السبت، 30 مارس 2013

الصفة الأولى من صفات الطائفة المنصورة

   الإتباع لا الابتداع
والاهتداء بفهم السلف الصالح
لنصوص الكتاب والسنة
[السلف الصالح: هم الصحابة ـ رضوان الله عليهم  ـ ومن كان على طريقتهم ونهجهم من التابعين لهم في القرون الثلاثة الأولى، والمشهود لها بالخيرية].
من أخص صفات الطائفة الظاهرة المنصورة أنهم يسيرون على منهاج النبوة صراط الله المستقيم لا تستلفت أنظارهم الأهواء والسبل المتفرقة التي أحدثها المشركون والمبتدعون وهم في جميع شؤون حياتهم الدينية والدنيوية يقتدون بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ فشأنهم دائماً الإتباع والإقتداء بخير من سلف وليس الابتداع والإحداث في الدين
تجد هذه الصفة بارزة في وصفه صلى الله عليه وسلم إياهم أنهم ( على الحق) وأنهم ( قائمين بأمر الله) والحق وأمر الله محصوران في الكتاب والسنة على فهم صالحي سلف الأمة وهو الدين الصحيح الذي يجب أن يتبع وما سوى ذلك فهو من المشاققة للرسول صلى الله عليه وسلم واتباع لغير سبيل المؤمنين.
كما قال تعالى:(وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الأنفال 13
أي من يخالف الله ورسوله فيكون في شقٍّ وشرع الله تعالى ـ المتمثل في حكم الله ورسوله ـ في شق آخر فإنه لن يفلت من عقاب الله الشديد .. وسيطاله العذاب في الدنيا والآخرة .  
وكذلك قوله تعالى:( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) .
وأولى الناس بصفة ( المؤمنين) الواردة في هذه الآية الكريمة هم الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ فهم الذين اصطفاهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصرة دينه والجهاد مع رسوله .. وعن طريقهم نقل الدين لمن بعدهم فكانوا الأمناء الأوفياء لما استأمنهم الله ورسوله عليه؛ حيث أدوا الأمانة وبلغوا الرسالة وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده ..!
وهم كذلك أفقه الناس بمراد الشارع لقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم ولدرايتهم بأسباب نزول آيات الذكر الحكيم  لذا كان من يخالفهم ويتبع غير سبيلهم يستحق من الله هذا الوعيد الشديد وهو أن يصلى نار جهنم وساءت مصيراً.
قال ابن تيميه: فإنهما متلازمان فكل من شاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى فقد اتبع غير سبيل المؤمنين وكل من اتبع غير سبيل المؤمنين فقد شاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى. وهذه الآية تدل على أن إجماع المؤمنين حجة من جهة أن مخالفتهم مستلزمة لمخالفة الرسول وإن كان ما أجمعوا عليه فلا بد أن يكون فيه نص عن الرسول فكل مسألة يقطع فيها بالإجماع وبانتفاء المنازع من المؤمنين فإنها مما بين الله فيه الهدى، ومخالف مثل هذا الإجماع يكفر كما يكفر مخالف النص البين[الفتاوى: 7/ 38 ].
ونحو ذلك قوله تعالى:( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) يوسف:108.
فالصحابة هم الذين تتحقق فيهم صفة الإتباع والانقياد للنبي صلى الله عليه وسلم أكثر من غيرهم وهم أولى الناس دخولاً في قوله تعالى: أنا ومن اتبعني  وبالتالي فهم أولى الناس بصفة الدعوة إلى الله على بصيرة وعلم وفقه ومن كان كذلك فإنه لحري بمن جاء بعدهم أن يتحروا طريقتهم ومنهاجهم وفهمهم لمسائل الدين .. وأن لا يلتفتوا عنهم لمن شذ عن فهمهم وطريقتهم من المتأخرين.
وفي قوله تعالى: ( أنا ومن اتبعني) قال ابن عباس: يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على أحسن طريقة وأقصد هداية معدن العلم وكنز الإيمان وجند الرحمن.
وقال عبد الله بن مسعود: من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة أبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً اختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم على آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم [تفسير البغوي:2/ 453].
وكذلك قوله تعالى:) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ) البقرة:137.
ففي الآية دلالتان أولهما: أن الهداية المطلقة التي تؤدي إلى النجاة وإلى خيري الدنيا والآخرة تكمن فيما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم  وأصحابه من هدى وإيمان [الإيمان: هو مجموع ما أمر به الإسلام كما في الحديث:( الإيمان بضع وسبعون شعبة) وهو عند السلف: اعتقاد وقول وعمل يزيد وينقص ].
فالإيمان محصور فيما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .. فلا إيمان إلا إيمانهم ولا حقّ إلا الحق الذي كانوا عليه .. وطالب الهداية والنجاة بحق لا بد له من أن يلتمس الإيمان الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم.
أما الدلالة الثانية للآية: هي وجوب الإقتداء بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من إيمان وإلا فالبديل هو الشقاق والعذاب .. في الدنيا والآخرة.
وفي السنة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وسبعون في النار وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار) قيل: يا رسول الله من هم؟ قال:( الجماعة )[صحيح سنن ابن ماجه:3226].
وفي رواية عند الترمذي من حديث عبد الله ب عمرو: ( وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة ) قال: من هي يا رسول الله؟ قال( ما أنا عليه وأصحابي )
[صحيح سنن الترمذي:212 ].
فجاء هذا الحديث مفسراً لما قبله حيث دل أن الفرقة الناجية من بين الفرق هي(الجماعة) والجماعة التي يجب أن يُكثر سوادها هي التي تكون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الدين والإيمان وإن قل عددها فالحق لا يُقاس بالكم وإنما بمدى مطابقته وموافقته لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه لعمرو بن ميمون: جمهور الجماعة هم الذين فارقوا الجماعة والجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك .
وقال نعيم بن حماد: إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد الجماعة وإن كنت وحدك فإنك أنت الجماعة حينئذ .
قال ابن القيم في أعلام الموقعين: اعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق وإن كان وحده وإن خالفه أهل الأرض ا- هـ.
ومنه يعلم أن الجماعة تعرف بالحق الذي هي عليه وليس بكثرة أفرادها وأنصارها فإن السنة دلت أن الحق بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ والقابض على دينه منهم يومئذ كالقابض على جمر من نار والغرباء الذين أثنى النبي صلى الله عليه وسلم عليهم خيراً هم :( ناس صالحون قليل في ناس سوءٍ كثير ومن يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ) [أخرجه أحمد وغيره، السلسلة الصحيحة : 1619].
وقال صلى الله عليه وسلم :( ما صُدق نبي من الأنبياء ما صُدقت إن من الأنبياء من لم يُصدقه من أمته إلا رجل واحد )  مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى: يا آدم أخرج بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ( البخاري)
مصداق ذلك في كتاب الله قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ يوسف:106.
وقال تعالى: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ الأنعام:116.
قال حسن البصري: فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى وهم أقل الناس فيما بقي، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم ولا مع أهل البدع في بدعهم وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم فكونوا كذلك ا- هـ. 
قلت: ومنه تعلم فساد المبدأ الذي تقوم عليه الديمقراطية والذي تتنادى الشعوب والحكومات لتطبيقه ألا وهو مبدأ تقديس حكم الأكثرية .. والرضى بما تجتمع عليه أكثر الأصوات بغض النظر عن ماهية هذا الشيء الذي تجتمع عليه هل هو من الحق أم من الباطل وهل هو موافق لكتاب الله وسنة رسوله أم أنه مخالف.؟!
ومن الأحاديث كذلك التي تدل على وجوب الاقتداء بفهم السلف الصالح والتماس هديهم وطريقتهم دون غيرهم قوله صلى الله عليه ولم :( أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف ويشهد الشاهد ولا يستشهد عليكم بالجماعة و إياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة) [أخرجه ابن ماجه والترمذي، صحيح سنن الترمذي:1758] .
وقال صلى الله عليه وسلم :( سترون من بعدي اختلافاً شديداً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم والأمور المحدثات فإن كل بدعة ضلالة ) [صحيح سنن ابن ماجه : 40] .
فدل أن الملاذ والنجاة عند اشتداد الفرقة والاختلاف وظهور الأهواء والفتن هو بالتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده .. ونبذ كل ما خالف ذلك .
وقال صلى الله عليه وسلم :( قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم ما عرفتم في سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ) [صحيح سنن ابن ماجه:41] .
وقال صلى الله عليه وسلم :( اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ) [صحيح سنن ابن ماجه: 97 ].
وقال صلى الله عليه وسلم :( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) متفق عليه.
وقال:(احفظوني في أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب) [أخرجه ابن ماجه وغيره، السلسلة الصحيحة : 1116].
وعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ) قال: ولا أعلم أذكر الثالث أم لا.
( ثم ينشأ أقوام يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون ويفشو فيهم السمن ) [رواه مسلم وغيره، صحيح سنن الترمذي:1810].
     وفي رواية:( ثم يأتي من بعدهم قوم، يتسمَّنون ويحبون السمن [أي يطلبون أنواع الطعام المختلفة الألوان والمذاق التي تؤدي بهم إلى السمنة والتخمة] يعطون الشهادة قبل أن يسألوها ).
وقال تعالى في الصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين:( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة:100.
وقال تعالى:( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)  الفتح:29.
فقوله تعالى: والذين معه  أي من الصحابة.
وقال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) الأنفال:72. والذين هاجروا هم الصحابة من المهاجرين والذين نصروا هم الصحابة من الأنصار الذين نصروا من هاجر إليهم من المؤمنين .
وقال تعالى:( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) التوبة :117.
وقال:( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)  الحديد:10.
وقال تعالى:( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُون . وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) الحشر:10.
وقال:( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) الفتح:18. والذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة يوم الحديبية يزيد عددهم عن ألف وأربعمائة صحابي .
وفي السنة، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:( لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ) رواه مسلم. وفي رواية:( إني لأرجو أن لا يدخل النار أحد ـ إن شاء الله ـ ممن شهد بدراً والحديبية )  رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري قال: كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف شيءٌ، فسبه خالد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا تسبوا أحداً من أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مُد [المد: مكيال معروف تقدر به الأشياء؛ قُدر بحفنة من كفّي الرجل المعتدل الكفين. والنصيف: هو النصف] أحدهم ولا نصيفه) متفق عليه.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى خالداً ـ وهو صحابي جليل لكن تأخرت صحبته إلى ما بعد صلح الحديبية ـ أن يسب عبد الرحمن بن عوف الذي أسلم قبل الفتح وأنفق وقاتل في سبيل الله فهو بذلك أعظم منه درجة وأولى منه بحق الصحبة .. فكيف إذاً بمن ليس من الصحابة ولا من التابعين[كما يفعل الشيعة الروافض عليهم من الله ما يستحقون حيث أن دينهم يقوم على أساس بغض الصحابة وشتمهم والطعن بهم!
   وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأنصار:( لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله ). وفي رواية:( لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر).
   قلت: إذا كان الإيمان ينتفي عن رجل يبغض الأنصار فكيف بمن يبغض الأنصار والمهاجرين والتابعين لهم بإحسان ويشتمهم ويلعنهم ويكفرهم ويكفر من يواليهم ويترضى عليهم .. كما تفعل الرافضة الإثنى عشرية طائفة الشقاق والنفاق ..؟! لاشك أنهم أولى بالكفر والنفاق وانتفاء الإيمان. 
   وفي الحديث الذي يرويه ابن عباس مرفوعاً:( من سبَّ أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ). [ السلسلة الصحيحة: 2340 ] ] ؟!
لا شك أنه أولى له .. ثم أولى له بأن يمسك عن الخوض أو الطعن بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم  .
وفي الحديث:( إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ) [أخرجه الطبراني، صحيح الجامع: 545]. أي أمسكوا عن الخوض فيهم بسوء ولا تسترسلوا في الكلام عنهم بطريقة لا تليق بفضلهم ومكانتهم العظيمة.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال:( لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدهم ساعة ـ يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم ـ خير من عمل أحدكم أربعين سنة ) [أخرجه أحمد وغيره وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني في تخريجه لأحاديث شرح العقيدة الطحاوية. قلت: كلام ابن عباس رضى الله عنهما موجه للمسلمين في زمانه لمن ليس لهم حظ صحبة مع النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا كان هذا شأن التابعين قياساً للصحابة فكيف بمن جاء بعدهم من المتأخرين وبخاصة في زماننا هذا..؟!] . وفي رواية :( خيرٌ من عبادة أحدكم عمُرَه ).
وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه [ابن مسعود هو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:( تمسكوا بعهد ابن مسعود). رواه الترمذي وغيره  السلسلة الصحيحة: 1233 ] قال:( إن الله تعالى نظر في قلوب العباد فوجد قلبَ محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رأوه سيئاً فهو عند الله سيء ) [قال الشيخ ناصر في تخريج ( الطحاوية): حسن موقف أخرجه الطيالسي وأحمد وغيرهما بسند حسن. قلت: مصداق ذلك في الحديث الذي يرويه أنس قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة، فأثني عليها خيراً وتتابعت الألسن بالخير، فقالوا: كان ـ ما علمنا ـ يحب الله ورسوله، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:(وجبت وجبت وجبت)، ومر بجنازة فأثني عليها شراً، وتتابعت الألسن لها بالشر فقالوا: بئس المرء كان في دين الله، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:( وجبت وجبت وجبت)، فقال عمر: فدى لك أبي وأمي مر بجنازة فأثنى عليها خيراً، فقلت: وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثنى عليها شراً فقلت وجبت وجبت وجبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة ومن أثنيت عليه شراً وجبت له النار الملائكة شهداء الله في السماء وأنتم شهداء الله في الأرض أنتم شهداء الله في الأرض ). أخرجه البخاري ومسلم( أحكام الجنائز ) للشيخ ناصر. ].
 منقول عن الشيخ عبد المنعم مصطفى حليمة 

ليست هناك تعليقات: