الأحد، 28 سبتمبر 2014

إسلاميون ولكن عِلمَانيون ـ مجدى سعد

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى أله وصحبه ومن والاه .. ثم أما بعد . .

العلمانيَّةُ تعني فصل الدين عن الدولة والسياسة وميادين القيادة والحياة .. وحصر مهام وغايات ووظائف الدين في زوايا المعابد والكنائس والمساجد لتقتصر على الحياة الدينية الخاصة للفرد بعيداً عن ميادين وأنشطة الحياة الأخرى .. أي أن الدين مقصورة مهامه ووظائفه على علاقة الفرد بربه وحسب وحصر حق الله على العباد في ممارسة الفرد المناسك والشعائر التعبدية بعيداً عن ميادين الدولة والسياسة وشؤون الحياة الأخرى .. فقالوا: لله زوايا المعابد والمساجد وعبادة الأفراد لربهم في تلك الزوايا وحسب .. وما سوى ذلك من شؤون الحكم والدولة والسياسة ومظاهر الحياة فهي كلها لقيصر .. ومن خصوصيات قيصر وحده .. وما كان لقيصر لا يصل إلى الله وليس لله الحق في أن يتدخل فيه .. وما كان لله يصل لقيصر ولقيصر كامل الحق في التدخل فيه منعاً وحظراً وإباحة لو شاء [لذا في كثير من الأحيان نجد أن قيصر وجنده يتدخلون في أنشطة المساجد وفي كلمات الوعاظ فيها .. وفي أوقات فتحها وإغلاقها .. وفى من يدخل إليها ويخرج منها .. فنصبوا فيها الكاميرات والجواسيس ليتجسسوا على ركوع وسجود العباد .. فحتى المساجد في شريعة قياصرة العصر العلمانيين لم تعد خالصة لله تعالى.

   وقيصر ليست صورته مقصورة على قياصرة الإمبراطوريات القديمة وحسب ـ كما يُخيل للبعض ـ وإنما هي تشمل كذلك جميع معاني وصور حاكمية البشر ـ بعيداً عن الحكم بما أنزل الله ـ في جميع صورها الديكتاتورية والديمقراطية سواء .. فقد يكون قيصر فرداً واحداً كما في الصورة الديكتاتورية وقد يكون مجموعة أفراد كما في الصورة الديمقراطية].
وصدق الله العظيم : (فَقَالُواْ هَذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ -- الأنعام:136)

   والعلمانية من حيث التطرف والاعتدال درجات فكلما جنحت العلمانية إلى منع مظاهر التدين في الحياة العامة للفرد كلما كانت أقرب للتطرف والتشدد وكلما جنحت للتسامح مع الأفراد في أن تظهر عليهم وعلى سلوكياتهم العامة معالم التدين كلما كانت أقرب للاعتدال .. لكنها في النهاية تبقى علمانية .. لأن العلمانية مهما بلغت بها درجة التسامح فهي تشترك مع العلمانية المتطرفة في كونها لا تسمح للدين أن تكون له كلمة في شؤون الدولة والحكم والتشريع والسياسة وشؤون الحياة .. كما لا تسمح أن تكون العلاقة فيم بين الشعوب قائمة على أساس انتماءاتهم العقدية والدينية والأخلاقية .. فالعلمانية كما أنها تغيب الدين عن ميادين الدولة والحكم والسياسة .. فهي كذلك تغيب الدين ـ عن ساحة الشعور والاعتقاد والواقع ـ كوشيجة يُعقَد فيها الولاء والبراء والحقوق والواجبات .. لتجعل ذلك مقصوراً على الانتماء إلى القبيلة أو الوطن أو القومية أو الإنسانية والأممية .. بعيداً عن القيم الدينية والأخلاقية .. فالعلمانية ـ من هذا الوجه ـ تمنع من عقد الولاء والبراء على أساس الانتماء للعقائد والمبادئ والقيم الأخلاقية .. لتجعل ذلك مقصوراً محصوراً على الانتماء للجمادات والحدود الجغرافية التي تجمع شعباً من الشعوب ضمن سياج واحد وحدود واحدة .. قد تتسع هذه الحدود لقبيلة أو لأهل قطر أو لمجموعة أقطار .. وبتعبير أصرح وأوضح تقول لك العلمانية وبكل وقاحة : لا يجوز لك أن تحب وتكره في الله ولا أن تعقد الولاء والبراء في الله .. ولا أن تعطي وتمنع في الله .. فهذا ليس لله .. ولا يجوز أن يُصرَف شيء من ذلك لله .. وإنما هذا كله يُصرَف لغير الله أياً كان هذا الغير قد يكون هذا الغير قبيلة أو أرضاً أو قِطراً أو قوماً أو وطناً أو حِزباً أو حاكماً أو درهماً  .. فلك أن تختار من هذا الغير ـ لتعقد فيه الولاء والبراء والحب والكره وتحدد على أساس الانتماء إليه طريقة تعاملك مع الآخرين ـ ما تشاء .. لكن لا يجوز لك أن تختار الله ... الذي خلقك فسواك فعدَلَك وتكَفّل برزقِك[ العلمانية كمنهج في الحكم، تقوم على جملة من الاعتقادات والمفاهيم والقيم، والتصورات تعتبر ـ وفق مفهوم ومعنى الدين والتدين ـ ديناً .. لكنها دين وضعي من صنيع البشر .. وبالتالي فهي تفر من دين إلى دين .. وهي إذ تعلن الحرب على الديانات السماوية .. وتعمل على إخراج العباد من دين رب العباد .. فهي في المقابل تعمل على إدخالهم في دين العلمانية والعلمانيين .. فتستبدل ديناً بدين .. واعتقاداً باعتقاد .. ومنهجاً بمنهج .. فيكون مثلها ـ ومثل القائلين بها ـ كمثل من يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير! ].

    هذه هي العلمانية، فمن هم العلمانيون ..؟

       العلمانيون هم الذين يتبنون العلمانية ـ كما هو مبين أعلاه ـ قولاً وعملاً .. فالمرء منهم على قدر ما يفصل الدين عن ميادين الدولة والقيادة والسياسة والحياة .. ويمنع للدين أن يكون له ذلك الأثر في علاقة الناس بعضهم ببعض .. على قدر ما يكون أكثر علمانية .. وأقرب للعلمانية منه لأي مذهب أو اعتقاد آخر .. فكما أن العلمانية درجات بعضها أقرب للتطرف منها للاعتدال .. كذلك العلمانيون فهم درجات بعضهم أقرب للتطرف منهم للاعتدال .. لكن مهما اتسموا بالاعتدال فهم لا يخرجون عن صفة كونهم علمانيين .. يفصلون الدين عن الدولة والسياسة وقيادة الحياة .

أين كثير من مشايخ ودعاة هذا العصر من هذا الفهم للعلمانية ..؟

[ نحن هنا لا نعمم ـ فالتعميم ظلم نعوذ بالله منه ـ فمن أهل العلم المعاصرين من هم على خير كثير ولله الحمد ].    
كثير من شيوخ ودعاة العصر قد تأثروا بالعلمانية المحيطة بهم والتي حكمت البلاد والعباد ـ تحت مسميات وشعارات عدة ـ لأكثر من مائة عام .. فهم وإن كانوا يرفضونها كمذهب ونسبة .. فلا ينسبون أنفسهم للعلمانية والعلمانيين .. إلا أن أقوالهم وأفعالهم ومواقفهم .. تحكم عليهم بأنهم علمانيون .. أو أنهم ملوثون بالعلمانية .. مُصابون بدائها .. ومتأثرين بها .. وإلى حدٍّ كبير!

    كثير من هؤلاء الدعاة والشيوخ ـ وبعضهم يرأس جماعات وأحزاب إسلامية معاصرة ـ يصارحونك بقولهم: نحن لا نسعى إلى السلطة .. والحكم .. ولا نسعى إلى تطبيق الشريعة .. ولا إلى أكثرية برلمانية[ نحن لا نرى شرعية العمل النيابي التشريعي بصورته المعمول بها في ظل هذه الأنظمة المعاصرة .. لأن التشريع والتحليل والتحريم من خصوصيات الله تعالى وحده .. ولكن سؤالنا لمن يرى شرعية هذا العمل ـ من الطرف المقابل والمخالف ـ: إذا كنت لا تسعى إلى أغلبية برلمانية نيابية .. فما الذي يحملك على الدخول في هذا المعترك المحفوف بالمخاطر والمزالق والمخالفات .. ولصالح من تمتنع عن تحقيق الأكثرية البرلمانية مع قدرتك على تحقيقها .. ويُقال لهم كذلك : هذه نية مبطنة ومعلنة عن تمكين الآخرين غير المسلمين .. من أن يحكموا البلاد والعباد بغير ما أنزل الله .. مع قدرتكم على منعهم من ذلك عن طريق تحقيق الأكثرية .. لو شئتم ذلك كما تزعمون؟!  ] .. تاركين ساحة الحكم والتشريع والقيادة لغير المسلمين .. وفي الوقت التي تتطلع فيه الشعوب لقيادة مخلصة شريفة أمينة تقودها بكتاب ربها !

     ومنهم : من يستحي .. إلى درجة الاستهجان .. من أن يُطالب بتحكيم الشريعة وكأن في دين الله شيء معيب يُستحى منه والله تعالى يقول:   ( وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (غافر:20)  وقال تعالى :(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (المائدة:50)

    ومنهم من يقول: بالديمقراطية .. ويُطالِب بها فيرد بموجبها سلطة التشريع والتحليل والتحريم لقيصر الشعب من دون الله !

    ومنهم من يُطالِب: بحرية الأحزاب الشيوعيّة المحاربة لله ولرسوله وللمؤمنين وأن لها تحكم البلاد والعباد لو اختارها أكثر المصوتين من الناس بزعم العمل بمبدأ حرية الأحزاب .. فعطلوا بذلك

عقيدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما هي في الإسلام !

    ومنهم من يُصرّح ويُعلِن: بأن الولاء والبراء .. وكذلك الحقوق والواجبات تُعطَى وتُقسم .. على أساس الانتماء الوطني الجغرافي (المواطنة) ـ بزعم الوحدة الوطنية ـ بعيداً عن عقيدة الولاء والبراء في الله !

    ومنهم من يقول: نحن ـ كجماعة ـ مهمتنا مقصورة على الدعوة إلى الصلاة ومن ثم الخروج مع الجماعة للمبيت في المساجد ـ كما هو حال جماعة التبليغ ـ بعيداً عن شؤون السياسة والدولة والحياة .. تاركين كل ذلك لغير المسلمين !

    ومنهم الصوفية: الذين تقتصر دعوتهم على العبادة الباطنية للفرد .. وفق ما يراه شيخ الطريقة .. بعيداً عن شؤون الحكم والدولة والسياسة وواقع الناس ...!

    ومنهم من يقول: نحن مجرد دعاة وعلماء .. نفتي .. ونعلم .. ونحقق الكتب والمخطوطات .. ونربي .. لكن لا نتدخل بشؤون الحكم والدولة والسياسة .. والشؤون العامة .. فهذه ليست لنا .. وإنما هي لقيصر السلطان من دوننا .. للعلم رجاله .. وللسياسة وشؤون الحكم رجالها !

ومنهم من يعتزل الواقع ومعترك السياسة والحياة .. ويُؤصل لهذا المنهج .. ويقول عن نفسه: بأنه حبيس مكتبته ومجالس شيوخه .. بينما واقع الناس .. وهمومهم ومشاكلهم .. وحياتهم العامة والخاصة .. فهي لا تعنيه شيئاً .. ولا يعرف عنها شيئاً !

وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:( المؤمن الذي يُخالِط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يُخالِط النّاس ولا يصبر على أذاهم ).

ومنهم من لا يُفتي ولا يخوض في القضايا العامَّة التي لها مساس بواقع الأمة والشعوب .. إلا بعد أن يأذن له الحاكم .. وفيمَ يُرضِي هوى الحاكم!

اقتنع كثير من طلاب العلم والشريعة .. بأن غاية أحدهم القصوى .. أن يحظى بوظيفة يكون فيها مجرد خطيب يعتلي المنبر مرة في كل يوم جمعة .. ويؤم الناس في الصلاة .. أما إمامة الناس في شؤون الحكم والسياسة .. وميادين الحياة فهي لا تعنيه .. وهي لغيره !

كل هذه الصور الآنفة الذكر أعلاه أليست من العلمانية التي تفصل الدين عن شؤون الحياة .. بعضها أصرح وأوضح من بعض ؟!

هذه الظاهرة ـ ظاهرة الانكماش عن قيادة الحياة بالإسلام ـ لم يعرفها علماؤنا وسلفنا الصالح من قبل .. وهي لم تعرف لها سبيلاً إلى رؤوس بعض الشيوخ والدعاة إلا في زماننا المعاصر .. وللأسف !

عندما يقتنع العالم أنه ليس قائداً ولا إماماً للناس في ميادين الحكم والسياسة والحياة .. كما هو إمام يؤم الناس في الصلاة .. فيفصل نفسه عن الدولة والسياسة وشؤون الحياة العامة .. فهو بذلك يفصل دينه عن الدولة والسياسة وشؤون الحياة العامة .. ويُعلن بلسان حاله أنه علماني .. وإن لم ينطق بها بلسان المقال !

النبي صلوات الله وسلامه عليه إمام للناس في جميع ميادين الحياة الخاصة والعامة سواء .. والعلماء هم ورثة الأنبياء .. ومن مقتضى الإرث والعمل به .. أن يكون العلماء كذلك ـ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم ـ أئمة للناس وقدوة وقادة لهم في جميع ميادين الحياة الخاصة والعامة سواء قال تعالى:( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ( )البقرة:124) فإمامة الناس في جميع شؤون الحياة لا ينبغي ولا يجوز أن تُترك للظالمين المفسدين .. فإن حصل شيء من ذلك .. وترك للظالمين المفسدين حرية قيادة السفينة .. غرقت السفينة .. وهلك جميع من عليها !

ومن دعاء الصالحين أن يكونوا للمتقين إماماً كما قال تعالى:( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)  (الفرقان:74) أي قدوة لهم في الخير .. وفي جميع ميادين الحياة !       

يا أيها الناس: الغرب النصراني لما رفعوا شعار العلمانية إنما رفعوه لما وجدوا دين الكنيسة المحرّف يتعارض ويتصادم مع العِلم ومع مقتضيات ومتطلبات الحياة .. والحال ليس هكذا مع الإسلام دين الله تعالى الذي يصدّق العلم والعلم يُصدقه .. ويُطلق يد الإنسان لتعمل أقصى عملها في الإبداع والبحث، والنظر .. بما يحقق أفضل حياة للبشرية جمعاء .. وبالتالي لا يجوز أن يُجرَى عليه ما يجري على غيره من الأديان !

أيها المسلمون : اعلموا أن لا عِزّ لكم .. ولا وجود لكم بين الأمم إلا بالإسلام .. سِرّ قوتكم في الإسلام .. لِذا عَملَ العدوّ قرناً كاملاً ـ ولا يزال يعمل ـ على إقصائنا عن الإسلام وإقصاء الإسلام عنا .. ليتسنى له حكمنا بقانونه وأهوائه .. وليتسنى له استعمار بلادنا أرضاً وشعباً .. ونهب خيراتنا كيف ما يحلو له .. وقد تحقق له كثير من ذلك بسبب بعدنا عن مصدر عزنا وكرامتنا ونصرنا وسؤددنا !

منذ أكثر من مائة عام ونحن نجرب .. قد جربنا  كل الشعارات الوافدة إلينا من الشرق والغرب سواء .. بعيداً عن هدي وتوجيهات الإسلام .. فعشنا بسبب ذلك الجهل .. والفقر .. والذل .. والتخلف .. والهزائم كلها .. حتى أصبحنا أضحوكة لبقية الشعوب والأمم !

فقدنا الإسلام على مستوى الحكم والقيادة والتطبيق في مجالات الحياة .. لأكثر من مائة عام .. ففقدنا بسبب ذلك الحصانة والمناعة والشعور بالذات .. حتى أصبحت بلادنا كالديار الخربة من غير أسوار ولا أبواب .. الكل يستسهل التسور عليها .. ليقضي حاجته فيها !

ألا تكفيكم ـ يا قوم ! ـ تجربة مائة سنة من الذل والهوان والتخلف .. لتتيقنوا أن لا عِزّ ولا وجود لكم إلا بالإسلام ؟!

صدق الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه إذ قال:( نحن قوم كنّا في الجاهلية أذلاء فأعزَّنا الله بالإسلام فإذا ما ابتغينا العِزّةَ بغير ما أعزَّنا الله به أذَلَّنا الله ) .

السبت، 30 أغسطس 2014

الوصـــــايـــا العشـــــر ـ مجدى سعد

وضع حسن البنا قواعد ووصايا وهى وصايا بدعية جعلها كالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وسماها الوصايا العشر 

الوصايا العشر للإمام الشهيد حسن البنا (القطع بالشهادة خطأ بل قل نحسبه شهيدا) ـ ( فالرجل تربى على الصوفية ولا يعلم أنها باطل وتربى على الأشعرية ولا يعرف أنها باطل وكل من سار خلفه ايضا لا يعلمون أنهم على باطل وهم على ثقة بأن كل ما قاله حسن البنا حق ولا معقب لحكمه ... ولكن بما أن حسن البنا مسلم يقول لا إله إلا الله فلعل الله أن يغفر له بهذه الكلمة وعلى نيته .. أو ربما أنه يعلم وتعمد مخالفة الشرع .. فالله أعلم بالرجل ولكن القطع بأنه الامام الشهيد فهذا خطأ)
1 -  قم إلى الصلاة متى سمعت النداء مهما كانت الظروف ( فبدلا أن يأتى بحديث للنبى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة أتى بكلامه هو وكأنه يلخص كلام النبى صلى الله عليه وسلم  .. ولكنه لو ذكر حديث الرسول فسينسب الكلام للرسول ... ولكن لابد هنا من أن ينسب الكلام لحسن البنا ) فقد حث الرسول على الصلاة ولكن رفعنا كلام الرسول ووضعنا مكانه كلام البنا فلو فعلت فقد أطعت البنا .

2 –  اتل القرآن أو طالع أو استمع أو اذكر الله ولا تصرف جزءا من وقتك من غير فائدة . 
      ( ألم يقل النبى صلى الله عليه وسلم كلاما احلى وافضل من ذلك واين كلام الله : ( يا ايها الذين أمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا ) ولكن لابد من وجود حسن البنا لابد أن يتعود الناس على عمل كل شئ اتباعا وطاعة لحسن البنا .

3 – اجتهد أن تتكلم بالعربية الفصحى فإن ذلك من شعائر الاسلام .  ( وهذا مما لا يطبقه الإخوان فى حياتهم )

4 – لا تكثر الجدل  فى شأن من الشئون أيا كانت فإن المراء لا يأتى بخير ( ولا حتى للدفاع عن كتاب الله وسنة رسوله ولا عن سب أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها – فلما سبت رضى الله عنها صمت الإخوان وقالوا لا تتحدثوا فى هذا فهذا سيفرق الأمة ). 

5 -  لا تكثر الضحك فإن القلب الموصول بالله ساكن وقور .

6 -  لا تمزح فإن الأمة المجاهدة لا تعرف المزاح (وهل هناك فرق كبير بين الضحك والمزاح حتى تكون له وصية مستقلة أم أنه لابد أن نكمل الوصايا إلى العدد عشرة).

7 -  لا ترفع صوتك أكثر مما يحتاج إليه السامع .

 8 -  تجنب غيبة الأشخاص وتجريح الهيئات ولا تتكلم إلا بخير.

9 -  تعرف إلى من تلقاه من إخوانك وإن لم يطلب إليك ذلك فإن اساس دعوتنا الحب والتعارف .

10 -  الواجبات أكثر من الأوقات فعاون غيرك على الانتفاع بوقته وإن كانت لك مهمة فأوجز فى قضاءها .

( الوصايا العشر السابقة هل  الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم أم يجهلهم  ؟ فإن قلنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم الوصايا العشر السابقة بهذا النسق والترتيب . إذاً فالرسول ليس من الإخوان وإن قلنا كان يعلمها : فهل بلغها أم كتمها ؟ فلو كان بلغها فلتأتنى بدليل ... وإن كان لم يبلغها فلو كان خيرا وكتمه فيكون صلى الله عليه وسلم – وحاش له – لم يبلغ الرسالة ... فيكون بالتأكيد هذا الكلام ليس خيرا بل هو بدع منكرة ابتدعها رجل وألزم الناس بها وصارو يتعبدون الله بها أكثر من قال الله وقال الرسول  فهذا الرجل حسن البنا قدم عقلة على كتاب الله فى أوامر الله الشرعية فابتدع فى دين الله عز وجل دون أن يشعر فالرجل تعود من خلال حياته الصوفية على أن يضع أوراداً  لمريديه فهو فى الأصل  عارف صوفى ومن خلفه مريدين فبالنسبة لحسن البنا هذا شئ معتاد فكل عارف له الحق فى أن يضع ورداً لمريديه واتباعه يتعبدون الله به.


موقف حسن البنا وجماعته من غـيرهم من الناس ـ مجدى سعد

 يقول حسن البنا تحت عنوان موقفنا من الناس
 كل الذى نريده من الناس أن يكونوا أمامنا واحداً من أربعة الأول مؤمن (والسؤال مؤمن بالله ورسوله أم مؤمن بجماعة الاخوان ؟) إما شخص آمن بدعوتنا (ولم يقل دعوة الإسلام) ( وربما قال قائل : إن دعوة الإخوان هى دعوة الاسلام : والجواب : لا فما كانت دعوة الإسلام حصافية شاذلية وما كانت دعوة الإسلام جهمية معتزلية أشعرية ولكن دعوة الإسلام الحق هى ما جاء فى كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح ـ السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه ـ ) 
 ويستكمل البنا كلامه عن الصنف الأول الذى آمن بدعوته قائلا :  وصدق بقولنا وأعجب بمبادئنا ورأى فيها خيرا اطمأنت إليه نفسه وسكن له فؤاده ( الرجل يتكلم من منطلق أنه مكان الرسول صلى الله عليه وسلم ) فهذا ندعوه إلى أن يبادر بالانضمام إلينا والعمل معنا حتى يكثر به عدد المجاهدين ويعلو بصوته صوت الداعين ولا معنى لإيمان لا يتبعه عمل ( الرجل يتكلم كما لو كان يتكلم عن النبى صلى الله عليه وسلم  فقد جعل جماعته ودعوتها هى الاسلام ودعوته والبنا نبى الاسلام )  ولا فائدة فى عقيدة لا تدفع صاحبها لتحقيقها والتضحية فى سبيلها وكذلك كان السابقون الأولون ممن شرح الله صدورهم للهداية فاتبعوا أنبياءه وأمنوا برسالاته .
والثانى متردد : ( متردد فى ماذا ؟ فى الاسلام أم فى الجماعة ؟ بالتأكيد فى الجماعة )  وإما شخص لم يستبين وجه الحق ولم يتعرف فى قولنا معنى الاخلاص والفائدة فهذا نتركه لتردده ونوصيه بأن يتصل بنا عن كثب ( لماذا لكى نأخذه أم يأخذنا ؟ أم يأخذنا الحق ؟ ) ويقرأ عنا من قريب أو بعيد ويطالع كتاباتنا ويزور أنديتنا ويتعرف إلى إخواننا فسيطمأن لنا بعد ذلك إن شاء الله وكذلك شأن المتردد من اتباع الرسل ( وهل يشك أحد بعد ذلك أن الرجل يرفع نفسه لمكان النبى صلى الله عليه وسلم فحسن البنا ليس قائدا لجماعة ولا حتى قائدا لأمة بل هو فى دعوته مع الاخوان كدعوة نبى مع الاسلام ) 
الثالث أو نفعى : وإما شخص لا يريد أن يبذل معونته إلا إذا عرف ما يعود عليه من فائدة  وما يجره هذا البذل له من مغنم فنقول : حنانيك ليس عندنا  من جزاء إلا ثواب الله مخلصًا ( الرجل يتكلم بمنطق الأنبياء والرسل وكأنه رسول ).
                                                                                                                                                                                                               
والرابع متحامل : وإما شخص أساء فينا ظنه وأحاطت بنا شكوكه فهو لا يرانا إلا بالمنظار الأسود القاتم ( لا والله إننا نراكم برؤية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .. بقال الله وقال الرسول .. بميزان القرآن والسنة نرى أنكم على اعوجاج وأنكم على منهج باطل وعلى بدع صوفية وبدع جهمية أشعرية فتوبوا إلى ربكم منها وهذا ما نراكم به وحتى لو تمكنتم من الحكم وانفردتم به ) ولا يتحدث عنا إلا بلسان المتحرز المتشكك ويأبى إلا أن يلج فى غروره ويظل مع أوهامه فهذا ندعوا الله لنا وله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
( وكأن دعوة الاخوان هى الكتاب والسنة !! .....  والحقيقة غير ذلك : الحقيقة أنها طريقة صوفية حصافية شاذلية جهمية أشعرية ) ( ومن هنا نرى عيبا فى منتهى الخطورة فى الاخوان وهو أن الذى ليس معه فهو ضده  ولكنه سوف يحاول ضمك إليه بوداعته وابتسامته ويصلك ويقوم بخدمتك لكى يضمك للإخوان ولو يئس وتبين له استحالة ضمك فيسنتهى كل ذلك وستكون عدوا مبينا ( هذا ليس منه فائدة .. الله لا يريد به خيرا .. لا يريد الله له الهداية ) فهم فى الحقيقة يحبون فى حسن البنا ويكرهون فى حسن البنا ويعطون ويمنعون فى حسن البنا بل ويقاتلون ويموتون فى حسن البنا .
ويتابع البنا قائلا : موقفنا من الدعوات المختلفة التى ظهرت فى هذا العصر وفرقت القلوب وبلبلت الأفكار : أن نزنها بميزان دعوتنا (ولم يقل بميزان الكتاب والسنة)  فما وافقها فمرحبا به وما خالفها فنحن منه براء ( فمن وافق الاخوان فهو حق ومن خالف الاخوان فهو باطل منكر )
ونحن مؤمنون بأن دعوتنا عامة محيطة لا تغادر جزءاً صالحاً من أية دعوة إلا ألمت به وأشارت إليه. وانظروا حيث يقول فى مذكراته ص 193 : وإذ كنتم (يقصد الإخوان) كذلك فدعوتكم أحق أن يأتيها الناس ولا تأتى هي أحدا وتستغني عن غيرها ، إذ هي جماع كل خير ، وما عداها لا يسلم من النقص ، إذاً فاقبلوا على شأنكم ، ولا تساوموا على منهاجكم واعرضوه على الناس في عز وقوة فمن مد لكم يده على أساسه ، فأهلاً ومرحباً في وضح الصبح وفلق الفجر وضوء النهار أخ لكم يعمل معكم ويؤمن إيمانكم وينفذ تعاليمكم وغير ذلك فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه" !!! (وكأن دعوته هى الوحى الذى نزل من السماء مباشرة على حسن البنا فانظر إلى هذا البلاء الشديد).

السيد البدوى ودوره فى تأسيس جماعة الإخوان المسلمين ـ مجدى سعد

يحكى لنا حسن البنا فى كتابه مذكرات الدعوة والداعية تحت عنوان الطريقة الحصافية كيف نشأت لديه فكرة تأسيس جماعة الإخوان فيقول
أحب أن اسجل هنا ذكرى نظرية أعجبت بها واسترعت تفكيرى فترة من الوقت : ذكرى الشيخ صاوى دراز رحمه الله (مع ملاحظة أن مشايخ الصوفية لا يشترط فيهم العلم) وهو شاب فلاح كان حينئذ لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره وقد توفى بعد ذلك ولكنه كان نادرا فى الذكاء ودقة الفهم وتصوير الأمور  أخذنا نتحدث عن الأولياء والعلم وتطرق بنا الحديث إلى سيدى ابراهيم الدسوقى المجاور لبلدهم ثم انتقل الحديث إلى سيدى أحمد البدوى بطنطا فقال الشيخ صاوى : أتدرى ما نبأ سيدى البدوى ؟  فقلت له لقد كان وليا كريما تقيا ورعا صالحا وعالما فاضلا  (وهذا هو السيد البدوى فى عيون حسن البنا السيد البدوى صاحب وحدة الوجود الذى جلس 12 عاما على السطح المقابل لبيته ونزل إلى المسجد  ليبول على الناس )  ويكمل البنا قائلاً : فقال الشيخ صاوى : أهذا فقط ما تعرفه عن السيد البدوى ؟ فقلت هذا ما نعلم .  فقال اسمع وانا احدثك : جاء السيد البدوى إلى مصر من مهجره فى مكة وكان أهله من المغرب ولما نزل مصر كانت محكومة من المماليك مع أن ولايتهم لا تصح لأنهم ليسوا احرارا وأحمد البدوى سيد علوى اجتمع له النسب والعلم والولاية فأهل البيت يرون الخلافة حقا لهم وقد انقرضت الخلافة العباسية وانتهى أمرها فى بغداد وتفرقت أمة الاسلام دويلات صغيرة يحكمها  أمراء تغلبوا عليها بالقوة ومنهم المماليك هؤلاء وهناك أمران يجب على السيد احمد البدوى أن يجاهد فى سبيلهما : اولا : اعادة الخلافة واستخلاص الحكم من أيدى المماليك الذين لا تصح ولايتهم   ( ومن هنا أخذ البنا فكرة إعادة الخلافة الاسلامية بمفهومها العام )  ولكن كيف يفعل هذا ؟ فلابد من ترتيب خاص ... فجمع بعض خواصه ومستشاريه لتشكيل الجماعة الأحمدية (وهذا تماما ما فعله البنا لتشكيل جماعته فبدأ بمعارفه واصدقائه واقاربه ليشكل بهم نواة لجماعته)  ومنهم سيدى مجاهد وسيدى عبد العال وأمثالهما واتفقوا على نشر الدعوة وجمع الناس على الذكر والتلاوة  وجعلوا إشارات هذا الذكر السيف الخشبى و العصا والطبل يجتمعون عليه واختاروا البيرق ليكون علما لهم وهذا شعار الأحمدية (عندما كان السيد البدوى يجاهد فى سبيل الله كان يمسك سيفا خشبيا ويصرخ هو ها هو ها هو ها) (ويستمر الشيخ الصاوى يقص على حسن البنا والبنا منبهر غاية الانبهار)  :  فاذا اجتمع الناس على ذكر الله وتعلموا احكام الدين استطاعوا بعد ذلك أن يشعروا وأن يدركوا ما عليه مجتمعهم من الفساد فى الحكم وضياع للخلافة فتدفعهم النخوة الدينية واعتقاد واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إلى الجهاد فى سبيل الله وفى سبيل تصحيح هذه الاوضاع  وكان هؤلاء الأتباع يجتمعون كل سنة واختار السيد طنطا مركزا لحركته لتوسطها فى البلدان العامرة فى مصر ولبعدها عن مقر الحكم ( الخلافة العباسية ) فإذا اجتمع الأتباع سنويا على هيئة مولد استطاع هو أن يدرك إلى أى مدى تأثر الناس بالدعوة ( وهنا يكمن سر المؤتمرات التى يقيمها الاخوان فهدفها الأول أن يعرفوا قدرتهم على الحشد وتأثيرهم على أتباعهم واختبار مدى استجابة الأعضاء للطاعة كما أن المريد فى الصوفية لا يمكن أن يعصى للعارف أمرا وكذلك عضو الاخوان يطيع أمر المرشد كما يطيع أمر الله عز وجل ولا فرق بين الأمرين )
( نفس الفكرة بالضبط التى قالها الرجل الفلاح لحسن البنا التى أسس عليها جماعة الاخوان أن يجمعهم على اوراد معينة للذكر وشعارات خاصة بهم فيعيدوا الخلافة الاسلامية ويقضوا على المماليك ) ( ويستطرد الشيخ صاوى )  ولكنه لا يكشف لهم نفسه بل يعتكف فوق السطح ويضرب اللثام مضاعفا ليكون ذلك أهيب فى نفوسهم  (فيأتى التقديس ) ولماذا اللثام : يقولون : نظرة من القطب تعنى الموت من نظر للقطب نظرة يضيع   (ولماذا يضيع ؟ العارف يعتقد بالحلول والاتحاد فالسيد احمد البدوى الذى هو تابع للدولة الفاطمية الرافضية الشيعية الخبيثة يقول أنه وصل إلى درجة من الحلول والاتحاد أن الله حل به فهو يغطى وجهه حتى لا يحترق من ينظر إليه من نور الله الذى حل فيه .. فحجابه النور لو كشفه لأحرقت سبوحات وجهه ما انتهى  إليه بصره من خلقه لذلك أشاعوا فى الناس : من أراد أن ينظر إلى القطب فليستغنى عن حياته .... فقال له أحدهم : أراك وأموت  فما بدأ يفتح اللثام حتى مات الرجل )
 وهكذا انتشرت هذه الدعوة حتى اجتمع عليها خلق كثير ولكن الظروف لم تكن مواتية لتنجح هذه الحركة .. ( ويعلق حسن البنا على قصة هذا الرجل قائلا :) كنت اسمع هذا التعليل والتسلسل  فى تاريخ السيد البدوى وانا اعجب لعقلية هذا الشاب الفلاح الذى لم يتعلم إلا التعليم الأولى فى القرية وكم فى مصر من ذكاء مقهور وعقل موفور ولو وجد من يعمل على إظهاره من حيز القول إلى حيز الفعل ( وكأن البنا كان يشير إلى نفسه ) ولا زالت كلمات الشيخ صاوى دراز رحمه الله تتمثل لى كأنما أسمعها الأن وفيها عبرة وفيها طرافة والأمور بيد الله ( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) ( وهنا لمعت الفكرة فى ذهن حسن البنا لإقامة نسخة منقحة من الجماعة الصوفية التى تربى بها البنا لتنفيذ فكرة إعادة الخلافة كما كان السيد البدوى يسعى لجمع الناس بأسلوب أو باخر لإقامة هذه الخلافة )
إذا فقد كانت القصة التى قصها الشيخ صاوى دراز عن السيد البدوى هى التى القت بفكرة انشاء جماعة الاخوان الحصافية الخيرية وهى نفس فكرة الإمامة عند الشيعة خاصة وأن الخلافة قد سقطت وتمزقت البلاد ا لعربية وتم تقسيم تركة الرجل المريض .. ففكر البنا فى إقامة خلافة عالمية على نفس فكرة الخلافة والامامة الشيعية .. وهذه التوأمة الفكرية حتما سينتج عنها تلاقى بين شيعة ايران وجماعة الاخوان وسيكون بينهما اتفاق .. وهذا ما حدث فى المغرب وحدث فى تونس ( والحرب على السلفيين على اشدها الأن ) وفى ليبيا وهذا ما يحدث فى مصر الأن .. و النموذج الأمثل الذى يريك الإخوان المسلمين على حقيقتهم فى غزة : أى شخص يخالفهم وإن كان معه الحق ويقول قال الله وقال الرسول إما أن يقتلوه أو يعتقلوه وجرائم حماس ضد السلفيين اكثر من أن تحصى أو تعد .. ولو تمكن الاخوان فى مصر سيفعلون كما تفعل حماس فى السلفيين فى غزة تماما .. أما شعارات الديموقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية وغيرها من الشعارات فما هى إلا خداع وكذب وتقية ... فحسن البنا أصلا لا يرضى عن الديموقراطية ولا عن الحزبية .. ولا يرضى أن يكون للإخوان حزبا سياسيا اسمه الحرية والعدالة .. كل هذا مخالف لمنهج حسن البنا ..... ولكن الاخوان يتلونون بالحزبية والديموقراطية كوسيلة للوصول إلى الغاية فالغاية عندهم تبرر الوسيلة كما علمهم إمامهم .
يقول حسن البنا نصا : إعادة الكيان الدولى للأمة الاسلامية بتحرير أوطانها وإحياء مجدها وتقرير ثقافتها وجمع كلمتها ( هذا كلام جميل ليس به عيب فجمع كلمة المسلمين وتوحيدهم شئ عظيم ولكن المشكلة : على أى اساس ؟  على اتباع افكار حسن البنا ؟ أم على اتباع الكتاب والسنة ؟  المفروض أن يكون ذلك على الكتاب والسنة .. وهذا لن يحدث إلا إذا فهم افراد الأمة الاسلامية أن كل شخص مستخلف على قدر ما خوله الله واسترعاه وأن يقوم بالأمر فى بلده ويتقى الله فى نفسه وبذلك تقام الخلافة ... ولا تقام كما خطط السيد البدوى أن يجلس على السطح ويجمع الناس على البدع والمخالفات الشرعية ونتعاون فى ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فى ما اختلفنا فيه وهكذا نجمع اكبر عدد من الناس .... فنحن لا نريد أى نوع من الناس نحن نريد أناس لديهم عقيدة على شاكلة من رباهم النبى صلى الله عليه وسلم ثم يهيئ الله الأسباب التى ليست فى حسبان البشر لقيام الخلافة والتمكين .. والأصل أن الخلافة والتمكين فى الأرض ليس غاية بل هى وسيلة لتبليغ دعوة النبى صلى الله عليه وسلم فلا يصح أن نضيع دعوة ودين وشريعة محمد  فى سبيل تجميع الناس والتمكن من الحكم والخلافة  حتى يؤدى كل ذلك إلى اعادة الخلافة المفقودة والوحدة المنشودة .

الاخوان المسلمون والخلافة : ولعل  من تمام هذا البحث أن أعرض موقف الاخوان المسلمين من الخلافة وما يتصل به .. وبيان ذلك أن الاخوان يعتقدون أن الخلافة رمز الوحدة الاسلامية ومظهر الارتباط بين أمم الاسلام وأنها شعيرة اسلامية يجب على المسلمين التفكير فى أمرها والاهتمام بشأنها .. والخليفة مناط كثير من الأحكام فى دين الله (إنى جاعل فى الأرض خليفة) .
فى منهج حسن البنا والاخوان من بعده يحملون معنى خليفة على معنى الرئاسة ومقعد الحكم ولكن المفروض أن نحمل الآية على معنى الخلافة النوعية فى كل فرد من افراد النوعية البشرية مستخلف على وجه الابتلاء ( كما قال الله تعالى : ثم جعلناكم خلائف فى الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون .... وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم : إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها ) ... فالإخوان عندما يتحدثون عن الخلافة فهم يقصدون الحكم والكرسى  ولو أن مسلم سلفى تحدث عن الخلافة فهو يقصد : خلافة كل شخص فى ما خوله الله واسترعاه ( فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) وهذا هو الفهم السليم وليس فهم الاخوان فهم يستخدمون الديمقراطية للوصول إلى الخلافة أى الحكم ولكن السؤال لو وصل الاخوان للحكم ثم رفض الناس تطبيق الشريعة والمفترض أن رأى الأكثرية هو الذى يحكم .. فهل سيستجيبون لمطالب الناس أم سيعدمون كل من خالف الاخوان ؟ فكل هذا مخالف للفطرة .. فإن الله تعالى لما قلب القلوب ونوع الأحوال ابتلى العباد وجعل الغنى وجعل الفقير ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) وسيكون منهم من هو أهل للنار ومن هو أهل للجنة وكلهم مخيرون والله قادر على أن يهدى الناس جميعا  .. ولكن عقيدة الاخوان أن المرشد العام الموجود بمصر هو الخليفة الأعظم فى العالم وليس مصر فقط  فالمرشد العام هو العارف وجميع من دونه مريدون على منهج حسن البنا ... والحقيقة أنه لا طريق للنجاة إلا بالبراءة من منهج حسن البنا وصوفية حسن البنا وأشعرية حسن البنا ثم تنشئة الناس على اتباع الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة  ولكن ما يقوم به الاخوان لن يوصل البلاد إلا لمطاحنات ومقاتلات لا يعلم مداها إلا الله .
فالإخوان عندما يذكرون الخلافة فالقصد منها كرسى الحكم فقط وليس القصد منها إصلاح الناس وأن كل انسان مستخلف فى أرض الله أمين على ملك الله أوامره المباشرة من الله ورسوله وليست من المرشد العام ولا بوصاية المرشد العام .
فهل يشك أحد أن حسن البنا صوفى عارف بالله أخذ العهد والطريقة من الشيخ عبد الوهاب الحصافى الشاذلى ؟  لا شك أن حسن البنا صوفى حتى النخاع .... أشعرى حتى النخاع  .. وفكرة انشاء الخلافة العالمية الكونية فى حد ذاتها ليست خاطئة ابدا .. ولكنها ليست هى الأصل الذى نضيع من اجله كل الاصول ... ولكن الأصل الأصيل الذى يتبعه كل شئ : أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ...
( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا )  وكل انسان مستخلف على حسبه والعبادة طاعة الله وامتثال ما أمر به .