السبت، 30 أغسطس 2014

إلى كل طارق هاشمى مصرى

الإفلاس السياسى لا يختص به إخوان مصر فقط ولكن فى كل مكان تواجدوا فيه فتأملوا أحداث تاريخ المنطقة القريب 

















نتعلم من التاريخ أن أحدًا لم يتعلم من التاريخ كذا قال أحد الحكماء قديمًا وكذا نُصِر على إثبات صحة مقولته يومًا بعد يوم وحادثًا بعد حادث برغم دلالة ذلك على ضعفٍ في عقولنا وقصورٍ في ذاكرتنا ولو أن الأمر يتعلق بشيءٍ كان في الماضي السحيق ثم فاتنا أن نتعلم منه لربما التمسنا لأنفسنا حينها بعض العذر ولكن كيف بما يجري في يوم الناس هذا وأمام أعينهم هذه ؟

طارق الهاشمي بالمناسبة أحد رموز جماعة الإخوان المسلمين في العراق ووصل عبر العملية السياسية إلى أحد أعلى المناصب في الدولة العراقية  وهو منصب نائب رئيس الجمهورية مدة خمس سنواتٍ كاملة منذ 2006 إلى آخر 2011 حين لاحت بوادر أزمة جديدة بينه ورئيس الوزراء  نوري المالكي أشهر المالكي على إثرها من جعبته تهمًا تتعلق بعلاقةٍ مزعومةٍ للهاشمي بـ (الإرهاب) بمفهوم نوري المالكي وبالمقاومة في نظر آخرين ثم أصدرت السلطات القضائية أمرًا بضبطه وإحضاره فما كان منه سوى أن فرَّ إلى الأراضي الكردية التابعة من الناحية الافتراضية لدولة العراق .

هذا هو ملخص ما جرى وما يجري فماذا يكون طارق الهاشمي إذن وماذا فعل ؟
كتب د. محمد يسرى سلامة يقول:

حدثني علامة العراق وأستاذي الدكتور بشارعواد معروف أحد أبرز علماء التاريخ والحديث العراقيين أن الهاشمي باعتباره ضابطًا سابقًا في الجيش العراقي كان من أول مَن نظَّم المقاومة السُّنية المسلحة في بغداد وعموم العراق بعد الاحتلال الأمريكي سنة 2003 هو وعدد من الشخصيات النافذة في مجتمع السنَّة ومن بينهم محمود المشهداني الذي صار رئيسًا للبرلمان العراقي فيما بعد والذي كان حينها - عند بدء المقاومة - ممثلاً عن سلفيي العراق  !
ثم بعد احتدام جرائم الاحتلال العسكري الأمريكي واشتعال القتال الطائفي مع الميليشيات الشيعية التابعة له أو المدعومة من إيران وما صاحب ذلك من جرائم بشعة رأى الهاشمي وطائفةٌ من الذين معه أن المقاومة ليست الحل وأنه من الأفضل نبذ القوة وترك الكفاح المسلَّح والاحتكام إلى السياسة وآليات الديمقراطية التي بشَّر بها الأمريكيون لا لشيءٍ سوى أنهم أرادوا حفظ الدولة العراقية من السقوط وحقن دماء العراقيين التي كانت تسيل بغزارةٍ في كل يومٍ وفي كلِّ شارعٍ من شوارعهم. وكان تأسيس الحزب الإسلامي كواجهةٍ سياسية لإخوان العراق ثم كانت الانتخابات التي عُيِّن الهاشمي بعدها نائبًا لرئيس الجمهورية .
والحقُّ أن الرجل قد تعرض لمحنٍ شديدةٍ ومحاولاتٍ قاسية من بعض الميليشيات الشيعية لجرِّه إلى القتال مرةً أخرى ودفعه للتخلي عن النهج السلمي الذي اختاره وتمثل ذلك في اغتيال ثلاثةٍ من أشقائه تباعًا في عامٍ واحد، لكنه آثر أن لا يتحرى عن قتلة أشقائه لينتقم لهم كي لا يكون سبباً في نشر ثقافة الانتقام والثأر بين أبناء وطنه وهو موقفٌ يُحسب له من دون شك ويدل على إخلاصه وتجرده لكن الإخلاص أمرٌ وإصابة الحق أمرٌ آخر .
كان العراقيون السنَّة حينها يُقتلون في بغداد على الهوية ما أدى إلى انخفاض عدد السنَّة فى بغداد إلى 15% من سكانها بسبب هذا القتل. وبسبب أن بغداد هي المركز خطَّط الهاشمي لإعادة السنَّة إليها من أجل (الانتخابات وكان ذلك يقتضي تأمين عودتهم من قِبَل القوات الأمريكية فأبرم الهاشمي عندئذٍ اتفاقًا مع امريكا والحكومة الشيعية كي توقف القتلَ على الهوية كي يعود السنَّة إلى بغداد من أجل الانتخابات .
وحدث بالفعل ما لم يكن لأحدٍ أن يفهمه آنذاك وضربت القوات الامريكية بالاشتراك مع بعض الميليشيات التابعة للمالكي ميليشيات مقتدى الصدر التي كانت المنفِّذَ لأعمال قتل السنَّة وفي المقابل قام الهاشمي وجماعته بالاتفاق مع شيوخ العشائر السنية على إنشاء (الصحوات) في مناطقهم أي أن يصبحوا (مرشدين) على أفراد المقاومة فيها وأن يساعدوا في قتالهم عند اللزوم .

وكانت النتيجة أن توقف القتل الممنهج لأهل السنَّة في بغداد وعادوا إليها لكنهم مع ذلك لم يزيدوا عن 47% من سكانها أي بقوا أقليةً كما كانوا. ثم كانت النتيجة أيضًا الإجهاز التدريجي على المقاومة عن طريق الجيش الأمريكي والشرطة العراقية الشيعية بمعاونة الصحوات التى انشأها الهاشمى  وكان من جراء ذلك سيطرة الشرطة الشيعية العراقية على المحافظات السنية تماما ففقد السنَّة استقلالهم وأمنهم حتي في محافظاتهم .
والهاشمي -اليوم- مطلوبٌ القبض عليه و (كلُّه بالدستور والقانون) كما يقولون لأن دوره قد انتهى ولأن المالكي قد سئم لعبة التوازنات السياسية والطائفية وقرَّر الاستئثار بالسلطة بعيداً عن السنَّة من عربٍ وأكراد ولوَّح بحكم الأغلبية ما يعني أن تصبح العراق دولةً شيعيةً رسميًّا يكون السنة فيها مجرد أقلية دينية.
فلم يشفع للهاشمي كونه نائبًا لرئيس الجمهورية ولا عصمه الدستور العراقي الذي كتبه بعنايةٍ فائقةٍ أكبر الفقهاء الدستوريين التابعين لـ { بول بريمر} الحاكم العسكري الأمريكي الأسبق للعراق وهو بالمناسبة كذلك حاكم عسكري لم يكن يرتدي زيًّا عسكريا ولكن بدلةً أنيقةً مصحوبة بابتسامة حالمة .
ولم تحم الهاشميَّ (دولةُ القانون) التي هي في الوقت نفسه اسمٌ للائتلاف الذي يتزعمه نوري المالكي بما أن الشيء بالشيء يُذكَر .
وأود الآن أن أتوجه بسؤالي هذا إلى كل (طارق هاشمي) يُعاد إنتاجه الآن في مصر: ماذا نتعلم من التاريخ ؟
أما أنا فلا أدري ربما أن أحدًا لم يتعلم من التاريخ؟ 
 
 

ليست هناك تعليقات: