السبت، 30 مارس 2013

صفات فرعية تتفرع عن صفة الجهاد (6)

                  سادسا : الظهور على من ناوأهم

ومن الصفات المتفرعة عن صفة الجهاد في سبيل الله عز وجل صفة الظهور على من ناوأهم وعاداهم والذي يقرر ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:( لا يزال قوم من أمتي ظاهرين على الناس ) وقوله صلى الله عليه وسلم:( ظاهرين على من ناوأهم ) وقوله صلى الله عليه وسلم:( منصورين ) .
فالأحاديث هنا على ظاهرها فهم ظاهرون بكل ما تعني كلمة الظهور من معنى فهم ظاهرون بذواتهم على كل من يعاديهم أو يقاتلهم ظاهرون بدعوتهم وكلمتهم على جميع الدعوات المزيفة الباطلة وهم كذلك ظاهرون بمعنوياتهم وإيمانهم لا يخافون في الله لومة لائم ..!
ترى أحدهم معتقلاً في سجون الطغاة يواجه أعتى أنواع التنكيل والتعذيب والإرهاب .. وهو مع ذلك ظاهر بدعوته صدَّاعاَ بالحق في وجوه الطغاة الآثمين .. بل هم حتى لو حكموا عليه بالإعدام تراهم يغتاظون منه لما يسمعونه من عبارات الرضى والتكبير والتهليل التي تنم عن رضاه بالفوز بنصر الشهادة  التي طالما كان يبحث عنها [من ذلك ما نسمعه عن كثير من الطواغيت الظالمين، حيث تراهم يمتنعون عن قتل الأخ وهو في سجونهم .. حتى لا يفوز بنصر الشهادة .. وحتى لا يُقال عنه شهيد .. ولما يعلمون ماذا تعني له الشهادة في سبيل الله ..!] ..!
ولربما كانت الكلمات التي كان ينطق بها بلال وهو تحت سياط الجلادين: أحدٌ .. أحد .. ولا يزيد .. هي أشد وطأة وقوة من السياط على رؤوس الطواغيت الجلادين!
شبهة ورد
لعل قائلاً يقول: كيف نوفق بين كونهم ظاهرين منصورين .. ثم بالمقابل لا نجد لظهورهم أثراً في الواقع ؟
والجواب على ذلك من أوجه منها:
1-  نقول للسائل: لو أمعنت النظر ودققت الفهم .. وتحريت ببصيرة العالم ما يجري على الساحة .. لأدركت أن للطائفة المنصورة ظهوراً وحضوراً لا يمكن نكرانه أو تجاهله .. وإلى أن تقوم الساعة.
ونقول لك مصارحين معتذرين: قد كذبك فهمك وبصرك .. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر عنهم من أنهم ظاهرون منصورون .. وعلى مر العصور إلى أن تقوم الساعة.
2-  أن ظهورهم على الناس لا يُعدم ولكن الذي يمكن أن يحصل أن ظهورهم قد تتضاءل ساحته واتساعه .. في مرحلة من المراحل ـ بحكم الغربة التي يعانون منها ـ حتى يظن البعض أنهم غير موجودين مطلقاً والحقيقة تكون خلاف ذلك.
3-  القول بأنهم ظاهرون  لا يستلزم أنهم لا يصابون ـ في مرحلة من المراحل ـ بخسائر ويمنون بهزائم .. بما كسبت أيدي بعضهم .. أو لابتلاء يريده الله .. يُمحص به النفوس والصفوف .. فهذا وارد حتى للطائفة المنصورة الأولى .. الذين نزل فيهم قوله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ  آل عمران:172. 
وقوله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ آل عمران:16. فسنة الله قضت أن يكون القتال سجال مرة لك ومرة عليك .. والعاقبة للمتقين.
4-  ضمور الظهور ـ وليس انعدامه ـ في مرحلة من المراحل .. يعتبر بالنسبة لتاريخ الطائفة المنصورة المديد ومضة سريعة سرعان ما تنكشف وتنجلي وأمراً شاذاً وطارئاً وليس أصلاً ..! 
  منقول عن الشيخ عبد المنعم مصطفى حليمة

ليست هناك تعليقات: