السبت، 30 مارس 2013

صفات فرعية تتفرع عن صفة الجهاد (2)


                                 ثانيا: استمرارية الجهاد فى كل زمان
الجهاد ماضٍ ـ مع كل بر و فاجر ـ ومستمر في كل زمان إلى أن تقوم الساعة لا يوقفه جور جائر ولا تخذيل مخذل خائر سواء كان للمسلمين إمام عادل يُقاتل من ورائه أو لم يكن لهم إمام ـ خليفة ـ كما هو الحال في زماننا رضي من رضي وأبى من أبى ..!
والذي يدل على ذلك أمران ـ ليس الهوى ومحض الرأي ـ هما: منطوق النصوص الشرعية ومفهومها .
أما منطوق النصوص الشرعية: فقد دلت النصوص الشرعية دلالة صريحة ـ لا تحتمل صرفاً ولا تأويلاً ـ على أن الجهاد ماضٍ ـ في كل زمان ولو بشخصٍ واحد ـ إلى قيام الساعة وأن بابه مفتوح لمن تتوفر لديه الاستطاعة على القيام بهذه الفريضة .
قال تعالى: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً . النساء:84    فهذا نص يُفيد أن الجهاد ماضٍ ولو بشخصٍ واحد ..!
قال القرطبي في التفسير 5/293: قال الزجاج: أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهاد وإن قاتل وحده لأنه قد ضمن له النصرة. قال ابن عطية: هذا ظاهر اللفظ إلا أنه لم يجئ في خبر قط أن القتال فرض عليه دون الأمة مدة ما فالمعنى والله أعلم أنه خطاب له في اللفظ وهو مثال ما يُقال لكل واحدٍ في خاصة نفسه أي أنت يا محمد وكل واحدٍ من أمتك القول له  فقاتل في سبيل الله لا تُكلف إلا نفسك ولهذا ينبغي لكل مؤمن أن يُجاهد ولو وحده ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:( والله لأقاتلنهم حتى تنفرد سالفتي ). وقول أبي بكر وقت الردة: ولو خالفتني يميني لجاهدتها بشمالي ا- هـ.
وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التوبة:111.
وهذا بيع وشراء قد تمَّ يشمل جميع المساحة الزمنية التي يعيشها الإنسان المؤمن .. لا يجوز تعطيله أو توقيفه في زمنٍ دون زمن.
فمن يشترط وجود الخليفة العام لإحياء فريضة الجهاد يلزمه أن يُبطل هذا العقد من البيع والشراء الذي تم بين الله تعالى وعباده .. طيلة فترة غياب الخليفة العام الذي قد يستغرق غيابه عشرات السنيين ويستهلك أجيالاً بكاملها كما هو الحال في زماننا ..!!
فبأي حق أو سلطان يُقال لهذه الأجيال أنتم مستثنون من هذا البيع والشراء طيلة فترة غياب الخليفة العام .. والذي قد يمتد إلى أكثر من مائة عام؟!
وفي الحديث الذي يرويه سلمة بن نفيل الكندي قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: يا رسول الله أزال الناس الخيل ووضعوا السلاح وقالوا: لا جهاد قد وضعت الحرب أوزارها‍‍‍‍! فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه وقال :( كذبوا! الآن .. الآن جاء القتال ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة وحتى يأتي وعد الله والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ) [صحيح سنن النسائي: 3333، وقد تقدم] .
     وقال صلى الله عليه وسلم:( لا تزال طائفة من أمتي يُقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة )  مسلم.
والطائفة تُطلق على الفرد فما فوق كما قال تعالى: إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ  التوبة:66.
قال القرطبي في التفسير: قيل كانوا ثلاثة نفر هزئ اثنان وضحك واحد فالمعفو عنه هو الذي ضحك ولم يتكلم ا- هـ. 
فالطائفة المعفو عنها عددها واحد .. وشاهدنا من ذلك أن الجهاد يمضي بشخص واحد .. وهو بمفرده يُسمى طائفة .. وإذا كان الأمر كذلك فأين يكمن وجود الخليفة كشرط لمضي الجهاد ..؟!
وقال صلى الله عليه وسلم:( لن يبرح هذا الدين قائماً يُقاتل عليه عصابةٌ من المسلمين حتى تقوم الساعة )  مسلم.
والعصابة تُطلق على الثلاثة أنفار فما فوق .. وإذا كان القتال ذوداً عن الدين وحرماته يمضي بعصابة تعداد أفرادها ثلاثة أنفار .. فأين يكمن وجود الخليفة كشرط لمضي الجهاد .. وكيف يجوز اشتراط وجود الخليفة العام لمضي الجهاد . والجهاد يمضي بواحد . وثلاثة فما فوق .. كما أفادت بذلك الأحاديث ؟!
وقال صلى الله عليه وسلم:( الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والغنيمة )  مسلم .  وهذا الخير ماضٍ ومعقود في زمن وجود الخليفة وفي زمن غيابه .. لا يوقفه شيء من ذلك.
وقال صلى الله عليه وسلم:( إن الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد )[ رواه أحمد وغيره السلسلة الصحيحة: 1674. قلت: مفهوم الحديث يدل أنه إذا توقف الجهاد انقطعت الهجرة والسنة دلت أن الهجرة لا تنقطع حتى تنقطع التوبة فدل أن الجهاد لا ينقطع حتى تنقطع التوبة كذلك .. والتوبة معروضة ومستمرة إلى قيام الساعة]. وفي رواية:( لا تنقطع الهجرة ما جوهد العدو ) .
وفي المقابل فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ) [ رواه أحمد وأبو داود، صحيح الجامع: 7469].
فإن ذلك يؤكد أن الجهاد لا ينقطع حتى تنقطع التوبة والتوبة لا تنقطع حتى تطلع الشمس من مغربها يوم ( لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل) الأنعام:158. لأن الهجرة باقية ما بقي الجهاد بدلالة النص وإذا افترض انقطاع الجهاد ـ فترة غياب الخليفة ـ فإنه يلزم انقطاع الهجرة وبالتالي انقطاع التوبة وهذا أمر لا يجوز القول به لمخالفته لصريح الأدلة وإجماع الأمة.
أما دلالة مفهوم النصوص: فإن السنة دلت على وجود المجاهدين ـ المتمثلين في الطائفة المنصورة ـ واستمرارية وجودهم إلى يوم القيامة واستمرارية وجود المجاهدين يستلزم استمرارية وجود الجهاد ـ صفتهم التي عرفوا بها ـ دون انقطاع وفي حال انقطاعه ـ ظاهراً ـ يكون لإعداد لوازمه وهو جزء من الجهاد وهو واجب وجوب الجهاد لأن الجهاد لا يتم إلا به وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
فالمسلم إما أنه يُجاهد في سبيل الله وإما أنه يعد للجهاد عدته عند سقوطه للعجز .. وليس له خيار ثالث.
وقد دلت السنة كذلك أن الإمام العام للمسلمين إذا طرأ عليه الكفر البواح تعين على الأمة الخروج عليه وعزله وتعيين خليفة آخر مكانه كما في حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال )إلا تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ) متفق عليه. أي لا تنازعوا ولاة الأمور أمرهم إلا بعد أن تروا كفراً بواحاً لا يحتمل صرفاً ولا تأويلاً .
وفي رواية عند مسلم: قالوا: أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم:( لا ما أقاموا فيكم الصلاة لا ما أقاموا فيكم الصلاة ). لأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال ـ ومهما تعاظمت التضحيات ـ الإقرار بشرعية ولاية الكافر على المسلمين وعلى الأمة الإسلامية كما قال تعالى:(ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً) النساء:141.
قال القاضي عياض: أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر وعلى أنه لو أطر عليه الكفر انعزل وقال وكذا لو ترك إقامة الصلاة والدعاء إليها [شرح صحيح مسلم للنووي: 12/ 229].
قلت إذا كان الجهاد ـ كما زعموا ـ مشروطاً بوجود الخليفة العام للمسلمين والخليفة هنا قد طرأ عليه الكفر البواح الذي لا يحتمل تأويلاً فكيف يتم جهاده وعزله ؟ ومن يقوم بجهاده وعزله ؟ الخليفة ـ والخليفة قد كفر ـ أم الأمة بمجموعها مع غياب الخليفة ؟ لا بد أن يكون الصواب هو الخيار الثاني ولا مناص من ذلك.
مما تقدم يعلم خطأ من يدعي إغلاق باب الجهاد طيلة فترة غياب الإمام العام للمسلمين ( الخليفة ) حتى لو استمر غيابه مئات السنين ومن يحاول من المسلمين خلال هذه الفترة أن يفتح بابه ـ في نظرهم ـ هو صاحب فتنة وهو آثم آبق في جهنم وبئس المصير..[انظر مثلاً ماذا يقول محمد إبراهيم شقرة في كتابه الموسوم بـ " هي السلفية نسبةً وعقيدةً ومنهجاً ( الذي نال القبول عند الشيخ ناصر .. وعند كثير من السلفيين المعاصرين .. يقول:) ونسأل لماذا لا تستطيع الأمة القيام بأعباء فريضة الجهاد ؟ ذلكم أن الجهاد ـ وهو فريضة فرضها الله سبحانه ـ لا يكون إلا بإمامٍ وبإذنٍ منه وهو في هذا مثل الحدود والعقوبات فهذه لا يوقعها ولا يقيمها إلا إمام العامة.
والجهاد الذي جعله الله سبحانه من الأسباب التي تجري في فلك قانون المدافعة هو منه وبه وفيه وقانون المدافعة يقضي بأن الجهاد لا بدّ وأن يكون مأذوناً به من إمام عامةٍ فإن أذن على نحو ما بينا سابقاً وإلا فهو آبق إلى إثمٍ غادٍ إلى عذابٍ رائشٌ لنفسه سهماً من غضب الله يجأ به صدره !!
وبعد فإن الجهاد لا يفتح بابه ولا يرفع رايته ولا يأذن به ويدعو إليه إلا إمام واحدٌ رضي من رضي وكره من كره صوناً للأمة وحفظاً لِقناتها "!! ا- هـ. ]!!
وهذا القول إلى جانب أنه مخالف للحق والصواب الذي دلت عليه النصوص الشرعية وما كان عليه السلف الصالح فإنه يترتب عليه مزالق عدة نجملها في النقاط التالية:
1- هو قول من بنات عقولهم وأهوائهم وبالتالي فهو من هذا الوجه يعتبر إحداثاً في دين الله من غير بينة ولا دليل صحيح صريح ولا حتى ضعيف .. وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ..! 
2- وأقوى ما استدلوا به كحجة على مذهبهم الباطل هذا هو ما حصل ويحصل في بعض الأمصار التي أعلن فيها الجهاد من نتائج غير مرضية بسبب بعض الممارسات الخاطئة لبعض المجاهدين .. أو بسبب بعض الجراحات والآلام التي لا بد أنها تحصل جراء أي جهاد أو قتال يحصل بين المسلمين وأعدائهم! 
فهم ما إن يسمعوا داعياً يدعو للجهاد في سبيل الله .. إلا وتراهم يصدون .. ويصدون عنه الناس .. ويقولون له على الفور: تريد أن يحصل كما حصل في بلد كذا .. وكذا .. ألا يكفي الدمار الذي سببتموه في تلك الديار .. ألا تعتبروا من النتائج التي حصلت هناك ..؟!!
وهذه حجة داحضة مرفوضة لا تقوم بها حجة ولا يجوز أن يبنى عليها حكم فهناك فرق بين خطأ المجاهدين وبين مبدأ الجهاد وشرعيته .. وبين الأخطاء التي تكون بسببٍ من أنفسنا وتقصيرنا وعدم أخذنا بالأسباب الشرعية .. وبين مبدأ الجهاد الذي شرعه الله تعالى لعباده ..!
وفي حال حصول بعض الممارسات الخاطئة من قبل المجاهدين ـ وبخاصة الأخطاء الناتجة عن اجتهاد ـ فهذا لا يستدعي إغلاق باب الجهاد واشتراط  له الشروط التي ما أنزل الله بها من سلطان .. وتجريم المجاهدين وتأثيمهم .. واعتبارهم آبقين إلى إثم وعذاب!
فقد صح أن خالد بن الوليد ( قد قتل الذين قالوا صبأنا ـ يريدون أن يقولوا أسلمنا لكن أخطأهم التعبير فلم يُحسنوا أن يأتوا بالتعبير الصريح الصحيح الذي يعصم دمهم .. فقالوا صبأنا ـ ظناً منه أن ذلك لا يعصم دمهم ولا يمنع من قتلهم .. وكان مخطئاً في ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من صنيعه لكنه لم يوقف الجهاد .. ولم يتبرأ من خالد .. ولا من جهاده بل سماه سيفاً من سيوف الله المسلولة على الباطل .. وأمّره على كثير من الغزوات ..!
فالذين يريدون أعمالاً من دون أخطاء ومجاهدين لا يخطئون .. وجهاداً من دون دماء وتضحيات .. فهم في الحقيقة لا يريدون أن يعملوا ولا أن يجاهدوا ولا أن تقوم للجهاد .. ولا للأمة قائمة لأن شرطهم هذا يستحيل تحقيقه في بني البشر المجبولين على الخطأ والتقصير ..!
وفي هذا يقول ابن تيميه رحمه الله: من أصول أهل السنة والجماعة الغزو مع كل بر وفاجر فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم لأنه إذا لم يتفق الغزو إلا مع الأمراء الفجار أو مع معسكر كثير الفجور فإنه لا بد من أحد أمرين: إما ترك الغزو معهم فيلزم من ذلك استيلاء الآخرين الذين هم أعظم ضرراً في الدين والدنيا وإما الغزو مع الأمير الفاجر فيحصل بذلك دفع الأفجرين وإقامة أكثر شرائع الإسلام وإن لم يكن إقامة جميعها فهذا هو الواجب في هذه الصورة وكل ما أشبهها بل كثير من الغزو الحاصل بعد الخلفاء الراشدين لم يقع إلا على هذا الوجه [الفتاوى: 28م 506] . 
3- ومما يُرد به هذا القول أنه قول باطل لم يقل به سلف أو عالم معتبر .. وليس للقوم سلف سوى الكذاب ( أحمد غلام القادياني) الذي زعم لأتباعه في الهند أن الجهاد في الإسلام منسوخ لا يجوز العمل به .. خدمة للمستعمر الإنكليزي المحتل  يومئذٍ للبلاد!
وكذلك الشيعة الروافض الذين قالوا لا جهاد إلا مع إمام ولو طال غيابه آلاف السنين .. ولما كانت هذه العقيدة الباطلة مشكلة عليهم .. وعائقاً كبيراً أمام طموحاتهم .. اتفقوا مؤخراً على مبدأ سموه ( ولاية الفقيه ) الذي يقوم بدور وصلاحيات الإمام ..!
4- المستفيد الأول والأخير من هذا القول  هم الطغاة المستبدون والكفار المستعمرون إذ من ثماره تكريس حكمهم وأمنهم والحفاظ على مصالحهم وعروشهم .. وتثبيط الأمة عن جهادهم والتحرر منهم ومن استبدادهم!
5- يتضمن هذا القول تأثيم كثير من الصحابة وغيرهم من السلف الصالح الذين جاهدوا من دون خليفة ومن دون إذن من إمام عام في وقت كان الخليفة العام للمسلمين موجوداً[قلت: يكون الجهاد من دون إذن الخليفة في حال غيابه من باب أولى] كجهاد أبي بصير ومن معه من الصحابة وقتالهم لكفار قريش واعتراضهم لقوافلهم .. من دون إذن من النبي صلى الله عليه وسلم ولا أمر منه لأن قريشاً كانت حينئذ في هدنة وصلح مع النبي صلى الله عليه وسلم .. يمنع من قتالها طيلة عشر سنوات .. كما نصت على ذلك بنود صلح الحديبية.
وكذلك جهاد الحسين بن علي رضى الله عنهما وعبد الله بن الزبير رضى الله عنهما ومن كان معهما من الصحابة والتابعين .. ولم يكن أحد منهما يومئذٍ خليفة ولا إمام عام!
وكذلك الدولة الأموية .. والدولة العباسية .. والعثمانية .. قد مروا بمراحل قتال قبل أن يستتب لهم الأمر .. ويأخذوا وصف وحكم الإمامة العامة .. ومع ذلك لم يقل عالم معتبر بأن قتالهم غير مشروع لأنه بدأ من دون إمام عامة .. ولا إذنٍ منه!
وكذلك كان جهاد ابن تيميه ومن معه ضد التتار وغيرهم وكذلك جهاد محمد بن  عبد الوهاب أهل الشرك والبدع في زمانه .. فهؤلاء جميعهم ـ في نظر أصحاب هذا القول المحدث ـ آثمون آبقون في جهنم لأنهم شرعوا في الجهاد من دون إذن من الخليفة العام ..!!
6- هذا القول مفاده الطعن والتشكيك بشرعية الجهاد في كثير من الأقطار التي تعاني من وطأة الكافر المحتل كما في فلسطين وأفغانستان والشيشان .. وغيرها من الأمصار والبلدان .!وهذا فيه من الظلم والتجني والتألي .. ما فيه.
7- هذا القول مؤداه إلى ترك الجهاد في سبيل الله ـ إلى أن يجيء الخليفة فيأذن به!!ـ وحمل الأمة على الركون إلى الدنيا والوقوع في الوهن والذل .. حب الدنيا وكراهية الموت!  كما في الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إذا تبايعتم بالعينة [العينة: نوع من أنواع التعامل بالربا وصفته: أن يبيع المرء شيئاً من غيره بثمن مؤجل ثم يشتريه من المشتري قبل قبض الثمن بسعر أقل من ذلك القدر يدفعه نقداً فيكون بذلك قد تحققت الفائدة الربوبية بالفارق بين ثمن السلعة مؤجلاً وبين ثمنها نقداًَ] وأخذتم أذناب البقر [أي: وتبعتم أذناب البقر كناية عن  الاشتغال بالرعي عن الجهاد في سبيل الله] ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)[ رواه أحمد، وأبو داود، والبيهقي وغيرهم، السلسلة الصحيحة:11] أي حتى ترجعوا إلى جهادكم .. فسمى الجهاد ديناً.
وقال تعالى:( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة:24
منقول عن الشيخ عبد المنعم مصطفى حليمة 

ليست هناك تعليقات: