الجمعية القائمة على الكفر والتحاكم إلى الكفر إنما وجدت وقامت بإذن وموافقة الملك ومؤسسات حكومته كوزارة العدل والداخلية والخارجية .. أي أن هذا الكفر يتحمل مسؤوليته وتبعاته بالدرجة الأولى النظام السعودي والفئة الحاكمة المتسلطة فيه إذ لولاهم لما قام وأنشئ هذا الصرح من الكفر البواح!
وكذلك قولهم كما في الدستور السعودي ( النظام الأساسي للحكم )، تحت المادة " 48 ":" تُطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة " ا- هـ. 
دلت هذه المادة من الدستور جملة من الأمور:
منها: أن الملك ـ على جهله ـ جعل من نفسه نداً للخالق عز وجل  يُشرع ويسن القوانين والأنظمة .. كما أن الله تعالى يُشرع والله تعالى يقول:(  وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ).
ومنها: أن على المحاكم والقضاة أن يحكموا ويحتكموا ـ في حل المنازعات والمشاكل التي تُرفع إليهم ـ إلى شريعة وقوانين وأنظمة الملك كما يحتكمون إلى الشريعة الإسلامية.
وهذا منافٍ لقوله تعالى:( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) الشورى:10. ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ ) نكرة تفيد العموم أي شيء .. كان أمراً دينياً أم دنيوياً ( َحُكْمُه ) حصراً وقصراً ( إِلَى اللَّهِ ) أي إلى شرع الله تعالى .. لا شرع ما سواه من البشر!
ومنها: أن الشريعة الإسلامية تتسم بالقصور فهي لا تكفي لحل المنازعات والمشاكل التي تُرفع للقضاء وبالتالي لا بد من الاستعانة بشريعة وأنظمة الملِك!
فإن قيل: ولكن قيدت شريعة الملك بقيد وهو أن لا تتعارض مع الكتاب والسنة؟!
أقول: وهذا من التلبيس على الناس وتضليلهم، يظهر ذلك من أوجه :
منها: أن كثيراً من شرائع الملك وأنظمته ـ كما تقدم معنا ـ تتعارض مع الكتاب والسنة ومع ذلك فشرائعه وأنظمته نافذة ومُطبقة.
ومنها: لم نعتد أن نسمع من حاشية الملك المقربين له سواء الذين يسمون أنفسهم بأعضاء مجلس الشورى ـ الذي لا يحق لأحدهم أن يتكلم في الموضوع الواحد لأكثر من عشر دقائق! ـ  أو ممن يُحسبون على العلم وأهله .. أنهم مرة قالوا لقانون واحد من قوانين الملك وأنظمته .. هذا خطأ يتعارض مع الكتاب والسنة والصواب كذا وكذا .. وإنما يأتي الحديث دائماً طاعة ولي الأمر واجبة ومعارضته أو مخالفته فتنة .. والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها!
حصل مرة واحدة في تاريخ الدولة السعودية أن خرج بعض أهل العلم عن قاعدة الصمت .. وقاعدة الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها المعمول بهما .. وتوجهوا بمذكرة نصيحة للملك .. وبينوا خطأ بعض قوانينه وأنظمته المعمول بها .. فكان جزاؤهم السجن .. والطرد من وظائفهم وأعمالهم .. كما هو معلوم للجميع!
ومنها: من السياسات المتبعة في النظام السعودي .. أن على العلماء أن يكون هواهم ـ عند الاختلاف ـ تبعاً لهوى الملك .. وعائلته المالكة الحاكمة .. وليس العكس .. وأيما عالم يخرج عن هذه القاعدة ويُعرف عنه نوع معارضة أو مخالفة لهوى الملك .. يُنبذ .. ويُحاصَر .. ويُطرد .. وتُثار حوله الشبهات .. وتمنع عنه كثير من الخصائص والمنح التي تُعطى لمن يكون هواه تبعاً لهوى الملك في كل شيء .. وفي كثير من الأحيان تصل المعاملة إلى حد الاعتقال والتغييب في السجون كما حصل لعدد من علماء الجزيرة نسأل الله تعالى أن يفك أسرهم وأسر جميع المسلمين ! 
هذا الذي نقوله ليس مجرد ظن أو تكهن .. بل هو واقع ملموس .. تصدقه قوانين وأنظمة الدولة السعودية ذاتها؛ فانظروا مثلاً ماذا يقولون في الدستور السعودي ( النظام الأساسي للحكم )، تحت المادة " 44 ": تتكون السلطات في الدولة من: السلطة القضائية السلطة التنفيذية السلطة التنظيمية وتتعاون هذه السلطات في أداء وظائفها وفقاً لهذا النظام وغيره من الأنظمة والملك هو مرجع هذه السلطات "ا- هـ. فمجموع هذه السلطات مرجعيتها الملك وأهواء ورغبات الملك وقانون وشريعة الملك .. ولو أجمعت كلها على قول بخلاف قول الملك .. فالقول المقدم الذي يجب أن ينفذ ويُعمل به هو قول الملِك!
لذا أعود وأقول: قولهم ما " لا تتعارض مع الكتاب والسنة " هو من قبيل التلبيس والتضليل .. لكي يمرروا باطل الملك على الناس .. وحتى لا تُقال الحقيقة بأن الملك طاغوت قد جعل من نفسه نداً ومشرعاً مع الله!
هل تريدون أن أزيدكم ...؟!
ينص ميثاق جامعة الدول العربية ـ الذي يُعتبر النظام السعودي من مؤسسيه ومن الدعاة إليه ومن أبرز الأعضاء الأوائل الذين عملوا على إنشاء جامعة العربية ـ تحت المادة " 8 ":" تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها "ا- هـ.
وهذا يلزم من النظام السعودي ولا بد ـ كما يلزم غيره من الأنظمة الموقعة ـ بأن يحترم أنظمة الكفر والإلحاد التي تحكم بها بقية أعضاء ودول الجامعة العربية .. وأن يعتبر هذا الكفر والزندقة حقاً سيادياً من حقوق تلك الدولة لا يجوز المساس به .. ولا الاعتداء عليها بسبب نظامها الكفري .. بل يتعهد بأن لا يقوم نحوها بأي عمل عدواني .. مهما كان نظام الحكم فيها قائم على الكفر والإلحاد، والجور ومحاربة الله ورسوله والمؤمنين!
وهذا معناه لو أن مسيلمة الكذاب كان حياً بين أظهرهم .. لما جاز تغييره ولا الإنكار عليه .. بل يجب الاعتراف به واحترامه .. واحترام حكمه وكفره ودولته؟!
أتريدون كفراً يعلو هذا الكفر ...؟!
ثالثاً: موالاة الكافرين ومظاهرتهم على الإسلام والمسلمين: من المآخذ المكفرة التي تؤخذ على النظام السعودي .. مظاهرته الظاهرة للكافرين المشركين والزنادقة الملحدين .. على الإسلام والمسلمين.
لا يخفى على أحدٍ دور النظام السعودي الداعم والمؤيد .. بكل ما يعني معنى الدعم والتأييد .. لأمريكا في غزوها لأفغانستان والعراق .. وحربها الصليبية المعلنة على الإسلام والمسلمين بزعم محاربة ومطاردة الإرهاب .. زعموا!
أرض .. وسماء .. وثروات وخيرات السعودية .. لأمريكا وحربها الصليبية فداء .. بهذا ينطق لسان المقال والحال للنظام السعودي!
خبر واحد فقط ـ كما تناقلته وكالات الأنباء ـ يقول:" الرياض تحمل إلى واشنطن مشاريع بـ " 600 " مليار دولار "، وذلك خلال زيارة الملك عبد الله الأخيرة لما كان لا يزال ولياً للعهد .. هذا المبلغ يُمكِّن أمريكا من أن تخوض عشرة حروب ضد الأمة كحربها ضد أفغانستان والعراق .. فتأملوا الكرم الحاتمي السعودي .. وبأي مالٍ تُذبح الأمة .. إنها تُذبح بمالها على يد هؤلاء الخونة المجرمين!!
ألم يضخ النظام بترول وثروات البلاد ـ عصب الحياة ـ لأمريكا وغيرها من دول الكفر والظلم والاستكبار المحاربة للإسلام والمسلمين .. وبثمن بخس وفي كثير من الأحيان بلا ثمن؟!!
لا أظن أننا نحتاج لأن نخرج أدلتنا ووثائقنا التي تدل وتُثبت صحة ما ذكرناه عن النظام السعودي أعلاه .. ولا أظن أن مخالفنا يتجرأ على إنكار ذلك!
آتوني بكفر في الأرض لم ينصره النظام السعودي على الإسلام والمسلمين ..؟!
ألم ينصر النظام السعودي روسيا الشيوعية الصليبية .. على المسلمين المجاهدين في الشيشان .. ويمنح روسيا عدة مليارات من الدولارات لتتقوى بها في حربها ضد المسلمين في الشيشان؟!
ألم يصل به الخذلان حداً .. أن يصدر النظام تعليمات لأئمة المساجد بأن يتوقفوا حتى عن الدعاء للمسلمين والمجاهدين في الشيشان .. مرضاة لروسيا .. ومكافأة لها لأنها بدأت تسير في ركاب أمريكا ودول الغرب!
ألم ينصر الصليبي " جون كرن " وجماعته في جنوب السودان .. على المسلمين في شمال البلاد؟!
ألم ينصر الشيوعيين الملحدين ونظامهم في جنوب اليمن .. على المسلمين في شمال البلاد؟!
ألم يمد موارنة نصارى لبنان ـ أيام الحرب الطائفية ـ بالسلاح والمال!
بل ألم يمد الصهاينة اليهود ودولتهم .. بالبترول .. وأسباب القوة والحياة .. عن طريق أمريكا راعية الكفر والصهاينة اليهود .. وفي كثير من الأحيان ـ تحت الكواليس ـ بشكل مباشر؟!
انظروا كيف يلعب النظام السعودي دور كلب الحراسة الوفي على حدوده الممتدة والمجاورة لحدود العراق .. يُطارد المجاهدين ويُلاحقهم .. يُقاتلهم ويقتلهم .. ويسجنهم .. ليمنعهم من أن يُجاهدوا الغزاة الصليبيين أو يقدموا أي عونٍ لإخوانهم المسلمين في العراق .. مما حمل ولي أمرهم " جورج بوش " راعي الكفر والإرهاب العالميين .. بأن يثني خيراً على دور النظام السعودي في مكافحة الإرهاب والإرهابيين .. كما يزعمون .. ويعبر عن رضاه وارتياحه عما يبذله حكام النظام السعودي من جهد كبير في هذا الصدد!
آتوني بنظام من أنظمة الكفر والردة في البلاد العربية .. المتفق على ردتها وكفرها ..  لم يدخل النظام السعودي في موالاته ونصرته ودعمه على المسلمين من أهل تلك البلاد والدول؟!
حتى النظام السوري النصيري البعثي ـ الذي لا ينبغي أن يشك في كفره اثنان ـ  كان الملك عبد الله ـ أيام  كان ولياً للعهد ـ يدفع لرفعت الأسد صاحب مجزرتي حماه وتدمر خمسة ملايين دولار كل شهرٍ، كما ورد ذلك في كتاب وزير الدفاع السوري مصطفى طلاس المسمى بـ " ثلاثة أشهر هزَّت سورية " حيث قال فيه: أن الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي وقائد الحرس الوطني كان يدفع لرفعت الأسد شهرياً خمسة ملايين دولار ا- هـ. هذه مجرد هبة شخصية لفرد من أزلام وأركان النظام النصيري .. أما الهبات والمنح والعطايا التي كانت تُقدم للنظام النصيري لا يعلم قدرها إلا الله .. فبأموال النظام السعودي .. كان النظام النصيري البعثي في سورية يذبح المسلمين في سورية ويجري عليهم مجازره ومذابحه!
ولما هلك طاغية الشام .. النصيري حافظ الأسد .. كان الملك عبد الله بن عبد العزيز من أوائل من زار دمشق مع وزيري خارجية أمريكا وبريطانيا .. ليقدم لورثة الطاغية في الحكم ـ بشار الأسد، ونظامه البعثي النصيري الطائفي ـ التعزية .. وكامل التأييد والدعم والموالاة!
حتى النظام الليبي الذي يظهر أنه على نوع خلاف مع النظام السعودي .. ومع ذلك فقد قام النظام السعودي بتسليم أكثر من خمسين عائلة من العوائل الليبية التي فرت بدينها .. وقصدت الحرمين الشريفين للعمرة والحج .. حيث ظنوا أنهم سيجدون الأمن والأمان .. إلا أن النظام السعودي يأبى إلا أن يغدر ويخون .. ويخيب ظنهم بأمان الحرمين .. فيعتقلهم ويسلمهم لطاغوت وجزار ليبيا .. مع علم النظام السعودي المسبق أن هؤلاء الإخوان سيعذبون على يد جلادي القذافي .. وربما يلقون القتل والموت .. والخبر منشور ومعلوم للجميع!
أي موالاة للكفر والإجرام يعلو هذه الموالاة والمظاهرة ..؟!
سَلِمَت من النظام السعودي كل قوى الكفر والشرك .. لكن لم يسلم منه المجاهدون المسلمون .. حتى الجمعيات الخيرية ـ التي تسعى في إغاثة الفقراء والمستضعفين في الأرض ـ لم تسلم من شرِّ النظام السعودي .. استجابة لرغبات أمريكا راعية الكفر والإرهاب .. وطلباً لمرضاتها .. اقرأوا هذا الخبر إن شئتم، الذي نشر تحت عنوان:" إجراءات أميركية سعودية مشتركة ضد جمعية الحرمين الشريفين "، بزعم مكافحة الإرهاب والإرهابيين .. بينما الجمعيات الإرهابية بحق التي تسعى لأهداف وغايات التبشير والتنصير .. والفتنة بين المسلمين .. وغايات ومصالح الصهاينة اليهود في العالم .. تُعطى كامل الحرية والتفويض في أن تفعل ما تشاء .. ولا يجرؤ أحد على مساءلتها أو محاسبتها! 
الأمثلة أكثر من أن تُحصر التي تُثبت غضب النظام السعودي من أجل أمريكا .. وعيون أمريكا .. ومصالح وسياسة أمريكا .. بينما أتحدى مخالفنا أن يُثبت ولو مرة واحدة بأن النظام السعودي .. قد وقف مرة واحدة غضباً لله تعالى .. وغضباً لحرماته التي تُنتهك .. وما أكثر ما تُنتهك حرمات الإسلام والمسلمين في الأرض .. في زمن حكم آل سعود .. وأمثال آل سعود من طواغيت العرب المجرمين!
انظروا شرقاً وغرباً .. وحدقوا في كل موضع تُنتهك فيه حرمات الله .. ثم انظروا أين منه موقف النظام السعودي؟!
بل حتى كتاب الله تعالى ـ الذي يكثر النظام السعودي من طباعته! ـ ألم تعتدي عليه القوات الأمريكية في سجون جوانتنامو .. وفي سجن " أبو غريب " .. وفي سجون أفغانستان وغيرها .. وبطريقة تقشعر منها الأبدان .. فماذا كان موقف النظام السعودي .. وموقف الملك .. وموقف حاشيته .. لا شيء لأن المعتدين هم أولياؤهم وحماتهم الأمريكان!
فإذا كان كتاب الله تعالى .. لا يغضب له النظام السعودي .. ولا يحرك له ساكناً .. فماذا نتوقع أن يغضب له النظام السعودي من حرمات الله؟!!
فإن قيل: علِمنا بأن النظام السعودي قد ظاهر الكافرين المشركين على الإسلام والمسلمين ـ ولا بد لمخالفنا من أن يُسلِّم بذلك ـ ولكن أين الدليل على أن من يُظاهر الكافرين على المسلمين يُعد كافراً في دين الله؟!
أقول: الأدلة أكثر من أن تُحصر في هذا الموضع، منها قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )المائدة:51.
قال القرطبي في التفسير:( فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) بين تعالى أن حكمه كحكمهم وهو يمنع الميراث للمسلم من المرتد .. وجبت معاداته كما وجبت معاداتهم ووجبت له النار كما وجبت لهم فصار منهم أي من أصحابهم ا- هـ.
وقال ابن حزم في المحلى 12/33: وصح أن قول الله تعالى:( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين ا- هـ.
ومن جملة نواقض الإسلام العشرة التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتبه: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين واستدل بقوله تعالى:( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ).
وكذلك قوله تعالى:( تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) المائدة:80-81.      أي لو صدقوا في زعمهم أنهم مؤمنون وأنهم آمنوا بالله والنبي وما أنزل إليه من الحق لما اتخذوا الكافرين أولياء .. ولمَّا اتخذوهم أولياء دل على كذب ادعائهم ـ بلسانهم ـ  أنهم يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه..!
قال ابن تيمية رحمه الله: فبين سبحانه الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه ملتزم بعدم ولايتهم فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم.[ مجموعة التوحيد:259 ].
وكذلك قوله تعالى:( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) آل عمران:28.  
قال ابن جرير الطبري في التفسير:( فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ) يعني بذلك فقد برئ من الله وبرئ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر ا- هـ.
وكذلك قوله تعالى) : أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً ( الكهف:102. 
وهذا سؤال تقريعي يفيد الاستنكار والتعجب أي أيحسب الكفار أنه يقدرون أن يتخذوا عباد الله المؤمنين من دون الله أولياء .. فهذا لا يمكن أن يقع .. ولو وقع لزم خروج من اتخذوهم أولياء من دائرة عباد الله المؤمنين .. لأن عباد الله المؤمنين ـ بنص كلام الله ـ لا يمكن أن يتخذوهم أولياء!
والقول بإمكانية أن يجمع العبد بين الإيمان وبين اتخاذ الكافرين أولياء .. من لوازمه تكذيب القرآن ورد هذا النص الصريح الذي يفيد أن الكافر لا يمكنه أن يتخذ المؤمن من دون الله ولياً ..
ولو استطاع وتمكن من فعل ذلك فهو في حقيقته يتخذ ولياً كافراً مثله .. وليس مؤمناً. 
ومن جملة ما يدخل في مظاهرة المشركين التي تخرج صاحبها من الملة ما قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأحفاده: أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن وهو ليس في سلطانهم وإنما حمله على ذلك إما طمع في رئاسة أو مالٍ أو مشحةٍ بوطنٍ أو عيالٍ أو خوف مما يحدث في المال فإنه في هذه الحال يكون مرتداً ولا تنفعه كراهته لهم في الباطن وهو ممن قال الله فيهم:( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) [ مجموعة التوحيد:296 ].
وقال الشيخ سليمان آل الشيخ في رسالته القيمة " أوثق عرى الإيمان ": من يشير بكف المسلمين عنهم ـ أي عن أهل الكفر والشرك ـ إن كان المراد به أن لا يتعرض المسلمون لهم بشيء لا بقتال ولا نكال وإغلاظ ونحو ذلك فهو من أعظم أعوانهم وقد حصلت له موالاتهم مع بعد الديار وتباعد الأقطار ا- هـ. والنظام السعودي قد تعدى هذا الوصف .. وبلغت به الموالاة مبلغاً أن شارك الكفار المجرمين القتال ضد المسلمين.  
       وقال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ في الرسائل المفيدة، 64: وأكبر ذنب وأضله وأعظمه منافاة لأصل الإسلام نصرة أعداء الله ومعاونتهم والسعي فيما يظهر به دينهم وما هم عليه من التعطيل والشرك والموبقات العظام وكذلك انشراح الصدر لهم وطاعتهم والثناء عليهم ومدح من دخل تحت أمرهم وانتظم في سلكهم وكذلك ترك جهادهم ومسالمتهم وعقد الأخوة والطاعة لهم ا- هـ. وهذه صفات كلها قد وقع فيه النظام السعودي وقوعاً صريحاً ودخل فيها دخولاً كلياً .. كما ذُكر ذلك أعلاه!
       وقبل أن أختم الحديث عن هذا الناقض من نواقض الإسلام الذي تلبث فيه النظام السعودي ووقع فيه وقوعاً كلياً .. أود أن أشير إلى أنه لا ينبغي ـ في هذا الموضع ـ إقحام الحديث عن الموالاة الصغرى، أو الموالاة دون موالاة التي لا تُخرج صاحبها من الملة .. لأن ما بين النظام السعودي وبين هذا النوع من الموالاة بُعْد ما بين السماء والأرض وبالتالي فإن إقحام الحديث عن هذا النوع من الموالاة  يُعد من قبيل التلبيس والتضليل وحمل الأدلة على غير واقعها التي تنطبق عليه.
       رابعاً: علمانية وعنصرية النظام السعودي: فهو نظام يُغيب في المجتمع عقيدة الولاء والبراء في الله وعلى أساس الانتماء للعقيدة والتوحيد أي أنه يعقد ـ بين مواطنيه ـ الموالاة والمعاداة والحقوق والواجبات على أساس الانتماء الوطني للحدود الجغرافية للدولة السعودية فمن كان ينتمي للوطن السعودي وحدوده ولو كان من أكفر وأفجر وأفسق الناس له كامل الموالاة والحقوق والواجبات .. ومن لم يكن ينتمي للوطن السعودي وحدوده الجغرافية الضيقة ويحمل جنسيته .. فليس له ما لذلك الكافر الفاجر الفاسق من الموالاة والحقوق .. ولو كان من أتقى أهل الأرض وأصلحهم .. ومضى على خدمته للمجتمع السعودي وأهله عشرات السنيين .. وهذه حقيقة يحرص عليها النظام ويُقنن لها .. ظاهرة بادية للعيان .. لا ينبغي أن يُجادل فيها اثنان.
       دولة هذا وصفها لا يجوز أن توصف بأنها دولة دينية أو أنها متدينة أو إسلامية .. بل هي دولة علمانية تغيب العقيدة والتوحيد والرابطة الدينية كقاعدة في التعامل بين الناس بعضهم مع بعض .. وتوحد وتؤلف بينهم على أساس الانتماء الوطنين والوحدة الوطنية بغض النظر عن الدين والعقيدة والخلق والعمل الصالح.
       فقد ورد في الدستور السعودي ( النظام الأساسي للحكم )، تحت المادة " 12 ": تعزيز الوحدة الوطنية واجب وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام ".
       من هذا الحرص للنظام على الوحدة الوطنية نفهم ونفسر موقف النظام الداعم والمتسامح للطقوس الشركية الكفرية التي تمارسها طوائف الشيعة الروافض في الجزيرة العربية وفي المدينة المنورة بالذات .. وتسامحها وتأييدها لذوي الاتجاهات العلمانية اللبرالية .. وما يكتبونه وينشرونه في الصحائف والجرائد المحلية للمملكة.
       ولكن يأتي السؤال الأهم: ما حكم نظام هذا وصفه ...؟
       ندع علماء اللجنة الدائمة السعودية ـ مرجع النظام السعودي ذاته ـ ليجيبوا عن هذا السؤال حيث قالوا في فتوى لهم رقم ( 6310 ) 1/145:" أن من لم يفرق بين اليهود والنصارى وسائر الكفرة وبين المسلمين إلا بالوطن وجعل أحكامهم واحدة فهو كافر " ا- هـ.
       أقول: أرجو من مخالفنا .. بأن لا يوصي أولياء أمره بحذف هذه الفتوى من جملة فتاوى اللجنة الدائمة .. حتى لا تكون دليلاً على كفرهم وخروجهم من الإسلام!
       وأقول كذلك: هذا فيمن يجعل أحكامهم واحدة .. فكيف فيمن يفضل في المعاملة والأحكام اليهود والنصارى .. على غيرهم من المسلمين .. كما يفعل النظام السعودي .. لا شك أنه أولى بالكفر والخروج من الإسلام !
       انظروا كيف يستقدم النظام السعودي الأمريكي النصراني وكيف يتعامل معه .. وكيف يستقدم المسلم الباكستاني أو المصري أو الأفغاني أو البنغالي .. وكيف يتعامل معه .. لترون بأم أعينكم كيف يكرمون الأول ويعزونه ويحترمونه أيما احترام .. وكيف يحتقرون ويهينون ويذلون
الآخر المسلم!!
       وأنا هنا أقصد من كلامي هذا النظام السعودي ودوائره الحكومية .. لا المسلمين من أبناء الجزيرة العربية .. الذين لا يُعرف عنهم إلا كل احترام ومودة ونصرة لإخوانهم المسلمين.
       خامساً : تعطيله وجحوده لفريضة الجهاد في سبيل الله: من الأمور المكفرة التي تؤخذ كذلك على النظام السعودي تعطيله وجحوده لفريضة الجهاد في سبيل الله بالقول والعمل.
       أما جحوده لفريضة الجهاد بالقول يظهر ذلك بوضوح من خلال تأكيد النظام السعودي مراراً وتكراراً على التزامه بالمواثيق والمعاهدات الدولية والمحلية التي تُحرم وتُجرّم الجهاد في سبيل الله وبخاصة منه جهاد الطلب.
       انظر ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ في بيان النظام السعودي الذي يُحددون فيه معالم السياسة الخارجية للنظام الذي تقدمت الإشارة إليه حيث يقولون فيه:" انطلاقاً من إيمان المملكة العميق بأن السلام العالمي هدفاً من أهداف سياستها الخارجية .. ومن ثم فهي لا تؤمن باستخدام القوة كأداة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية .. ويُمكن القول أن السياسة الخارجية السعودية في المجال الدولي تستند على أسس ومبادئ مستقرة وواضحة، منها: التزام المملكة بعدم استخدام القوة في العلاقات الدولية وبعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير وشجب العنف وجميع الوسائل التي تخل بالأمن والسلم الدوليين والتأكيد على مبدأ التعايش السلمي بين دول العالم "ا- هـ. 
       فالنظام السعودي لا يُحدثنا هنا عن موقف أو سياسة اقتضتها ظروف معينة تزول بزوال هذه الظروف .. بل يحدثنا وبكل وضوح عن اعتقاده وإيمانه بأنه من جهة يؤمن بالسلام العالمي .. وأنه من جهة أخرى لا يؤمن ابتداءً بالجهاد واستخدام القوة .. وهذا جحود لأمر معلوم من الدين بالضرورة يكفر صاحبه حتى على مذهب جهم بن صفوان .. لتضمنه رد وجحود مئات النصوص الشرعية من الكتاب والسنة التي تحض وتأمر بجهاد الطلب من أجل تحقيق أهداف رسالة الإسلام في الأرض .. والتي تبين بأن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة! 
       ومعنى كلامهم كذلك رد وجحود عشرات النصوص الشرعية من الكتاب والسنة التي تلزم المسلم بنصرة أخيه المسلم المستضعف والمظلوم في أي دولة أو مجتمع كان .. أو أي أرضٍ كانت .. بحجة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى .. وبحجة أن هذه المجازر والمظالم التي تُجرى بحق المسلمين هو شأن داخلي للدول الأخرى وبالتالي لا يحق لأحد التدخل في شؤونهم الداخلية!!
       ثم ها هي أمريكا وغيرها من دول الاستكبار والظلم .. يُقاتلون ويستخدمون القوة .. ويغزون البلاد والعباد من أجل تحقيق أهداف سياساتهم وأطماعهم الخارجية الاستعمارية الباطلة .. فعلامَ ما يجوز لهم في الباطل .. حرام على الإسلام والمسلمين في الحق؟!
ونحو ذلك قولهم ـ الذي تقدمت الإشارة إليه ـ في ميثاق الجامعة العربية تحت المادة " 8 ":" تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها "ا- هـ. وهذا معناه تعطيل الجهاد في سبيل الله وإلغائه .. مهما توفرت دواعيه وأسبابه الخارجية!
أما تعطيل الجهاد في سبيل الله وجحوده بالعمل: فواقع النظام السعودي .. وواقع جيشه العملي .. يصدق قولهم .. فلا نعرف للنظام السعودي وجيشه المغوار ـ رغم الاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها الأمة من أعدائها ـ يوماً أنه خاض معركة لله .. وفي سبيل الله .. يُدافع فيها عن الأمة وحرماتها .. أو حتى أنه أطلق طلقة واحدة!
فالجيش السعودي ـ رغم الميزانية الضخمة التي تُصرَف عليه! ـ لم يُعَد للدفاع عن الأمة ودينها وعقيدتها وحرماتها .. ولم يُعرف عنه مرة أنه قاتل في سبيل الله رغم تعدد ساحات القتال التي يتعين فيها الجهاد والنصرة .. وإنما أُعد فقط للدفاع عن النظام السعودي ـ شأنه شأن الجيوش العربية الأخرى التي يعلوها الذل والعار .. والخمول والكسل ـ وعن عرش الملك ومكاسبه ومكاسب عائلته .. ومكاسب أوليائهم في دول الكفر .. إذا ما نهض الشعب يوماً يثأر لدينه وحرماته وحقوقه وثرواته وكرامته!
ثم إذا كان هذا هو موقف النظام السعودي وحكامه من الجهاد .. وقضايا الجهاد .. فكيف يلزمنا مشايخ وعلماء البلاط الملكي باستئذان ولي أمرهم قبل النفور للجهاد .. ويعتبرون ذلك شرطاً لصحة النفير للجهاد؟!
كيف نستأذن للجهاد من لا يؤمن بالجهاد .. ويُعادي ويُجرم الجهاد والمجاهدين .. ويعد الجهاد ضرباً من العنف والإرهاب .. الذي ينبغي أن يُحارَب .. وأن تجتمع كلمة الطواغيت على ضرورة محاربته؟!!
شرطهم هذا يعني أن لا تنفر الأمة للجهاد أبداً .. لأن ولي أمرهم لا يؤمن بالجهاد أبداً .. ويُحارب الجهاد والمجاهدين أبداً .. ولا يأذن به إلا إذا أذنت به حاميتهم وحامية الكفر والإرهاب العالميين أمريكا .. وبالقدر الذي تأذن به!
لذا فإن اشتراط استئذان ولي أمرهم للجهاد ـ وبخاصة منه جهاد الدفع ـ كلمة باطلة .. يُراد بها باطل .. يُراد بها خذلان الأمة .. وتثبيط المسلمين عن النهوض للثأر لدينهم .. وحرماتهم .. وحقوقهم .. ومظالمهم!
سادساً: الموقف من القضية الفلسطينية: كذلك من يتأمل سياسة النظام السعودي تجاه القضية الفلسطينية .. يجد أن النظام يؤيد ويُبارك كل خطوة تخطوها دول الجوار .. ودول العالم الإسلامي نحو التقرب من دولة الصهاينة اليهود والتطبيع معهم .. هذه السياسة لم تجعلنا نفاجأ لما أعلن الملك عبد الله ـ أيام كان ولياً للعهد ـ عن مبادرته المعلومة للجميع والتي ملخصها يعني ويلزم: الاعتراف بدولة إسرائيل على أرض فلسطين والتطبيع الكامل معها: السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والتجاري والثقافي والسياحي .. مقابل انسحاب صوري من القدس وقيام دويلة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية!
هذا الخذلان عن جهاد المعتدين على بلاد المسلمين وحرماتهم وأراضيهم .. وهذا الاعتراف للمغتصب الكافر الصهيوني المعتدي بأن له حقاً في أن يقيم دولته في بلاد المسلمين وعلى أراضيهم .. وتحديداً في الديار المقدسة فلسطين .. ومن ثم هذا التطبيع الكامل المنشود مع الصهاينة اليهود الذي يعد به النظام السعودي .. في أي خانة يُمكن أن يُصنف ويُدرج في خانة الكفر الأصغر أم في خانة الخيانة والعمالة والكفر الأكبر .. لا شك أنه يُدرج في خانة الخيانة والعمالة والكفر الأكبر.
إذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول:" من جهز إلى معسكر التتار ولحق بهم ارتد وحلَّ ماله ودمه "ا- هـ.
فكيف بمن يسعى لمن هم أكفر من التتار وأشد منهم خطراً وحقداً على الأمة .. والإسلام والمسلمين .. ويتواطأ معهم على أن يُقيم لهم دولة وقوة في أرض الإسلام .. أرض الإسراء والمعراج .. لا شك أنه أولى بالكفر والارتداد!
هذا الحكم كان قبل عقود قليلة موضع اتفاق عند علماء المسلمين .. أما اليوم .. وبسبب ظهور موقف النظام السعودي من القضية الفلسطينية بصورة أكبر وأوضح .. وسبب تضليل وتلبيس مشايخ الإرجاء مشايخ البلاط الملكي .. فالمسألة فيها خلاف وتحتمل النظر والنقاش! 
 سابعاً: حرص النظام على إشاعة الفاحشة في المؤمنين: مما يؤخذ كذلك على النظام السعودي وعلى أمرائه وحكامه .. حرصهم وعملهم على نشر الفاحشة في المؤمنين وفتنتهم عن دينهم .. وذلك من خلال تبنيهم ودعمهم وتمويلهم لعدد من وسائل الإعلام الهدامة المقروءة والمرئية والمسموعة .. التي تنشر الكفر والاستهزاء والطعن بالدين .. وتروج الفسوق والفجور والفواحش والإباحية بين المسلمين .. وتنقل دور الدعارة والأفلام الجنسية الإباحية إلى بيوت المسلمين .. وإلى غرفهم الخاصة .. وتحديداً بيوت المسلمين في الجزيرة العربية!
من هذه الوسائل الإعلامية المقروءة: جريدة الحياة وجريدة الشرق الأوسط ومجلة المجلة ومجلة الوسط .. وغيرها!
ومن الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة: قنوات وفضائيات " إم بي سي – M B C  "، ومجموعة قنوات " ART " الإباحية ومجموعة الـ " إل بي سي سات "، ومحطة : تلفزيون الشرق الأوسط " الإباحية ومحطة " أوربيت " الإباحية وشركة " ديزني لاند باريس " التي تنتج الأفلام والمجلات الفاضحة ومحطة " ABC " وغيرها من القنوات والمحطات التي تنقل دور الدعارة وما يحصل فيها إلى بيوت المسلمين .. وبتمويل ودعم من أمراء وشخصيات متنفذة سعودية .. حتى أنك لا تكاد تسمع عن محطة فضائية هابطة ساقطة إلا وتجد للنفوذ السعودي .. والمال السعودي .. يداً في إنشائها ودعمها!     
ومن خبث النظام ودهائه .. وحتى لا يتحمل ـ أمام شعبه ـ تبعات ما تنشره هذه الوسائل الإعلامية الآنفة الذكر من كفر وطعن بالدين .. ومن فجور ومجون وإباحية .. يعمل على إنشاء هذه المحطات والنشرات والمجلات .. خارج أرضه .. ثم يعمل على تصديرها إلى المسلمين في الجزيرة العربية .. على أنها قنوات ومجلات وجرائد وافدة لا تمثل الوجه الرسمي للنظام السعودي!
تذكر إحدى الدراسات والإحصائيات أن " إقبال السعوديين على مشاهدة القنوات الفضائية عالية للغاية فقد كشفت دراسة أجرتها مجموعة المستشارين العرب ومقرها العاصمة الأردنية أن 89% من العائلات في السعودية يملكون أطباقاً لاقطة لاستقبال القنوات الفضائية وأظهرت أيضاً أن 16% من العائلات يملكون اشتراكاً في القنوات التلفزيونية مدفوعة الأجر على رأسها شبكات " أوربت " و" شوتايم " و " إي آر تي " وتقدم جميعها قنوات متخصصة تعرض الأفلام على مدار الساعة "!  
لذلك لا تُفاجَأوا عندما تسمعون عن إصابة الآلاف من المجتمع السعودي بمرض الإيدز .. وعن انتشار الشذوذ الجنسي واللواطة .. وغيرها من السلوكيات الشاذة .. وعن وجود جيل سعودي ليبرالي علماني .. يمقت الدين والتدين .. مشوه فكرياً وعقائدياً وثقافياً .. مهزوز الهوية والعقيدة والانتماء .. فكل ذلك من حصائد وثمار تلك القنوات الفضائية وتلك المجلات والجرائد .. المدعومة والموجهة سعودياً!
هذا الذي يريده النظام السعودي ليروضوا الناس على الديمقراطية الموعودة التي يلوك بها الملك وبعض أمراء النظام ـ مرضاة لأمريكا وغيرها من دول الغرب ـ  ولكي يوجدوا توازناً بين التيار المتدين الملتزم وبين غيره من التيارات والتوجهات .. وحتى لا يطفح ويعلو اتجاه على حساب اتجاه .. فيشكل حينئذٍ خطراً على النظام وحكامه وعلى مكاسبهم!
قال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( النور:19.
وبعد لأجل هذه النقاط السبعة الآنفة الذكر قلنا ونقول: بكفر النظام السعودي وأنه نظام كافر مرتد .. الإسلام في واد والنظام السعودي في واد ٍ آخر .. لا يشك في ذلك إلا جاهل مُغفَّل أعمى الله بصره وبصيرته .. ووصف النظام المتكرر لنفسه ـ ومعه مشايخ الإرجاء من مشايخ وعلماء البلاط الملكي ـ بأنه نظام إسلامي .. وأن دستوره الإسلام .. وصف مرفوض .. وهو كذب وزره أعظم من الذنب ذاته لأنهم بكذبهم الفاضح هذا كأنهم يصفون ما هم عليه من الكفر والفجور والظلم والخيانة والعمالة بأنه إسلام ودين وإيمان وتوحيد .. (  كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً (
ونحن هنا اكتفينا بما يؤخذ على النظام السعودي وحكامه من كفر بواح أي أننا لم نذكر ولم نعدد ما يؤخذ على النظام من مآخذ كفرها محتمل أو متشابه .. أو أنها تُدرج في خانة المعاصي والكبائر التي هي دون الكفر والشرك .. كشربهم للخمور .. ووقوعهم في الإسراف والتبذير والظلم .. وكذلك كحكم قائم على النظام الملكي الوراثي .. حتى لا يقول المخالفون المنافحون عن الطواغيت الظالمين من مشايخ وعلماء البلاط الملكي : أننا نكفر بالكبائر .. وأننا حكمنا على النظام السعودي بالكفر والردة .. بمعاصٍ وذنوب لا ترقى إلى درجة الكفر البواح!
إلى هنا نكون ـ بفضل الله تعالى ومنته ـ قد أجبنا عن الشطر الأول من المحور الأول: وهو حكم وشرعية النظام السعودي .. وقد بقي أن نجيب عن الشطر الثاني من هذا المحور: وهو شرعية الخروج عليه لترابط الشطرين بعضهما مع بعض وتلازم كل منهما للآخر؟
ـ شرعية الخروج على النظام السعودي:
فأقول: قد دلت أدلة الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة على أن النظام أو الحاكم إن طرأ عليه الكفر البواح ووقع في الردة عن الدين .. لا يجوز إقراره ولا الاعتراف به .. ولا بشرعيته .. وليس له على العباد والبلاد طاعة ولا ولاية .. ووجب قتاله والخروج عليه .. إلى أن تقيله الأمة وتستبدله بحاكم مسلم عدل يحكم البلاد والعباد بشرع الله تعالى.
أما أدلة الكتاب: فقوله تعالى:( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) النساء:141. ومن السبيل للكافر على المؤمنين أن يكون حاكماً آمراً عليهم .. يحكمهم بأهوائه وقوانينه وشرائعه .. مُطاعاً فيما يأمر وينهى!
وكذلك قوله تعالى:( وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ . الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ ) الشعراء:151-152. ولا مسرف أغلظ إسرافاً وإفساداً في الأرض من إسراف وإفساد طواغيت الكفر والردة الذين يحكمون الأمة بشرائع الكفر والفساد .. وهؤلاء ـ بنص القرآن ـ لا تجوز طاعتهم.
       وقال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ) آل عمران:149. فبين سبحانه وتعالى أن طاعة الكافرين المجرمين فيما هم عليه من الكفر مؤداه إلى الارتداد عن الدين والعياذ بالله .. ونحو ذلك قوله تعالى:( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) الأنعام:121.
وكذلك قوله تعالى:( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ( البقرة:124.
فإذا كانت الإمامة ـ على قول جماعة من العلماء ـ لا تُصرف ابتداء للظالمين الفاسقين ولا تُعقد لهم .. فكيف بالكافرين المرتدين .. لا شك أنه ـ بإجماع أهل العلم ـ لا تُعقد له إمامة ولا ولاية على المسلمين.
وقال تعالى:) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ( المائدة:55. فحصر الولاية وقيدها في الذين آمنوا .. أما الذين كفروا وارتدوا عن دينهم فلا ولاية لهم .. ولا سمع ولا طاعة.
وفي الحديث المتفق عليه عن عبادة بن الصامت قال:" دعانا النبيُّ صلى الله عليه وسلم فبايعناه فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويُسرنا وأثرةٍ علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ". فدل الحديث ـ دلالة صريحة ـ على أن الحاكم لو وقع في الردة ورُئي منه الكفر البواح الذي لنا فيه دليل صريح من الكتاب والسنة .. فإنه لا سمع له ولا طاعة .. وقد تعينت إقالته ومنازعته على الحكم والولاية والخروج عليه بقوة السيف
إن اقتضى الأمر ذلك.
       وقال صلى الله عليه وسلم :" من ارتدَّ عن دينه فاقتلوه ". هذا هو حكم النبي صلى الله عليه وسلم في الحاكم الكافر المرتد .. وليس أن نوليه .. ونجعله حاكماً وسيداً على المسلمين .. ينفذ فيهم أمره ونهيه!
وقال صلى الله عليه وسلم :" لا تقولوا للمنافق سيدنا فإنه إن يكُ سيدكم فقد أسخطتم ربكم عز وجل "[السلسلة الصحيحة: 371]. فكيف إذا كان هذا المنافق كافراً مرتداً مظهراً لكفره وردته وفجوره .. ومع ذلك فهو سيد على المسلمين ووال عليهم .. ينفذ فيهم أمره ونهيه .. والمسلمون لا يتحركون ولا يعملون على خلعه ونزعه .. ينادونه بألقاب الجلالة والفخامة والتعظيم .. لا شك حينئذٍ أنهم أولى بأن ينالهم ويحل بهم سخط الرب عز وجل .
ثم إذا كان الكافر المرتد تسقط ولايته عن أبنائه وبناته فلا يُقبل منه أن يلي أمر ابنته في عقد نكاح ونحوه .. فكيف يُقبل منه أن يلي أمر الأمة .. وأمر الإسلام والمسلمين؟!
قال ابن حجر في الفتح 13/7: إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها ا- هـ.
       وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم 12/229: قال القاضي عياض: أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل وقال وكذا لو ترك إقامة الصلاة والدعاء إليها ا- هـ.
       هذا هو ـ بنص الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة ـ حكم النظام السعودي .. وأمثاله من الأنظمة العربية الخائنة الكافرة المرتدة .. وهكذا يجب التعامل معهم .. وإلا فانتظروا مزيداً من الذل والضياع والفتن .. والهزائم .. والفقر .. والظلم .. والكفر .. والعبودية للطاغوت .. ولا تلوموا حينئذٍ إلا أنفسكم ولات حين مندم.
       قال تعالى:( إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التوبة:39.
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب "[ السلسلة الصحيحة:2663].
وقال صلى الله عليه وسلم :" إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم الزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم "[ السلسلة الصحيحة:11]. أي ترجعوا إلى جهادكم فسمى الجهاد ديناً.
وقال صلى الله عليه وسلم :" يوشك الأمم أن تداعى عليكم ـ أي تجتمع وتتكالب ـ كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن فقال: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت".
بنو إسرائيل لما عبدوا العجل لأيام معدودات فقط .. فكانت كفارة ذنبهم هذا أن اقتلوا بعضكم بعضاً كما قال تعالى:( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ) البقرة:54.
وشعوبنا ـ إلا من رحم الله .. بسبب تلبيس مشايخ القصور والبلاط الملكي ـ كم من عجل وطاغوت تَعبد من دون الله .. ولعقودٍ عديدة مديدة .. حتى استمرأت عبادة وطاعة العجول والطواغيت من دون الله .. وأصبغت عليهم الشرعية والقانونية .. وألقاب المديح والإطراء .. وعلى مخالفيهم والخارج عليهم وعلى كفرهم من المجاهدين اللاشرعية وألقاب الذم والطعن والتقبيح ..  أتحسبون ذلك هيناً عند الله .. أو أنه سيمضي أو يُرفَع عن البلاد والعباد من غير كفَّارة ولا طهور؟!  
( فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) الأعراف:71.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أبو بصير الطرطوسي
7/10/1426هـ / 9/11/2005م. 

ـ تنبيه: جل ما ذكرناه وأخذناه على النظام السعودي ـ إضافة إلى ما ذكرناه من أدلة ـ  نملك عليه الأدلة والوثائق والبينة .. وهي معلومة لكل إنسانٍ مطلع .. والذي منعنا من ذكرها ونشرها هو خشية تضخم الرد .. ولشعورنا أن مخالفينا لن يتجرأوا على السؤال عنها لعلمهم بوجودها .. وأن ما ذكرناه وقلناه عن النظام وأمرائه وحكامه حق.
فإن قيل أين الحديث عن المحور الثاني: شرعية الجهاد في العراق .. والرد على المخالف فيما ذهب إليه من قول؟
أقول: عندما ينتهي العبيكان ومن معه من مشايخ وعلماء البلاط الملكي من الرد على ما أوردناه في هذا المحور من حق وبراهين .. وأنَّى لهم .. ويفيقوا من هول ما قذفناهم به من حقِّ دامغ ـ ونحن في انتظارهم ـ سنتفرغ لهذا المحور ـ بإذن الله ـ ونأتي على بيان بطلان وضعف ما ذهبوا إليه من قول شاذ وساقط فيما يتعلق بموضوع الجهاد في العراق .. وهو أضعف وأوهن بكثير من قولهم في الدفاع عن أولياء أمورهم .. وجعبتنا ـ ولله الحمد والمنة والفضل ـ مليئة بسهام الحق الدامغة .. ننثرها ـ بإذن الله ـ عليهم وعلى شبهاتهم، وتلبيساتهم وباطلهم وقت نشاء وفي الوقت المناسب الذي نراه ..
 ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) الأنبياء:18. 
أبو بصير الطرطوسى
-------------------------------------------------------------------------------------------------

كُفرٌ إضافي للنظامِ السعودِي

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد.

       ما إن أصدرتُ الفتوى في كفر النظام السعودي في الفتوى المعنونة بـ " سؤال وجواب عن حكم النظام السعودي "، وكان ذلك بتاريخ 4/5/1424 هـ إلا وسرعان ما انبرت أبواق النظام من شيوخ السوء والإرجاء الذي يتكئ عليهم في باطله وكفره ليرموننا بشين القول وقبيحه ومن دون أن ينظروا لأدلة الفتوى وواقعها .. أو يردوا عليها بالدليل الشرعي كما دعّمنا الفتوى بالأدلة الشرعية والواقعية .. وكم كنا نود ذلك لو كانوا قادرين!

       ولهؤلاء ومن تابعهم الذين لا يريدون أن ينظروا للنظام السعودي وواقعه إلا بعين الرضى .. رغم قوة رائحة الكفر التي تصدر عنه ـ جهاراً نهاراً ـ والتي تُزكم الأنوف .. نقول لهم هاكم أنواعاً ـ قديمة جديدة ـ من الكفر يمارسها النظام بكل جرأة ووقاحة .. ردوا عليها إن استطعتم!

       منها: حرص النظام السعودي الشديد على دعم الاقتصاد الأمريكي والدولة الأمريكية رغم حربها المعلنة والصريحة على الإسلام والمسلمين .. من خلال مضاعفة ضخها للبترول عصب الحياة وكل قوة مادية على الأرض .. وبأسعار زهيدة .. للحفاظ على استقرار سعر البترول وبالتالي على الاقتصاد الأمريكي المرتبط ارتباطاً قوياً بهذه المادة من الخام!

       يقول ولي عهد النظام السعودي عبد الله كما في مقاله المنشور في جريدة الشرق الأوسط 16/8/2004:" إن أسعار النفط يجب أن تتراوح ما بين 25 - 30 دولاراً للبرميل حتى لا نلحق الضرر بالدول مؤكداً أن بلاده سوف تزيد من الإنتاج بقدر طاقة حقولها من أجل كبح الأسعار .. إن الأمر الوحيد الذي نقدر عليه هو تلبية حاجة السوق بزيادة الإنتاج بقدر طاقتنا فإذا كبحت الأسعار كان به وإلا فإن الأمر خارج عن حدود قدراتنا .."!! ا- هـ. 

       وفي جريدة القدس نشرت في مقال لها تحت عنوان " مقامرة سعودية لإنقاذ بوش " 8/8/2004: بادرت الحكومة السعودية بالإعلان عن زيادة إنتاجها النفطي بحوالي مليون وربع المليون برميل في محاولة من جانبها لتخفيض أسعار النفط والحيلولة دون وصولها إلى معدلات مرتفعة يمكن أن تُلحق الضرر بالاقتصاد الغربي والأمريكي على وجه الخصوص.

       ونقلت عن الكاتب الأمريكي الشهير " بوب ودورد " قوله في كتابه الأحدث حول خطط الحرب في العراق: أن الأسرة الحاكمة السعودية تعهدت للرئيس الأمريكي جورج بوش بدعم حملته الانتخابية وبذل كل ما يمكن من جهود من أجل فوزه في الانتخابات وذلك من خلال تخفيض أسعار النفط لضمان استمرار التحسن الاقتصادي الأمريكي وأضاف أن الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز السفير السعودي في واشنطن حمل هذا التعهد شخصياً إلى الرئيس بوش ا- هـ.
       والسؤال الذي يطرح نفسه وينتظر إجابة صريحة من مشايخ النظام وبطانته: تحت أي خانة يندرج هذا الموقف للنظام السعودي السخي والكريم على دولة تعلن الحرب بكل صراحة ووضوح على الإسلام والمسلمين في جميع أماكنهم وأمصارهم .. تحت الموالاة الصغرى أم الموالاة الكبرى التي تخرج صاحبها من الملة كما قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة:51. وقال تعالى( وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) المائدة:81.؟!
أي موالاة أصرح وأظهر من هذه الموالاة التي يُظهرها النظام السعودي نحو راعية الكفر والإرهاب العالميين أمريكا ..؟!!
كل طائرة إسرائيلية تقصف أبناءنا وإخواننا في فلسطين .. وتدمر عليهم منازلهم .. فالبترول السعودي .. شريك لهم في الجرم والوزر إذ لولا البترول السعودي لما استطاع الطيران الصهيوني  أن يُحلق ساعة في سماء فلسطين!
وكل صاروخ أو قذيفة تُرمى على أهلنا وإخواننا في العراق أو في أفغانستان من قبل القوات الأمريكية الغازية .. فللبترول السعودي نصيب في الوزر والإجرام .. إذ لولا البترول السعودي الذي يُضخ بسخاء لأعداء الأمة .. لما طارت لهم طائرة .. ولا تحركت لهم مصفحة أو دبابة!
لو خُيرت أمريكا وغيرها من دول الكفر والاستكبار بأن تُدعم وتُمد في حربها على الإسلام والمسلمين بالعسكر والجند أم بالبترول عصب الحياة وكل صناعة وتقدم تكنولوجي .. لاختارت البترول عصب الحياة والاقتصاد .. وهذا أمر يُجمع عليه جميع العقلاء والمراقبين .. باستثناء مشايخ الإرجاء والسلطان فإنهم مصابون بالعور الذي لا يُريهم إلا محاسن الطاغوت .. والفُتات الذي يرميه إليهم!
ومنها: أي من الكفر المضاف إلى كفر النظام السعودي ليعلو بعضه بعضاً  فيزداد كفراً على كفر ما صرح به عضو مجلس الشورى ورئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية الدكتور عبد بن صالح العبيد في مقابلة له مع قناة العربية في برنامج إضاءات فقال:" الجمعية الوطنية في المملكة العربية السعودية أنشئت وفقاً لمبادئ باريس التي سيقوم عليها إنشاء الجمعيات الوطنية في مختلف أنحاء العالم .. نعم الجمعية تحتكم إلى ضوابط حقوق الإنسان التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وتبنتها جمعيات حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم .. مبادئ باريس هذه تبنتها الأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة هي التي تعمل على تنفيذها ونسقنا مع الجمعية العاملة للأمم مع لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قبل أن ننشئ هذه الجمعية وعرضنا عليهم هذا النظام .. عندما انتهى عملي في الرابطة تم الاتصال بي من قبل الدولة وقيل لي: هل لديك استعداد لأن تنشئ جمعية أهلية لحقوق الإنسان؟ فكان أنه إذا كانت على مبادئ باريس فأنا مستعد للعمل .. إذا كانت على هذه الأسس فبالفعل هي لا ينبغي أن تنشأ إلا على هذه الأسس .. وبالتالي تم عرض الأسماء ـ أسماء مؤسسي الجمعية ـ ووافقت الدولة على هذه الأسماء .. أيضاً بالنسبة لهذه الأسماء تم التشاور فيها مع الجهات المعنية: وزارة العدل بالدرجة الأولى وزارة الداخلية التي هي الجهة التنفيذية بالدرجة الثانية ووزارة الخارجية بالدرجة الثالثة .. أنشئت هذه الجمعية بموافقة سامية .. مثل جمعية حقوق الإنسان ما فيه مرجعية لها ترجع إليها سوى رأس الدولة وهو الملك ولهذا أعطى الملك الإذن فكان النص هو أن لا بأس من قيامكم بهذا العمل .. "ا- هـ.
ففي هذه العبارات المنقولة من كلام المذكور أعلاه يتلخص أمران جليان أولهما: قيام هذه الجمعية السعودية لحقوق الإنسان على مبادئ وشرائع مبادئ باريس الكفرية وليس على مبادئ وشرائع الإسلام السمحة وهذا عدول صريح عن التحاكم إلى شرع الله تعالى إلى التحاكم إلى شرائع الطاغوت وتفضيل صريح لها على شرائع الإسلام ذات العلاقة بحقوق الإنسان .. وهذا كفر بواح لا يشك فيه إلا من أعمى الله بصره وبصيرته كما قال تعالى:) فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ( النساء:65.  وقال تعالى:) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً ( النساء:60. وقال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ) محمد:25-26. وقال تعالى:( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة:50.
ثانياً: أن هذه الجمعية القائمة على الكفر والتحاكم إلى الكفر إنما وجدت وقامت بإذن وموافقة الملك ومؤسسات حكومته كوزارة العدل والداخلية والخارجية .. أي أن هذا الكفر يتحمل مسؤوليته وتبعاته بالدرجة الأولى النظام السعودي والفئة الحاكمة المتسلطة فيه إذ لولاهم لما قام وأنشئ هذا الصرح من الكفر البواح!
والسؤال الذي يفرض نفسه على مشايخ الإرجاء والسلطان .. وننتظر له الجواب منهم: بما تردون هذا الكفر .. وكيف تصرفونه عن ظاهره .. وتمنعون لحوقه بفاعليه؟!
أعملوا دهاءكم .. وفقهكم .. وتلبيساتكم .. وتأويلاتكم .. ثم أتوا صفاً .. فلن تقدروا على تأويل هذا الكفر ورده عن أهله وأصحابه ..؟!
ومنها: أي من الكفر المضاف الذي يمارسه النظام السعودي وتمارسه العائلة المالكة  هو ما فاجأنا به وزير الدفاع السوري مصطفى طلاس عندما ذكر في كتابه الأخير " ثلاثة أشهر هزَّت سورية ": أن الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي وقائد الحرس الوطني كان يدفع لرفعت الأسد شهرياً خمسة ملايين دولار ا- هـ.
ومعلوم من يكون هذا رفعت الأسد إنه المجرم النصيري البعثي قائد ومؤسس سرايا الدفاع الذي كان وراء مجزرة حماه والتي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من المسلمين .. وكذلك كان السبب والمنفذ لمجزرة سجن تدمر التي قتل فيها رمياً بالرصاص أكثر من ألف شاب أسير من خيرة وصفوة شباب الإسلام ..!
فالنظام السعودي .. وتحديداً ولي عهده عبد الله .. شريك لهذا المجرم في كل جريمة ارتكبها بحق الإسلام والمسلمين في سورية .. وما أكثر جرائمه !
فإذا كان الطاغية والمجرم رفعت الأسد هو الذي ينفذ الجرائم بحق الإسلام والمسلمين في سورية .. فإن النظام السعودي ممثلاً بولي عهده هو الذي كان يمول هذه الجرائم بمال كان الأولى به شعبه الذي بدا الفقر والحرمان عليه ظاهراً ..؟! 
والسؤال الذي نوجهه لمشايخ النظام وأبواقه: ما حكم هذا الذي يدعم الزنادقة الكافرين الحاقدين من النصيريين بالمال الكثير في حربهم الشرسة ضد الإسلام والمسلمين ..؟!
أجيبونا إن استطعتم .. ولن تستطيعوا .. لأنكم أسرى شهوات وأهواء الطواغيت الظالمين!
فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم به .. وفضلنا على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً.
أبو بصير الطرطوسي 1425/8/21 هـ - 2004/10/5 م
--------------------------------------------------------------------------------


 قانون سعودي جديد يُسيء إلى الإسلام كثيراً

بسم الله الرحمن الرحيم

       الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد.

       فقد ذكرت القناة العربية في موقعها على الإنترنت نقلاً عن بعض الصحف المحلية السعودية أن قانوناً سعودياً مقترحاً يتوقع من مجلس الشورى السعودي أن يقره ويوقع عليه قريباً مفاده:" أن أي شخص يستخدم هاتفاً جوالاً مزوداً بكاميرا في توزيع صور إباحية فإنه يواجه عقوبة تصل إلى ألف ( 1000 ) جلدة والسجن لمدة 12 عاماً وغرامة مائة ألف ( 100000 ) ريال "!

       والذي حملني على مناقشة هذا القانون الجائر هو زعم النظام السعودي المتكرر أن قوانينه المعمول بها مستمدة من تعاليم وأحكام الشريعة الإسلامية .. وهو بهذا الزعم الثقيل ـ الذي هو أثقل من الوزر ذاته ـ يُسيء إلى عظمة الإسلام وعظمة شرائعه وأحكامه وقيمه من حيث يدري أو لا يدري!!

       وكذلك نظرة كثير من المراقبين ـ وبخاصة منهم غير المسلمين ـ إلى القوانين السعودية على أنها قوانين إسلامية مستمدة من الشريعة الإسلامية وبالتالي فهم ـ في كثير من الأحيان ـ يحددون موقفهم من شرائع الإسلام ـ سلباً أو إيجاباً ـ من خلال ما يرونه من شرائع وقوانين يعمل بها النظام السعودي .. ظناً منهم أن هذه القوانين تمثل الإسلام أو مستمدة من الإسلام .. والإسلام ـ في حقيقته ـ بريء منها براءة الذئب من دم يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام .

       لذا وجدت نفسي ملزماً بأن أشير إلى بطلان هذا القانون المذكور أعلاه .. وإلى جاهليته وظلمه .. وأنه لا يمت إلى الإسلام وتعاليمه وقيمه في شيء .. وأنه لا يصدر إلا عن أنفس مريضة لا تعي ما تقول ولا ما تكتب!

       وبطلان هذا القانون يأتي من أوجه عدة :
       منها: انتفاء النص الشرعي من الكتاب والسنة الذي يبيح تلك العقوبة على من يفعل تلك المخالفة المذكورة في القانون أعلاه أي أن هذا القانون مصدره الهوى والجهل .. وحب التشفي لا غير!
       ومنها : أن هذا القانون يعني أن المخالفة المذكورة فيه أكبر بكثير من وزر زنى الزاني غير المحصن التي لا تتعدى عقوبته مائة جلدة .. ومن شرب الخمر ـ أم الخبائث ـ التي لا تتعدى عقوبة صاحبه ثمانين جلدة .. ومن عقوبة السرقة .. ومن عقوبة قذف المحصنات المؤمنات .. بل ومن عقوبة القتل شبه العمد .. وهذا لا يقول به نقل ولا عقل !
       ومنها : أنه قد حصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم نوع مخالفات هي أشد مما ذُكِر في القانون أعلاه ولم يُعاقب عليها النبي صلى الله عليه وسلم ـ حاشاه ـ بنحو ما ورد في هذا القانون الظالم الذي ينم عن جهل وتخلف مشرِّعيه!
       كما في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها [ قال النووي في الشرح17/80: معنى عالجها أي تناولها واستمتع بها والمراد بالمس الجماع ومعناه استمتعت بالقبلة والمعانقة وغيرها من جميع أنواع الاستمتاع إلا الجماع . انتهى ]  فأنا هذا فاقض فيَّ ما شئت. فقال عمر: لقد سترك الله لو سترت نفسك قال فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، فقام الرجل فانطلق فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً دعاه وتلا عليه هذه الآية: ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ). فقال رجل من القوم : يا نبي الله هذا له خاصة؟ قال:" بل للناس كافة ".
وفي رواية قال له صلى الله عليه وسلم :" هل حضرت الصلاة معنا ؟"  قال" نعم  قال:" قد غُفر لك ".
وفي رواية أخرى قال له صلى الله عيه وسلم :" أرأيت حين خرجت من بيتك أليس قد توضأت فأحسنت الوضوء ؟" قال: بلى يا رسول الله قال:" ثم شهدت الصلاة معنا ؟" فقال نعم يا رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :" فإن الله قد غفر لك ذنبك ".
بهذا التوجيه النبوي الرفيق الحكيم عالج النبي صلى الله عليه وسلم الموقف .. فلم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم ـ حاشاه ـ عليه بالجلد أو بالسجن أو بدفع غرامة مالية تعلو ديَّة القتيل .. علماً أن هذا الرجل قد فعل أكثر من المخالفة الوارد ذكرها في القانون أعلاه !
ومنها: فإن قالوا هذه عقوبة تعزيرية مرد تقديرها للحاكم ..؟!
نقول لهم : بئس التعزير تعزيركم .. والتقدير تقديركم .. وتقدير حاكمكم .. فإنه لا يُعزر فوق عشر جلدات فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لا يُجلد فوق عشر جلدات إلا في حدٍّ من حدود الله عز وجل "[ صحيح سنن أبي داود: 3770 ]. وفي رواية:" لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حدٍّ من حدود الله ".
وعن إبراهيم بن ميسرة قال:" ما علمتُ عمر بن عبد العزيز ضربَ في إمرَته كلها رجلاً في عقوبة ثلاثة أسواط إلا لرجلٍ سبَّ معاوية عنده "[ الكتاب الجامع لسيرة عمر بن عبد العزيز:1/159. قلت: هذا رجل يسب صحابياً وخليفة من خلفاء المسلمين وواحداً من آباء وأجداد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز وفي حضرته ومع ذلك يعزره عمر بن عبد العزيز بثلاثة أسواط لا غير .. بينما تأمل لو حصل شيء من ذلك للملوك أو الرؤساء الحاكمين في بلاد المسلمين في هذا الزمان .. فإن حكمه عندهم واحد من اثنين : إما القتل وإما أن يُغيَّب عشرات السنين في غياهب السجون والقهر والتعذيب .. وربما يحصل كل ذلك تحت عنوان عقوبة التعزير .. كما يزعم مشايخ وعلماء السلاطين!!].
وعن أيوب بن موسى قال: كتبَ عمر بن عبد العزيز إلى عماله: أن عاقبوا الناس على قدر ذنوبهم ما بلَغ وإن بلغ ذلك سوطاً واحداً وإياكم أن تبلغوا بأحدٍ حداً من حدود الله ـ أي يبلغ تعزيركم له درجة عقوبة حدٍّ من حدود الله ـ فإن الله غضبَ فحدَّ حدَّاً واحداً فلا ينبغي لأحد أن يغضب فوق غضب الله ولا أن يضرب فوق حد الله "[  المصدر السابق: 1/ 163].
فأي تعزير هذا الذي تعنونه عندما تجلدون شاباً ألف جلدة .. والتي تقتل جملاً .. وتسجنونه في غياهب السجون والظلم اثنا عشر عاماً .. عام ينطح عاماً .. قد يخرج منها مجنوناً فاقداً لمستقبله وحياته .. مضيعاً لمن يعول .. أهكذا يكون التعزير .. أين ذهبت عقولكم .. ألا يوجد فيكم رجل رشيد؟!!
لو أردت أن تجلد حماراً ألف جلدة لأخذتك عليه الشفقة والرحمة .. فكيف بشاب مسلم موحد استغل الشيطان منه لحظة ضعف وغفلة ..؟!
فأي قلوب هذه التي تحملونها في صدوركم التي حملتكم على سن مثل هذا القانون الجائر المتخلف؟!
أين المصلحون .. أين العلماء .. الذين يصدعون بالحق ويقولون ـ بكل وضوح وصراحة ـ لمثل هذه القوانين الجاهلية الجائرة .. لا .. ولمشرعيها ومقننيها .. لا .. قد كفرنا بكم وبقوانينكم الكافرة الجائرة؟!
ومنها: لا يوجد في الكتاب والسنة عقوبة على أي ذنب أو جرم مهما كان نوعه أو حجمه اسمها " السجن "!
والذي وجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين من بعده .. توقيف لفترة وجيزة جداً .
تستدعيها إجراءات تنفيذ الحدود وعملية الاستتابة .. أو حل مشكلة أسرى الحرب من المشركين .. وهي فترة قد تستغرق بضعة أيام .. وربما بضع سويعات .. أما كعقوبة لأشهر وسنوات كما هو حال سجون الطغاة الظالمين في هذا الزمان .. التي يدخلها الإنسان عاقلاً فيخرج منها ـ إلا من رحمه الله ـ مجنوناً فاقداً لعقله وأهليته .. وكما يقول المثل السائد " الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود " فإن الإسلام بريء منها كل البراءة!
ومنها : أن هذه العقوبة الجائرة المقدرة في القانون أعلاه لا تُعالج الخطأ .. ولا تتناول أسبابه ودواعيه .. ولا يُستشف منها أي توجه تربوي أخلاقي يرتد بالنفع على المخطئ .. وإنما يُستشف منها فقط حب التشفي والإذلال .. ومجرد الانتقام والقهر .. ومن دون أي فائدة تربوية ترتد على المخالف المذنب !
ومنها: أن هذا القانون يعني ـ كما يقرأه كل مراقب ـ سُبَّة كبيرة للمجتمع السعودي وللناس الذين يعيشون في ذلك المجتمع وينتمون إلى ذلك البلد الطاهر بلد الحرمين الشريفين فهو يعني ـ وبكل وضوح ـ أن الشعب السعودي ـ لسوء أخلاقه وطبائعه ـ لا يمكن أن يؤخذ بالترغيب والتوجيه الأخلاقي ولا بالعقوبات البسيطة كعشر جلدات أو نحوها .. فهذا كله لا ينفع معه .. ولا يردعه .. وبالتالي لا بد من تغليظ العقوبة عليه أضعافاً مضاعفة .. كما ورد في قانونهم الظالم أعلاه .. حتى يُردع ويُمسِك عن غيه وخطئه!
هذا المعنى لا نرضاه ولا نقبل أن ينتشر ـ في الأمصار ـ عن أهلنا وإخواننا في بلاد الحرمين الشريفين أعزهما الله وزادهما شرفاً لأنه من الظلم .. ولأنه لا يسر إلا الأعداء الذين يتربصون بالإسلام والمسلمين المكائد والشرور!
ومنها : أن المستفيد الوحيد من هذا القانون وأمثاله من القوانين الجائرة هم العلمانيون .. وغيرهم من المجرمين ـ الذين يصطادون في الماء العكر ـ ممن يتربصون بالإسلام والمسلمين المكائد والشر .. هذا القانون يمكِّنهم من ترويج باطلهم وتنفير الناس عن الإسلام فهم يقولون لهم : انظروا هذه الوحشية وهذا الظلم .. هذا هو الإسلام الذي يدعونكم إليه .. من أجل نقل صورة إباحية .. يُعاقبون الفاعل بالجلد ألف جلدة وبالسجن اثنا عشر عاماً وبغرامة مالية تزيد عن دية القتل .. وهؤلاء لا يمكن أن تجدوا عندهم العدل .. ولا التحضر ولا التقدم .. ولا الرحمة .. وبالتالي لا بديل لكم سوى اختيارنا والدخول في منهجنا وطريقتنا المثلى!
ولا أستبعد وجود نفر ممن يشرعون هذه القوانين الجائرة أن يكون هذا هو غرضهم ومرماهم من وراء سن تلك القوانين!
لأجل هذه الأوجه مجتمعة قلنا ونقول ببطلان وفساد هذا القانون الجائر المتخلف!
ونقول كذلك: إذا كان النظام السعودي وحكامه وأمراؤه حريصين فعلاً على ملاحقة الفساد والانحرافات الأخلاقية الشاذة لدى شباب الأمة .. فليوقفوا القنوات الفضائية أولاً .. وكذلك المجلات والجرائد العالمية .. التي تبث الفساد والمجون .. والعهر والفجور والتحلل من القيم الأخلاقية .. لملايين الناس ممن يُتابعون تلك القنوات والجرائد والمجلات .. والتي يرعاها ويمولها أمراء وحكام النظام السعودي!!
صورة ينقلها شاب ـ عن ضعف ونزوة ـ عبر هاتفه النقال جريمة لا تُغتفر .. وأفلام ودعايات .. ونشرات .. ومقالات .. تروج للرذيلة .. والفساد والمجون والتحلل من القيم الأخلاقية .. أمر فيه نظر .. يُغض الطرف عنه .. لكونه صادراً عن أمراء وحكام النظام!!
يضعون شباب الجزيرة ـ كان الله في عونهم ـ في مستنقعٍ من المجون .. والفساد .. والتبرج .. والخلاعة .. ليصرفوهم عن الجد .. والاجتهاد .. والجهاد .. من خلال ما يُعرض عليهم ويُبث في القنوات الفضائية وغيرها من وسائل الإعلام ـ على مدار الساعة ـ التي يرعاها النظام السعودي .. وأمراؤه وحكامه .. ثم يقولون لهذا الشاب .. حذار أن تتلوث .. أو أن تنقل صورة إباحية مما نعرضه عليك ليلاً ونهاراً!
سنلقيك أيها الشاب في اليم .. لكن حذار أن تتبلل .. أو أن تُبلل غيرك .. فحينئذٍ سنضعك عشرين عاماً في السجن!
سنلقيك في النار .. لكن حذار أن تحترق .. أو أن تحرق غيرك .. فحينئذٍ سنجلدك ألف جلدة وجلدة!
لو صدقوا في ملاحقة ومعاقبة المفسدين المنحرفين .. لعاقبوا أولاً رعاة الفساد والتحلل والمجون الأكبر .. من أمراء وحكام النظام .. فهؤلاء الذين يستحقون الجلد والتعزير!
لو كانوا صادقين في محاربة الفساد والمفسدين .. لعملوا جادين على استئصال الأسباب التي تؤدي إلى كل سلوك منحرف مرفوض!
نحن لا نبرر للشباب فعل الخطأ ونرفع عنهم المسؤولية أياً كانت الأسباب وكانت الظروف .. ولكن نقول: لو استقام الرعاة .. لاستقامت الرعية .. وما فساد الرعية إلا من فساد الرعاة .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أبو بصير الطرطوسى  : 1426/3/13 هـ. -  2005/4/21                  
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 أين أنتم يا علماء الجزيرة ..؟!
بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى أله وصحبه ومن والاه ...
أيها العلماء .. يا علماء الجزيرة العربية .. يا هيئة كبار العلماء .. ها قد تنادت قوى الكفر والشرك والنفاق في العالم كله لنصرة الأصنام الآلهة في أفغانستان .. أهانوا كتاب الله وحرقوه من أجل إنقاذ هذه الأوثان .. أبدوا استعدادهم في أن يبيدوا شعب أفغانستان المسلم بكامله من أجل هذه الأوثان .. مما يدل على أن الموضوع أكبر من مجرد كونه تراثاً ينبغي المحافظة عليه كما يزعمون ..!
كل الناس تكلموا وأفصحوا وأبانوا عما في نفوسهم من باطل نصرة لهذه الأوثان الطواغيت بما في ذلك علماء السوء الذين باعوا دينهم وآخرتهم بثمن بخس إرضاء لطواغيت البشر التي تنادت لنصرة طواغيت الحجر وحرمت على المؤمنين الموحدين تحطيم الأوثان الآلهة .. حتى ظن الناس أن الطالبان آثمون مخطئون في تحطيمهم لهذه الأوثان الآلهة التي تُعبد ـ من أكثر من نصف أهل الأرض ـ من دون الله تعالى ..!!
أين أنتم أيها العلماء من هذا الحدث الجلل .. لماذا الأمة لا تسمع لكم صوتاً ولا همساً .. لماذا لا تقولون كلمتكم وتبينون حكم الله تعالى في هذه القضية الهامة العامة .. لماذا لا تصدعون بالحق وتبينونه للناس.. ؟؟!
لماذا تكتمون العلم في وقت تشتد فيه حاجة الناس إليه .. ألم تقرأوا قوله تعالى:( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ).
وقال صلى الله عليه وسلم :" ما من رجل يحفظ علماً فيكتمه إلا أُتي به يوم القيامة ملجماً بلجام من نار ".
وقال صلى الله عليه وسلم :" أيما رجل آتاه الله علماً فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ".
يا علماء الجزيرة العربية .. يا هيئة كبار العلماء: طالما كنتم تتكلمون عن شرك القبور وشرك الأوثان والتصاوير .. فعلام اليوم لا نسمع لكم في ذلك قولاً ولا رأيا .. علام آثرتم السكوت عن الحق .. في الوقت الذي تتنادى فيه الشعوب الضالة والحكومات الكافرة : أن انصروا آلهتكم وأصنامكم وأوثانكم ..؟! 
هل تخشون عروش الطواغيت .. ولا تخشون ذا العرش المجيد           ( أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ) .
أتخشون ظلمة سجون الطواغيت .. ولا تخشون ظلمة القبور ..؟!
أتخشون سلاسل الطواغيت .. ولا تخشون ( سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه ) يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ..؟!
أم أنكم تخشون فوات العطاء والمنح التي يسكتكم بها الطاغوت ويشتري بها ذمتكم ودينكم وكلمتكم إلا ما يصب في هواه وخدمته ..؟!!
هل نسيتم أن الرازق المانع المعطي الواهب الذي بيده الملك كله هو الله تعالى وحده..؟!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يمنعنَّ رجلاً هيبةُ الناسِ أن يقول بحقٍّ إذا علمه فإنه لا يقرب من أجلٍ ولا يُبعدُ من رزق ".
أين الأمانة الملقاة على عاتقكم كعلماء .. وكورثة للأنبياء .. لتبينن الكتاب ولا تكتمون منه شيئاً ..؟!
إذا لم تنصروا التوحيد فماذا ستنصرون ..؟!
وإذا لم تخذلوا الشرك وعبادة الأوثان فماذا ستخذلون ..؟!
وإذا لم تتكلموا في هذا الوقت العصيب ـ الذي فُتن فيه الناس ـ فمتى ستتكلمون ..؟!
إذا جاء شرك القبور والأوثان والأصنام مخالفاً لسياسة القصور انبريتم بالحديث عن شرك القبور والأوثان لا يكل لكم لسان .. وإذا جاء شرك القبور والأوثان ملائماً وموافقاً لسياسة القصور .. تهيبتم وخنستم وآثرتم الصمت والسكوت عن الحق .. مراعاة لمشاعر الطواغيت وسياسة القصور .. خشية الوقوع في الفتنة !!
وأي فتنة أشد من فتنة الشرك وعبادة الأصنام ..؟!
وأي فتنة أشد من خذلان التوحيد وأهله ..؟!
هذا هو شرك القصور الذي طالما كنا نحذركم منه .. والذي طالما كنتم تنكرونه وتعدونه من البدع والمحدثات التي لا أصل لها .. ها أنتم تقعون فيه وترونه رأي العين ؟!!
حُرمتم من ميادين الجهاد والقتال في سبيل الله .. فلا تحرموا أنفسكم من ميادين جهاد الكلمة والصدع بالحق .. ولسوف تُسألون عن كل ذلك ؟!
أيها العلماء .. يا علماء الجزيرة العربية التي منها انطلق الحق والعلم والنور .. يا هيئة كبار العلماء: دعوني أصارحكم بما يقوله الناس عنكم .. أصارحكم بما نسمعه من الناس عنكم .. ونحن لا نألوا جهداً في الذب عنكم والتأويل لكم .. أصارحكم مصارحة المشفق المحب لكم كل خير .. عسى أن تراجعوا أنفسكم وتعلموا أين أنتم من جادة الحق والصواب !!
يقول الناس عنكم: علماء السلاطين .. كتموا الحق والعلم .. باعوا دينهم وآخرتهم وجنان الخلد بالمرتب الشهري الذي يتلقونه من الطواغيت .. باعوا آخرتهم بدنيا السلاطين .. وظفوا علمهم فيما يصب في خدمة الطواغيت .. وليس في خدمة التوحيد والملة .. نصروا طواغيت الحكم وخذلوا الموحدين .. تدور فتاويهم مع السلطان حيث دار وحيث أراد ..  كذبوا أمتهم وما صدقوها النصح .. انشغلوا في كل مسألة وفصلوا فيها أحسن تفصيل .. إلا ما له مساس في حياة الشعوب وواقعهم فلم يبينوه .. لا إله إلا الله لا تقبل عندهم إلا إذا كانت لا تعارض مصالح طواغيت الحكم .. أما إذا جاءت لا إله إلا الله مغايرة لمصالح وسياسات الطواغيت رُدت بزعم عدم الوقوع في الفتنة .. هذا الذي يقوله الناس عنكم .. هذا الذي يتناولونه في مجالسهم العامة والخاصة ؟!
       يقولون عنكم: ضلت الأمة لما ضل علماؤها .. تخلفت الأمة عن مواكبة الحق في جميع ميادين الحياة لما تخلف علماؤها عن دورهم الريادي والأساسي في قيادة البلاد والعباد .. وآثروا العكوف في الزوايا .. والرضى بالفُتات اليسير الذي يُرمى إليهم من الطاغوت ..!! 
لا تلوموا الناس ـ أيها العلماء ـ ولوموا أنفسكم .. راجعوا أنفسكم .. ذنوبكم هي التي جرأت الناس عليكم .. كتمانكم للحق والعلم مؤداه إلى نتيجة حتمية لا يمكن أن تتخلف( أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ).
اتقوا الله أيها العلماء .. اتقوا الله فيما علمكم الله وفيما استخلفكم فيه واستأمنكم عليه .. اتقوا الله في الناس .. اتقوا الله في أمة الإسلام .. اتقوا الله واصدعوا بالحق ولا تخشوا في الله لومة لائم .. فغداً إنكم لا بد لميتون .. وكل واحد منكم في قبره بعد أن يعاين الآيات كأني به يقول: ياليتني صدعت بالحق .. يا ليتني لم أكتم علماً .. يا ليتني لم أخش فلاناً .. يا ليتني لم أتخذ الطاغوت خليلاً .. يا ليتني أُرد إلى الحياة الدنيا لأعمل صالحاً وأقول الحق .. فيقع له الندم الشديد على ما فرط في جنب الله ولات حين مندم ..!
أيها العلماء: ها قد تمايز الناس صفان فيما يخص أصنام وأوثان أفغانستان التي تُعبد من دون الله .. والله تعالى وعباده ينظرون لكم ماذا ستفعلون .. وماذا ستقولون .. وفي أي صف ستقفون .. في صف أنصار الشرك وعبادة الأوثان .. أم في صف الموحدين محطمي الأوثان ..؟!! 
نسأل الله تعالى لنا ولكم الثبات وحسن الختام .. وأن يقوي قلوبنا على نصرة الحق والتوحيد .. إنه تعالى سميع قريب مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
أبو بصير الطرطوسى  1421/12/15 هجرية – 2001/3/10 م



 الفرقُ بين هديَّة الملكِ السُّعودي وهديَّة الرئيس الأمريكي
بسم الله الرحمن الرحيم
       فقد استوقفني خبر عن لقاء ـ تناولته بعض وسائل الإعلام ـ على هامش مؤتمر " حوار الأديان " الذي عُقِد في مدينة نيويورك في الجمعية العامة للأمم المتحدة .. جمع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الأمريكي جورج بوش ليتبادلا فيما بينهما الهدايا .. وعلى مبدأ تهادُوا تحابوا .. وربما هذه الهدايا والعطايا تُعد من المقدمات والمتطلبات الضرورية لنجاح حوار الأديان المزعوم والمعقود!
       فكانت هدية الرئيس الأمريكي " جورج بوش " للملك السعودي عبارة عن مجموعة من الصور الورقية القديمة ـ غير ملونة ـ أُخذَت لبعض المسؤولين الأمريكيين القدامى وهم مع الملك عبد العزيز أو بعض من جاء بعده من أبنائه .. لا يزيد ثمنها وكلفتها عن بضعة دولارات لا غير!
       ولما جاء دور الملك السعودي لكي يقدم هديته لصاحبه الحميم " جورج بوش " كانت عبارة عن لوحة ذهبية من الذهب الخالص مرصّعة بالجواهر .. تحتوي على مجسمات ذهبية من النخيل والجمال .. والخيول .. والأسود .. يُقدر ثمنها بمئات الآلاف من الدولارات إن لم يكن بالملايين .. فلم تصدق عيناى " جورج بوش " وأخذ يردد ـ بانبهار شديد ـ شكراً سيدي .. شكراً سيدي .. على هديتك الثمينة[ من الهدايا التي قدمها الملك السعودي عبد الله لوزيرة الخارجية الأمريكية " كوندليزا رايس " كما أفادت بذلك صحيفة الجارديان البريطانية وغيرها من وسائل الإعلام: قلادة من ألماس وأقراطاً وسواراً وخاتماً قيمتها " 165 " ألف دولار .. فتأمل!! ]!
       أرأيتم الكرم العربي .. أين يُوضَع .. أرأيتم كيف تُنفَق وتُهدَر أموال الأمة .. وعلى من تُنفَق .. ومن دون حسيب ولا رقيب؟!
الأمة ـ بما فيها المجتمع السعودي ذاته ـ تعاني صنوفاً من الفقر .. والجوع .. والمرض .. والجهل .. والحرمان .. أطفالنا وأمهاتنا في غزّة المحاصرة لا يجدون لقمة العيش .. ولا الدواء .. ولا الكهرباء .. ولا رغيف الخبز .. ولا حتى الماء النظيف .. وفي المقابل الملك السعودي حامي حمى التوحيد والإسلام .. كما يزعمون ويكذبون .. يهدي هداياه الثمينة التي لا تُقدَّر بثمن إلى طاغية العصر " جورج بوش " الملوث بدماء عشرات الآلاف من المسلمين الأبرياء .. وهو إلى الساعة لا تزال آلته العسكرية الضَّخمة مستمرة في سفك الدم الحرام في بلاد المسلمين .. وفي حصار النساء والأطفال الرضَّع من أبناء المسلمين .. ومنع الغذاء والدواء عنهم! 
هذا كله لا يُؤبَه له ولا يُعد سبباً كافياً يمنع الملك السعودي ـ حامي حمى الإسلام!! ـ من أن يُقدم الهدايا الثمينة إثر الهدايا لطاغية البيت الأبيض .. والتي هي في حقيقتها لا تعدو عن كونها رشوة من جملة الرشاوي الكثيرة التي يرشي بها حاكم وساسة البيت الأبيض .. عساهم أن يرضوا عن النظام السعودي .. ويغضوا الطّرف عن ظلمه ونواقصه ومخازيه .. ويستمروا في حمايته!
       وأنا أقول للملك السعودي .. وللطغاة المبذِّرين من أمثاله .. لو كانت الأمة تملك قرارها بيدها .. لحاسبتكم على إسرافكم وتبذيركم .. وتصرفاتكم بأموال الأمة بغير وجه حق .. ولحظرت عنكم المال .. عملاً بقوله تعالى:( وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً ) النساء:5.   لكن عما يبدو بين أمتي وبين هذا الإجراء الحضاري .. وقدرتها على محاسبة ومساءلة الطغاة الآثمين على تفريطهم بحقوق الأمة ومقدراتها وطاقاتها .. بوناً واسعاً .. أدعو الله تعالى أن يُقرّب يومَه .. وما ذلك على الله بعزيز.
" أبو بصير الطرطوسي "
1429/11/16 هـ. - 2008/11/14 م.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 مشاريعُ استثمارية .. أم أنها رشوةٌ ومداهنَةٌ وموالاة
 بسم الله الرحمن الرحيم
       الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده  ثم أما بعد .
       فقد استوقفني خبر تناقلته قناة الجزيرة في موقعها على الإنترنت تحت عنوان " الرياض تحمل إلى واشنطن مشاريع بـ 620 مليار " جاء في الخبر:" أن السعودية تعتزم عرض مشروعات استثمارية على قطاع الأعمال الأمريكي تصل قيمتها 620 مليار دولار وذلك خلال زيارة وفد تجاري سعودي إلى الولايات المتحدة غداً السبت "!
       قلت: جاءت هذه الصفقة الخيالية كنتيجة لزيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن .. وهو أبرز ما تمخضت عنه محادثاته مع الرئيس الأمريكي بوش !
والسؤال الذي يطرح نفسه: تحت أي معيار يُمكن أن يُفسر هذا الفعل وهو أن يضع النظام السعودي ثروة الأمة .. ثروة شعبه المغلوب على أمره .. هذا المبلغ الضخم الخيالي " 620 " مليار دولار في سلة واحدة .. في السلة الأمريكية .. التي تتزعم محاربة الله ورسوله .. ومحاربة الإسلام والمسلمين؟!
لم يكتف النظام السعودي بأنه يضخ البترول ـ عصب الصناعات ـ لأمريكا بثمنٍ بخس .. وأحياناً بلا ثمن .. لذا فهو يضع هذه الثروة الطائلة التي توازي ميزانية دول عدة مجتمعة في سلة الطغيان الأمريكي! 
كيف يمكن أن نفسر هذا السخاء السعودي نحو أعتى وأطغى دولة في العالم .. مع علمنا أن هذا المبلغ الضخم المذكور أعلاه " 620 " مليار دولار .. يمكِّن أمريكا من أن تشن ثلاثة حروب أخرى على أمة الإسلام كالتي شنتها على دولتي العراق وأفغانستان معاً؟!
هل هو حقاً من أجل المشاريع والاستثمار .. كما زعموا .. أم أن للقوم مآرب أخرى من وراء تلك المشاريع الموهومة الصورية؟!
الجواب يعرفه كل مراقب منصف: أن الغرض من وراء تلك الصفقات الملغومة المشبوهة .. هو رشوة النظام السعودي وأمرائه للدولة الأمريكية .. كي تحافظ الأخرى على ملك ونظام طواغيت آل سعود .. أو على الأقل مقابل أن تسكت أمريكا على ما تراه من تجاوزات وانتهاكات يرتكبها النظام السعودي بحق شعبه وبلده .. وبحق ثروة الأمة .. وأن تُمسك عن التدخل والحديث عن شؤونه الداخلية!
       فالنظام السعودي يريد من وراء سخائه المترف هذا أن يقول لأمريكا ومعها دول الغرب: لن تجدوا أفضل منا لكم .. ولن تجدوا أسخى وأكرم منا عليكم .. وعلى مصالحكم .. لذا المرجو والمأمول منكم أن لا تفكروا بتغييرنا واستبدالنا بغيرنا ممن لا يأبه لمصالحكم مثلنا! 
إضافة لما تقدم .. فإن هذا السخاء اللامحدود الذي يمد به النظام السعودي قوى الكفر والطغيان ممثلة في أمريكا لا يُمكن أن يُدرج ولا أن يُفسر سوى أنه دعم ونصرة وموالاة من النظام السعودي لتلك الدولة المارقة الطاغية في حروبها المعلنة والمبطنة على أمَّة الإسلام ودينها تحت عناوين ومزاعم محاربة الإرهاب .. زعموا !
إذا كان دعم ونصرة أمريكا ـ المحاربة للإسلام والمسلمين ـ بمثل هذه المبالغ الخيالية الطائلة .. التي تنعش وتنقذ اقتصادها المنهار .. لا يُدرج في الموالاة الكبرى .. فما هي الموالاة .. وكيف تكون؟!!
يمن آل سعود ـ ومعهم بطانتهم من مشايخ السوء ـ تلك الملايين المعدودات من الريالات التي تُنفق على حجاج بيت الله الحرم .. والتي تُؤخذ أضعافها من الحجاج .. بينما تراهم يدفعون بنفس طيبة سخية تلك المئات من المليارات الدولارات ـ كضريبة على بقائهم في سدة الحكم ـ لأطغى دولة تحارب الله ورسوله!
يمن آل سعود ـ ومعهم بطانتهم من مشايخ السوء ـ نفقة تلك النسخ المعدودات من القرآن الكريم التي يطبعونها .. بينما ترى سخاءهم على أعداء الأمة يُعد بمئات المليارات من الدولارات .. يدفعونها كواجب وكضريبة لا فضل لهم فيها ولا منة!!
أعجب من بعض الدعاة والشيوخ الذين يُطالبون أفراد الأمة بمقاطعة مشروب " كوكا كولا " الأمريكي من قبيل مقاطعة الاقتصاد الأمريكي زعموا .. بينما عندما تُنهب أموال وثروات الأمة بمئات المليارات من الدولارات ـ من قِبل طواغيت الحكم ـ لتصب في سلة الاقتصاد الأمريكي .. وسلة الاقتصاد الصهيوني .. فلا تسمع لهؤلاء الشيوخ حساً ولا همساً .. والحديث عن المقاطعة الاقتصادية حينئذٍ يصبح بدعة .. وفتنة نائمة لعن الله من أيقظها !! 
خشيتم يا آل سعود أمريكا أكثر مما تخشون الله .. وسعيتم في إرضائها بسخط الله .. فسَخِط  اللهُ عليكم .. وأسخط عليكم الناس .. ووضع لكم في قلوبهم وعلى ألسنتهم السخط واللعن .. ولو أرضيتم اللهَ بسخط أمريكا .. وسخط غيرها من الناس .. لرضي الله عنكم .. وأرضى عنكم الناس .. وكفَّ عنكم أذاهم وشرهم !
كما في الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من التمس رضا الله بسخط الناس  رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ".
وقال صلى الله عليه وسلم :" من أرضى اللهَ بسخط الناس كفاه الله الناسَ و من أسخط اللهَ برضى الناس وكَّله الله إلى الناس ".
أبو بصير الطرطوسى
1426/3/30  هـ  -  2005/5/8 م
----------------------------------------------------------------------------------------------

ولي العهد السعودي وحمار جُحا 
بسم الله الرحمن الرحيم
       استوقفني خبر نشرته القناة العربية في موقعها على الإنترنت تحت عنوان:" ولي العهد السعودي: نعمل لإرساء الديمقراطية الحقيقية ونأمل في تحقيقها خلال أقل من 20 عاماً .. الديمقراطية هي جزء من إيماننا الإسلامي "!
       فذكَّرني ذلك بقصة جُحا مع الملك الظالم عندما فرض الآخر على الناس تعليم حماره القراءة والكتابة .. والذي كان يرفض تعليم حمار الملك .. أو يُظهر عجزه عن تعليمه .. كان الملك يقتله.. إلى أن جيء له بجحا .. فقال له الملِك: إما أن تعلِّم حماري القراءة والكتابة .. وإلا قتلتك .. فما رأيك ؟!
       قال له جحا: نعم أعلمه .. وأنا قادر على ذلك !
       فبُهت الملِك وقال: كيف ..؟!
       قال جحا: بشرطين: أن تمنحني مائة عام .. ونفقة تلك الأعوام المائة التي سأتفرغ فيها على تعليم حمارك !
       فوافق الملك على شرطَي جحا ..!
       فقال الناس لجحا مندهشين: كيف ستقدر على تعليم حمار الملك القراءة والكتابة .. والحمار يُضرَب فيه المثل في الغباء .. ألا تخشى أن لا توفي بوعدك للملك .. فيقتلك؟!
       قال جحا: بعد مائة عام إما أن أموت أنا .. أو يموت الحمار .. أو يموت الملك .. المهم أن أنجو الآن!!
       وهكذا ولي العهد السعودي: فهو خلال عشرين عاماً إما أن يموت هو .. أو تموت الديمقراطية ويذهب بريقها .. أو تموت أمريكا ويذهب سلطانها .. التي تفرض على حكام العرب في هذه الأيام تعلم الديمقراطية .. والعمل بها !
       المهم أن ينجو بنفسه الآن ...!!
       ونقول لولي العهد السعودي كذلك: كيف نوفق بين قولك وزعمك المتكرر بأن الدولة السعودية تقوم على تعاليم الإسلام .. وتطبيق مبادئه وأحكامه .. وقولك هذا بأنك ستحقق وتطبق الديمقراطية ـ التي هي جزء من إيمانك وإسلامك ـ خلال عشرين عاماً .. أي أن هذا الجزء من
الإيمان والإسلام ـ كما زعمت ـ لم تُطبقه بعد .. وإنما تأمل تطبيقه وتحقيقه خلال عشرين عاماً!!
       الكذب شين .. وأشنعه وأقبحه عندما يأتي من الملوك أبناء الملوك!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : شيخ زانٍ وملكٌ كذَّاب وعائلٌ مُستكبر ".
أبو بصير الطرطوسي
1426/3/10 هـ.        2005/4/18 م.                                        

-----------------------------------------------------------------------------------------------

 الملك السعودي قد وفَّى بوعده!
بسم الله الرحمن الرحيم
       الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده   وبعد . 
       لعلّكم تَذكرون مقالتنا المعنونة بـ " ولي العهد السعودي وحُمار جُحا " والمؤرخة بتاريخ 18/4/2005 والتي نقلنا فيها بعض تصريحات الملك السعودي عبد الله ـ يوم أن كان ولياً للعهد ـ لبعض وسائل الإعلام وجاء في قوله:" نعمل لإرساء الديمقراطية الحقيقية ونأمل في تحقيقها خلال أقل من 20 عاماً .." ولكن خطوة خطوة! 
ومما جاء في ذلك اللقاء الذي أجرته معه صحيفة " لوموند الفرنسية " بواسطة صحفيتين فرنسيتين: 
الصحفيتان: نحن سيدتان صحفيتان وقد وافقتم على استقبالنا وعلى الرد على أسئلتنا متى ستتمكن نظيراتنا السعوديات من القيام بذلك؟ 
ولي العهد: في وقت أقل من ذلك الذي تطلبه ذلك لديكم أن تقوم امرأة بإجراء لقاء مع رجل ..! 
الصحفيتان: إذن غداً ستتمكن صحفية سعودية من إجراء مقابلة معكم؟
ولي العهد: السعوديات دخلن منذ فترة ميدان الحياة العملية إنهن عاملات في المصارف والقطاع العام ومع الوقت ستتطور عقليتهن وكذلك ذهنية أزواجهن وأبنائهن وهذا سيتطلب سنوات أقل من أصابع اليد الواحدة .." انتهى. 
وها هو ولي العهد بعد أن أصبح ملكاً قد وفَّى بوعده بالسير نحو تحقيق الديمقراطية ـ بالمعنى الذي يرضي فرنسا وغيرها من دول الغرب ـ بافتتاح أول جامعة ضخمة يقوم نظامها على الطريقة الغربية الأمريكية بتكريس الاختلاط بين الطلاب والطالبات .. وغض الطرف عن سلوك الطلاب والطالبات ولباسهن .. والتي سماها باسمه " جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا " كخطوة نحو إرساء الديمقراطية الحقيقية كما يراها الملك السعودي .. وكما يريدها النصارى في دول الغرب أن تكون في الجزيرة العربية .. حفظها الله وأهلها من كل سوء. 
الملك السعودي عندما رمى شعبه بالتخلف .. وراهن على بضع سنوات كفيلات بأن تطوره وتنقله من دائرة المحافظة والالتزام إلى دائرة التفلَّت والخنزرة والدياثة والفسوق .. ليسهل عليه بعدها بتطبيق الديمقراطية ـ بمعناها الإباحي والمرضي لدول الغرب ـ بخطى سريعة أسرع من سرعة نشأتها في بلاد الكفر .. من دون أن يجد تلك المعارضة المؤثرة من شعبه المسلم المحافظ  .. فهو كان يعني ما يقول .. ويخطط  لما يقول! 
عندما قال الملك السعودي:" وهذا سيتطلب سنوات أقل من أصابع اليد الواحدة " قد وفَّى بوعده .. وترجمه بقيام أكبر صرح تعليمي يُقام في جزيرة العرب على أساس الاختلاط والتفلت من القيود الشرعية .. وهو ماضٍ في تنفيذ وترجمة وعده .. وهذا الصرح الجامعي الضخم القائم على أساس الاختلاط .. ليس أول خطوة ولا آخر خطوة .. نحو دمرقطة الجزيرة العربية وقرمطتها .. فقد سبقتها خطوات عديدة .. وستليها خطوات عديدة أخرى .. ستكون أشد خطراً وإيلاماً وانحرافاً من مجرد قيام صرح علمي على أساس الاختلاط .. والأيام فيما بيننا .. وستذكرون ما أقوله لكم! 
أكثر دولة عربية ترسل شبابها وبناتها إلى أمريكا ودول الغرب للدراسة .. هي السعودية .. وهي لا ترسلهم فقط من أجل تحصيل المواد العلمية التجريبية .. ليعودوا بخبرات نافعة إلى بلادهم .. بل ترسلهم كذلك من أجل دراسة المواد الأدبية والإنسانية والشرعية .. ليعودوا إلى بلدهم مشوهين .. ومدجّنين ومروضين على قبول التطورات الديمقراطية التي قد وعد بها الملك عبد الله ويسعى إلى تحقيقها في عقر وقلب بلاد الإسلام والمسلمين .. وليستلموا بدورهم المؤسسات التعليمة .. القائمة على الاختلاط .. والتي تخرج الأجيال وتنشئهم على العلمانية والليبرالية والديمقراطية!
أما الشيوخ المحافظون المتشددون والتقليديون .. الذين يُعادون التطور والانفتاح والديمقراطية والاختلاط ـ بعد أن تكون قد تحققت لهم العزلة التامة عن المجتمع والشباب السعودي من خلال تلك الخطة في تغريب العملية التعليمة .. وتغريب الشباب السعودي في أمريكا وبلاد الغرب .. ومن ثم تغريب عقولهم وطريقة تفكيرهم وحياتهم ـ فهؤلاء وظيفتهم تقتصر على العمل عند النظام الحاكم كشاهدي زور .. صم بكم عمي .. لا يسمعون ولا يبصرون من واقع الأمة ومشاكل شبابها شيئاً إلا ما يُسمعهم ويُريهم إياه النظام الحاكم .. ولا يتكلمون إلا ما يأذن به النظام أن يتكلموا به .. مقابل راتب ضخم يأتيهم نهاية كل شهر .. لا يعدو عن كونه رشوة يشترى به النظام الحاكم دينهم وكلمتهم وذمتهم .. وحريتهم .. ومن يُحاول منهم أن يخرج عن هذا الطوق والحصار .. والنظام الوظيفي القاتل والممل .. ويتفوه بكلمة واحدة تأتي في الاتجاه المعاكس لسياسات وتوجهات النظام الحاكم .. نحو التطور إلى التحلل والانفلات والديمقراطية التي يسعى لها نظام الملك .. فمآله إلى الطرد .. والفصل من وظيفته .. وحرمانه من جميع مخصصاته وحقوقه .. وأن يُفرَض عليه حظر يمنع عنه جميع أنواع وصور التواصل بينه وبين الناس .. ليكون عبرة لغيره من المشايخ ممن تُراودهم أنفسهم أن يتكلموا أو يتنفَّسوا .. والشيخ سعد الشثري العضو في هيئة كبار العلماء السعوديين .. وما حصل له بسبب كلمة واحدة قالها عن الاختلاط جاءت في الاتجاه المعاكس لتوجهات وسياسات ومخططات الملِك الجاهل .. مثال صريح على ما ذكرناه! 
الليبراليون العلمانيون والإباحيون في المجتمع السعودي .. لهم كامل الحق والحرية في أن يعبروا عن أفكارهم وكفرهم وزندقتهم عبر جميع الوسائل .. وهم يلقون كامل الدعم والتشجيع من العائلة المالكة ـ تركي الحمد مستشار الملك السعودي مثال على ذلك ـ بينما العضو من هيئة كبار العلماء لا حرية له البتة في أن يتكلم أو أن يفتي أو أن يتنفس .. إلا بإذنٍ من النظام الحاكم .. وفيما يُلامس أهواء الحاكمين والمتنفذين من العائلة المالكة .. من شروط التحاق أي عالم بهيئة كبار العلماء .. أن لا يتفوه بأي كلمة تُخالف سياسات وتوجهات وأهواء العائلة الحاكمة .. وعلى مبدأ الطاغية فرعون مع قومه:) قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ )غافر:29. 
زعموا أن دولتهم قائمة على التوحيد وهم ـ مع هذا الزعم الكبير ـ يذلون ويهينون أهل الطّاعة والتوحيد .. حتى جعلوا منهم سخرية وأضحوكة للناس .. وفي المقابل يعزون ويكرمون أهل الكفر والفسوق والعصيان .. وإنه لزعم أثقل في ميزان الحق على الحق من الباطل ذاته!
أيها العلماء ـ وأعني علماء هيئة كبار العلماء ـ النظام السعودي قد أذلّكم أيما إذلال .. واستخدمكم لمآربه وأهوائه وسياساته .. بطريقة لم يستخدمها نظام أو طاغية من قبل مع علماء بلده .. واعلموا أن العمل عنده كشاهد زور حرام بنص الكتاب والسنة .. وهو سُبَّة لكم أبد الدهر في الدنيا والآخرة سواء .. لا فخر لكم فيه أبدا .. وعندما يخوض الشباب المسلم فيكم .. وفي أمانتكم .. ومدى خذلانكم للأمانة الملقاة على عاتقكم .. فلا تلوموا إلا أنفسكم .. أنتم بأنفسكم رضيتم لأنفسكم هذا الذل والهوان .. وأوردتموها موارد الشبهات .. والخرسان والعميان .. ورضيتم أن تجلسوا في مجالس الزور والظلم .. وأن تعملوا ـ في نظام الملِك ـ كشاهدي زور .. وليس كعلماء ربانيين .. بينما الملك ونظامه لا يهمه من وجودكم سوى كيف يستثمركم لمآربه وأهوائه .. وكيف تتحدثون  ـ باسترسال وتوسع ـ عن الفئة الضالة ! 
ولأهلنا في الجزيرة العربية ـ حفظهم الله من كل سوء ـ أقول: اعلموا أن تقرير نظام الاختلاط في جامعة الملك عبد الله .. ما كانت أول الشر .. ولن تكون آخر الشر .. بل هي خطوة من تلك الخطوات التي وعد بها الملك الجاهل .. نحو تعرية نسائكم ودمرقطة وقرمطة المجتمع السعودي .. وحصول الفواحش ما ظهر منها وما بطن .. كما نجحوا من قبل في تعرية وإفساد نساء القاهرة .. ودمشق .. وتونس .. وغيرها من البلدان .. إلا من رحمه الله وعصمه .. وهذا كله من أجل عيون الغرب وأمريكا .. مقابل أن يرضوا عن آل سعود وعن حكمهم للبلاد والعباد!
ملككم الجاهل قال " خطوة .. خطوة " وقد صدقكم في هذه .. فالخطوة الأولى أدخل بيوتكم عشرات القنوات الفضائية الفاضحة والإباحية .. والممولة بالمال السعودي .. ولكي تتجرأوا على دخول تلك القنوات الماجنة .. وإدخالها إلى بيوتكم .. أذن النظام لبعض الشيوخ السعوديين أن يتكلموا في بعض تلك القنوات .. ليكون العذر أنكم تدخلون إلى تلك القنوات لتتابعوا حلقات ودروس الشيخ .. وليس لشيءٍ آخر .. والشيخ بدوره لا يتردد بإصدار الفتاوى الشرعية الداعمة لتلك القنوات الماجنة التي " يعنتظ " فيها!
ثم الخطوة الثانية .. أرسل شبابكم وبناتكم .. إلى أمريكا ودول الغرب .. ليتلقوا القيم الديمقراطية الليبرالية من جامعاتهم ومعاهدهم .. ليعودوا إليكم دعاة وأساتذة في الديمقراطية والليبرالية والإباحية!
ثم تبعها خطوة إخراج المرأة من بيتها طلباً للوظيفة في مكاتب الرجال .. بزعم الفاقة والحاجة .. بينما ملككم أغنى رجلٍ في العالم .. لو نثر عليكم قليلاً مما يملك ـ بغير حق ـ لأصبحتم أغنى شعب في العالم .. ثم خطوة إنشاء مسابح وصالات رياضية للنساء .. وبعد ذلك فرق رياضية نسائية فريق لكرة السلة .. وفريق لكرة القدم .. وفريق لكرة الطائرة .. ومجلات خليعية متخصصة للمرأة الخليجية .. وبعدها فنادق خاصة للنساء .. وسينامات للنساء غير مختلطة! .. ثم جاءت خطوة الاختلاط بين الجنسين في مقاعد الدراسة .. وهكذا خطوة .. خطوة .. نحو طريق الانحلال والتفسخ القيمي والأخلاقي .. ولو جاء الوقت الذي ترون فيه الشباب يتأبطون الفتيات في الشوارع بالحرام .. على مرأى ومسمع من الناس .. وشيوخ هيئة كبار العلماء .. من دون أن تقدروا أن تفعلوا أو تنكروا شيئاً .. فلا تلوموا ـ حينئذٍ ـ إلا أنفسكم .. واعلموا أن صمتكم على الخطوة الأولى نحو الانحراف هو الذي أوصلكم إلى الخطوة الأخيرة ـ وما بعد الأخيرة ـ نحو الانحراف!
قد انهارت ـ أمام مخططاتهم ومكائدهم ـ جميع الحصون .. وفي جميع بلاد المسلمين تقريباً .. وغاظهم حصن المرأة المسلمة في الجزيرة العربية .. في مكة المكرمة .. ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم .. الذي لم يتسوروا محرابه وأسواره بعد .. وها هم يُحاولون .. لكن هذه المرة عن طريق ملككم الجاهل .. عساه أن يحظى منهم على نظرة رِضى عليه وعلى حكمه ونظامه .. صدق الله العظيم:( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ) البقرة:120.
حفظكم الله ـ ودياركم ـ من كل سوء .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أبو بصير الطرطوسي  1430/10/21 هـ. 2009/10/10 م.

-----------------------------------------------------------------------------------------------

 أنتمُ البادئُ يا آلَ سعود وأنتمُ الأظلَم 
بسم الله الرحمن الرحيم 
       الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين   وبعد. 
       من الأخطاء الشائعة التي يقع بها بطانة وأبواق النظام السعودي أنهم ما من حدثٍ يقع في بلاد الحرمين الشريفين ـ قد يكون من عند أنفسهم ومن عند أولياء أمورهم من طواغيت الحكم والظلم .. وبما جنت أيديهم الآثمة الظالمة ـ إلا وتراهم يتسابقون إلى شجبه وإنكاره .. ويضجون ويصخبون .. وينظرون إليه بعين الحوَر والعوَر .. فهم لا يرون ولا يُظهرون إلا الجانب الذي يرضيهم ويُرضي أسيادهم .. من دون أن ينظروا إلى الجانب الآخر الذي يلقي المسؤولية عليهم وعلى النظام والقائمين عليه من المفسدين والمخربين الحقيقيين .. وهذا من الغش والكذب في النصح .. وهو أسلوب من لا يريد الإصلاح ولا السلامة للبلاد والعباد..!
       يفعلون ذلك .. بينما عندما يقوم جلادو ومجرمو النظام السعودي بهدر الدم الحرام في البلد الحرام .. ويكون لهم السبق في الاعتداء على الحرمات .. ويتعمدون قتل صفوة شباب الأمة جهاراً نهاراً .. استرضاء وتقرباً لأمريكا وغيرها من دول الكفر .. ويقومون باعتقال من يستطيعون اعتقاله من الشباب المسلم ـ وعددهم بالمئات إن لم يكن بالآلاف ـ ليفتنوهم عن دينهم وليمارسوا عليهم أشد أنواع التنكيل والتعذيب .. والإذلال والمهانة .. عندما يفعل النظام ذلك .. لا نسمع لبطانة السوء هذه همساً ولا إنكاراً .. ولا حديثاً عن حرمة المسلم .. وحرمة دمه .. وحرمة الاعتداء عليه .. والتعرض له بأي نوع من أنواع الأذى .. فيتناسون كل النصوص الشرعية التي تحرم ذلك .. ويتحولون إلى خرسانٍ من الشياطين !
       الدم الذي يسفكه النظام الطاغي ظلماً وعدواناً .. بحق المؤمنين المجاهدين .. حلال .. وعمل مبارك .. ولا أحد يتكلم ولا يعترض .. والدم الذي يُسفك من النظام الطاغي وجلاديه ومجرميه .. كدفاع عن الأنفس والحرمات .. ورد الظلم والعدوان .. حرام .. ومرتكبوه في النار!
       أنا هنا لا أريد أن أقيِّم حدثَاً معيناً لا أملك عنه المعلومات الكافية والصادقة التي تمكني من تقييمه والحكم عليه .. فأعيذ نفسي وغيري من الدعاة وأهل العلم أن نكون ذلك الصنف من القضاة الذين يحكمون على الأشياء بجهل وغير علم .. نبتغي مرضاة الطواغيت الظالمين ..  فيصدق فينا قول النبي صلى الله عليه وسلم :" ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار ". 
       ولكن دعونا ننظر للأشياء بخلاف نظرة الأبواق من مشايخ السوء والسلطان .. وبشيء من الإنصاف والعدل .. لما يحصل في بلاد الحرمين .. على أيدي النظام الخائن الذي يحكم البلاد والعباد بالظلم .. والخيانة .. والفساد .. والغدر .. والخوف .. والحديد والنار .. الذي يعيننا على فهم وإنصاف كل ما يحدث من مضاعفات وردة أفعال تجري في تلك الديار .. نرضى بعضها .. ونسخط بعضها الآخر! 
       من جهة الحكم .. فالنظام السعودي وإن زعم أنه يحكم بشريعة الإسلام .. إلا أن واقعه يكذب زعمه .. وهو أصدق لهجة من زعم اللسان .. فلا إدارة الحكم والنظام قائمة على أساس الشورى والحكم بما أنزل الله .. ولا الحياة الاقتصادية مضبوطة بحكم الله .. حيث البنوك الربوية تحيط بالحرمين الشريفين .. ولا ثروات البلاد وإدارتها وتوزيعها تخضع لحكم الله ولا حتى لرقابة الأمة والشعوب .. ولا العلاقات الدولية والسياسة الخارجية محكومة بشرع وحكم الله .. وكذلك الحياة الاجتماعية .. والنظام الداخلي للبلاد .. يتخلله كثير من الخروقات والمخالفات المقننة والمقصودة والمتعمدة .. وتتبع ذلك يطول .. وهو معلوم لدى أصغر متابع ومراقب!
       ومن جهة فهو نظام يروج ـ عن سابق إصرار وعمد ـ للرذيلة والفساد والفجور .. لتشيع الفاحشة والأمراض بين المؤمنين .. وجميع وسائل إعلامه المرئية والمقروءة والمسموعة تدل على ذلك، والله تعالى يقول:( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) النور:19. 
       ومن جهة الولاء والبراء .. فهو نظام ولى ظهره للأمة منذ زمن ليس بالقريب .. ودخل في موالاة ونصرة الكفرة من أعداء الأمة على الأمة ودينها وأبنائها .. دخولاً كلياً لا يماري فيه عاقل ولا منصف! 
       لا يوجد نظام كافر في الأرض .. ولا طاغوت من طواغيت الأرض .. ممن يحاربون الله ورسوله .. إلا وتربطه بالنظام السعودي علاقات أخوة وصداقة ونصرة وموالاة متبادلة بين الطرفين .. حتى دولة الصهاينة اليهود الغازية والمحتلة لبلاد المسلمين في فلسطين .. فهم يؤيدونها ويدعمونها .. ويحملون الأمة على الاعتراف والرضى بها .. والتطبيع الكامل معها! [ أذكر في الثمانينات يوم أن كنت في الباكستان .. قدر الله لي أن التقيت بالملحق الأمني للسفارة السعودية والمعروف بلقب " أبي مازن " حيث كان موكولاً له مهمة التجسس على المجاهدين العرب .. وإحصاء عددهم وأسمائهم وبخاصة منهم مجاهدي الجزيرة العربية الأبطال .. وكان في الموقف بعض المجاهدين الأفغان المبتوري الأيدي والسيقان .. يستعطفونه ويسألونه شيئاً من المن والعطاء .. وربما تأشيرة سفر ليعالجوا من جراحاتهم في بلاد الحرمين .. فقلت له مستشفعاً: لا بأس بأن تساعدهم .. فرد علي بحنق وغضب: نحن نساعد دولة إسرائيل .. دولة اليهود .. لا نساعد هؤلاء المساكين .. وكرر مقولته هذه أكثر من مرة .. وقد صدق الرجل فهم يساعدون دولة الصهاينة اليهود .. ومنذ زمن .. فتأمل! ].

       وهل سقوط دولة أفغانستان المسلمة .. وغزو قوى الكفر والطغيان للعراق .. وبقاء الجيش الروسي الصليبي في الشيشان .. إلا ثمرة من ثمار دعم وتأييد النظام السعودي لتلك القوى الغازية الكافرة الطاغية! 
       بينما لا نجد من هذا النظام والقائمين عليه .. نحو المسلمين .. وبخاصة منهم المجاهدين في سبيل الله .. والجماعات الإسلامية الصادقة والجادة في العمل من أجل الإسلام .. والتغيير نحو الأفضل .. سوى الكيد .. والمكر .. والغدر .. والحرب .. والعداء! 
       فقد زجوا بالعلماء المخلصين .. الناصحين والمصلحين .. في السجون ليفتنوهم عن دينهم ومواقفهم .. وهم منذ سنوات عدة .. قد أعلنوا الحرب البواح ـ تقرباً واسترضاء لأسيادهم وحماتهم في أمريكا ـ على كل من كان له علاقة بالجهاد والمجاهدين .. أو نوع مشاركة سابقة كانت له في مواقع الجهاد المتعددة من العالم .. أو يحمل في نفسه شيئاً من أفكارهم وتطلعاتهم .. فقتلوا منهم من استطاعوا قتله .. وسفكوا الدم الحرام في البلد الحرام .. وفي بيوت الله .. وزجوا بمئات منهم في السجون ليسومونهم سوء الفتنة والعذاب والتنكيل .. حتى أن من الشباب من يفضل أن يفجر نفسه ولا يقع أسيراً بين أيدي هؤلاء الظالمين .. لما يعلم ما ينتظره عندهم من تعذيب وتنكيل لا يُطاق!! 
       كل هذا والشباب لا يزالون مترددين في شرعية الدفاع عن أنفسهم وأهليهم وحرماتهم .. ودينهم .. ورعاً .. وخشية التلوث بالدم الحرام .. في البلد الحرام .. ولكن هذا الورع .. قد فهمه النظام الطاغي وأزلامه خطأ .. فجرأه على مزيدٍ من الطغيان والعدوان .. وملاحقة الشباب المسلم .. وسفك الدم الحرام .. فأزال بطغيانه وعدوانه وظلمه ما تبقى من ورع وتردد في نفوس الشباب .. وألجأهم إلى خيار وحيد .. لا ملجأ لهم سواه .. وهو خيار الدفاع عن النفس والدين والعِرض .. وهو خيار له ما يبرره شرعاً وعقلاً.

       لذا فإننا نقول وبكل وضوح: طواغيت النظام السعودي وجلاديه .. وكلابه المسعورة .. هم الذين بدأوا .. والبادئ أظلم .. وبالتالي لو حصل مالا يسرهم .. فلا يلوموا إلا أنفسهم .. والعاقل منهم من يتهم نفسه .. لا غيره .. ويراجع مواقفه .. وأين هو ـ في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها الأمة ـ من خندق الحق وأهله! 
       ونقول كذلك على سبيل النصح والوعظ والإرشاد: أيما أمة تنشد الأمن والأمان .. والسلامة والاستقرار .. لا بد من أن تتقي الله .. وتلتزم جادة الاستقامة والطاعة لله ولرسوله .. وأيما ذنب يظهر ويشيع ويُعمل به .. ويُقر من قبل الخاصة والعامة .. فإن كفَّارته والطهور منه قد يكون مكلفاً جداً! 
       والفقه حينئذٍ لا يلزمنا أن نقف عند الكفارة وما نزل بنا من بلاء وحسب .. وإنما يقتضي كذلك أن نقف على أسباب نزول هذا البلاء .. وأسباب حصول هذه الكفارة وهذا الطهور 
       بنو إسرائيل لما عبدوا العجل لأيام فقط .. نزل بهم البلاء .. وكان لا بد لهم من كفارة وطهور يكفرون به عن ذنبهم هذا فنزل الأمر من عند الله:( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ) البقرة:54. فقتل الذين لم يعبدوا العجل آلافاً ممن عبدوا العجل .. وقيل أن عدد الذين قُتلوا من عبدة العجل كانوا سبعين ألفاً .. فذلك كانت توبتهم .. وتلك كانت كفَّارتهم عن ذنبهم .. وكم من عجلٍ يُعبد في أمة الإسلام والتوحيد في هذا الزمان .. ينتظر أهله الكفارة والطهور .. الله تعالى يعلم ماهيتها وكيفيتها .. ونوعها .. وكمها ! 
       وفي الحديث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال:" كان إذا صلى همس فقال صلى الله عليه وسلم : أفطنتم لذلك؟ إني ذكرت نبياً من الأنبياء أعطي جنوداً من قومه فقال: من يُكافيء هؤلاء أو من يقاتل هؤلاء؟ أو كلمة شبهها فأوحى الله إليه أن اختر لقومك إحدى ثلاث: أن أسلط عليهم عدوهم أو الجوع أو الموت فاستشار قومه في ذلك ؟ فقالوا: نكل ذلك إليك أنت نبي الله فقال فصلى و كانوا إذا فزعوا فزعوا إلى الصلاة فقال: يا رب أما الجوع أو العدو فلا و لكن الموت فسلط عليهم الموت ثلاثة أيام فمات منهم سبعون ألفاً فهمسي الذي ترون أني أقول : اللهم بك أقاتل و بك أصاول و لا حول و لا قوة إلا بالله "[ أخرجه ابن نصر في" الصلاة " و إسناده صحيح على شرط الشيخين السلسلة الصحيحة: 1061 ]. 
       فتأملوا فهذا نبي من أنبياء الله قال كلمة على وجه الإعجاب بجنده ومقاتليه فقط  فكانت كفارتها أن سلط الله على قومه وجنده الموت فمات منهم في ثلاثة أيام سبعون ألفاً .. وليس أربعة أو خمسة .. أو عشرة .. فكيف ببلد أو دولة ـ تزعم الانتماء إلى الإسلام ـ ثم هي لا تحكم بما أنزل الله .. وتوالي أعداء الإسلام على الإسلام وأهله .. وتقاتل وتطارد صفوة الأمة من المجاهدين الموحدين .. ومع ذلك علماؤها يزينون باطلها ويُجادلون عنها وعن ظلمها وعدوانها .. لا شك أن كفارتها وطهورها سيكون مكلفاً جداً .. جداً .. نسأل الله تعالى السلامة والعفو والعافية. 
       خلاصة القول الذي نود أن نختم به هذا المقال ـ وحتى لا نُفهم خطأ ـ هو التأكيد على ما أكدناه مراراً وفي مقالات عدة ويتلخص في النقطتين التاليتين : 
       1- أننا لا يمكن أن نؤيد أو نبارك قصد الاعتداء على الأبرياء ممن صان الشرع حرماتهم ودماءهم .. مهما كانت دوافع ومقاصد المعتدين نبيلة أو شريفة .. فالغاية لا تبرر الوسيلة. 
       والعدوان على من صان الشرع حرماتهم مدان شرعاً أيّاً كانت الجهة الفاعلة .. وكان اسمها .. وهذا لا يعني أننا نمنع ـ وفق شروط وضوابط الشرع ـ من أن يُصاب بريء تبَعاً لا قصداً  .. وبعد الأخذ بأقصى درجات التحري والحيطة والدقة الممكنة!     
       2- كثير من أنظمة الحكم المعاصرة التي تزعم الانتساب للإسلام .. بما فيها النظام السعودي .. أنظمة كافرة طاغية ومرتدة .. قد جمعت بين الكفر والخيانة والعمالة .. وجميع فنون الظلم والطغيان .. يجب شرعاً الخروج عليها .. والعمل والإعداد للخروج عليها والخلاص منها .. عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم :" إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ". 
والأمة ـ إن أرادت أن تستأنف حياة عزها وكرامتها وأن تعيد للدين مجده الأول ـ لا بد لها من أن تروض نفسها لهذه المرحلة .. وهذا العمل .. وتستعد لبذل الكفارة والطهور قبل أن تتعاظم وتتضخم .. وإلا فلا تنشد الخلاص من هذا الذل والكفر والهوان .. والفقر .. والكبت والإرهاب .. الذي تعيشه .. ولا تُكثر من السؤال: عن الحل .. وعن سبيل الخلاص!
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
أبو بصير الطرطوسي    1425/3/5  هـ.    2004/4/24 م    
------------------------------------------------------------------------------------------------ 

ليست هناك تعليقات: