الأربعاء، 9 يوليو 2014

الإخوان والإفلاس السياسى ـ الإخوان وثورة 25 يناير

   لقد هرمت قيادات حزب الإخوان المسلمين وشاخت .. وشابت .. وبلغت من العمر عتيّاً .. لكنهم في كل يوم يثبتون للناس وبجدارة واقتدار أنهم لا يزالون يعيشون مرحلة المراهقة والدروشة السياسية المتخلفة .. وفي أغبى صورها ومعانيها .. ولا غرابة إذ من يفقد صفاء المنهج والاعتقاد والتصور .. يفقد الوعي والنضج السياسيين .. ولو عاش قروناً .. ومهما مرت به من أحوال وعركته المواقف والأحداث فهو قليل الاستفادة والاعتبار منها ! 
  ولكى لا يظن ظانٌ أننا نُلقى الكلام على عواهنه كرهاً للقوم فقد ضربنا فى المقالات الثلاثة السابقة من هذه السلسلة بعض الأمثلة على هذا الإفلاس والغباء والدروشة السياسية من تاريخ وسيرة الإخوان فى سوريا والعراق ومصر إبان عهد الهالك جمال عبد الناصر وإن الأمثلة على ذلك كثيرة جداً وهى أكبر وأكثر من أن تُحصى وكلها توضح وبجلاء أن الإخوان لا يتغيرون ولا يتعلمون فهاهم يكررون وبغباء وتصميم عجيبين نفس ما فعلوه سابقاً فى حقبة الخمسينات والستينات.

الكل يعلم جرائم وخيانات وعمالة النظام المصري الحاكم بقيادة ( اللا مبارك ) وحزبه وحكومته .. وأنه نظام كذاب .. ما صدق شعبه في وعد قطعه لهم أبداً .. والكل يعلم كم تعرض الأخوان المسلمين من قبل هذا النظام الحاكم للظلم والاحتقار وسياسة التهميش .. وعدم الاعتراف بهم .. وكيف كان يستغل اسمهم ـ ولا يزال ـ كشماعة تبرر له ـ في أعين المجتمع الدولي والمحلي ـ الاستمرار في حكمه وظلمه وجرائمه بحق شعبه وبلده .. فلما انتفض الشعب المصري المسلم في وجه الطاغية الحاكم ونظامه .. كان من أبرز وأظهر مطالبهم إسقاط الطاغية ونظامه وحزبه .. ولما أتت انتفاضتهم وثورتهم المباركة أكلها وثمارها .. وتهاوى الطاغية ونظامه .. أو كاد .. يلبي الإخوان المسلمون نداء النظام للتفاوض والتحاور .. للاتفاق والتشاور على بعض الإصلاحات .. كما زعموا !
      نسي الإخوان جرائم وخيانات وعمالة الطاغية ونظامه ...!
      نسي الإخوان الإذلال وما تعرضوا له من ظلم وسجن في عهد هذا الطاغية ونظامه ..!
      نسي الإخوان أن هذا النظام الخائن العميل ـ طيلة أكثر من ثلاثين سنة ـ لم يصدق شعبه في وعد قطعه لهم قط .. وأنه لا يمكن أن يصدق في شيء .. وأنه موجود لخدمة أجندة خارجية لا حظ لشعبه فيها .. وأنه نظام فاسد مهترئ .. عصي على الإصلاح والترقيع !
      نسي الإخوان جرائم النظام الحاكم وبلطجيته الأمنية بحق المتظاهرين سلمياً .. وقتله لمئات من شاب مصر الثائر على الطغيان .. غير الآلاف من الجرحى !
      نسي الإخوان أن المطلب الأساس والأول للشعب المصري الثائر والمتظاهر يتمثل في إسقاط الطاغية ونظامه ...!
 

نسي الإخوان المسلمون .. أن الطاغية عمر سليمان نائب الطاغية اللا مبارك .. ورئيس المخابرات والبلطجية المصرية .. هو السجَّان .. وهو مهندس حصار النظام المصري لأهلنا في غزّة .. وهو مهندس الجدار العازل .. وهو مهندس جميع جرائم الطاغوت ونظامه !

      بهذه السرعة الفائقة ..  ينسى الإخوان المسلمون كل ذلك .. ليلبوا نداء الطاغية ونظامه الساقط للتحاور والتفاوض .. ليجلسوا مع رئيس جهاز المخابرات والبلطجية .. عساهم بذلك يجهضوا الثورة .. ويمكنهم من الالتفاف على مطالب الشباب ـ الأبطال المعتصمين في ميدان التحرير ـ العادلة والمتمثلة في إسقاط الطاغية ونظامه.
قال الإخوان المسلمون ـ على لسان بعض قياداتهم ـ  بكل سذاجة وبساطة .. على الشعب المصري الثائر والمعتصم في ميدان التحرير أن ينصرفوا لأعمالهم وأشغالهم .. فإذا لم يتم تنفيذ مطالب الثورة فليعودوا للتظاهر  .. فنسوا ـ أو تناسوا ـ أن الشعوب إذا انصرفت لأشغالهم الخاصة .. وشؤون معاشهم .. وانغمسوا في الدنيا ومشاغلها .. صعب عليهم أن يعودوا من جديد للثورة والانتفاضة والتظاهر من جديد .. وبنفس الزخم والقوة التي هم عليها  .. وهذا الذي يريده الطاغية ونظامه من وراء هذه الدعوة المشبوهة التي ظاهرها الرحمة وباطنها الشر والمكر!
    أيما محاولة ـ  تحت مسمى التفاوض والحوار أو أي زعم آخر ـ تعطي النظام الطاغي فرصة لالتقاط أنفاسه .. وتجميع أوراقه المشتتة عليه .. هي خيانة عظمى لشباب الميدان الذين كانوا مرابطين في التحرير .
   ولما وجد الإخوان أن الشباب المعتصم في الميدان ومن ورائهم الشعب المصري .. لن يلتفتوا لمفاوضات الإخوان مع الجلاد المجرم .. وأن الشعوب قد تلفظهم كما لفظت النظام ذاته .. خافوا .. فعادوا يرقعون .. ويصلحون ما أفسدوه .. ليُصرحوا من جديد أنهم مع مطالب الشعب في إسقاط النظام  !!
    ما أكثر ما سمعنا من قيادات الإخوان المسلمين في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها الشعب المصري .. نحن لسنا طلاب سلطة ولا مناصب .. ولا ولن نسعى للحكم والرئاسة .. والسلطة .. فيُظهرون هذا الزهد الكاذب والورع البارد .. في وقت تلتمس فيه الشعوب القيادات الصادقة التي تقدر على أن ترقى إلى مستوى مطالبها وهمومها .. فلا تجد سوى شِلة  من الزنادقة العلمانيين والإباحيين !

    ينأون بأنفسهم عن السلطة والحكم .. والمناصب .. كما يزعمون ويصرحون مراراً .. تاركين الساحة فارغة وسهلة الامتطاء للزنادقة العلمانيين والإباحيين !

    ولنا أن نسألهم : لماذا إذا تجمّعون الجموع والشباب حولكم وتحزبون الناس لكم منذ أكثر من ثمانين عاماً .. ولصالح مَن ؟!
    لصالح من تقتلون وتحجمون طموحات من ينضم إليكم من الشباب .. في أن يحكموا أنفسهم والبلاد بدين رب العباد ؟!

    لصالح مَن تُظهرون هذا الورع والزهد في السلطة والمناصب ...؟!


    قال المراقب العام الجديد للإخوان المسلمين السوريين في مقابلة له مع " BBC " لما سأله السائل ما هي مطالبكم وماذا تريدون من النظام السوري كإخوان مسلمين ... بعد هذه العقود من الهجرة والمطاردة ؟
    قال
بكل بساطة وسذاجة : أن يسمح النظام لنا أن نعود إلى سورية ولو بصورة فردية لنمارس الدعوة ... لا نريد سلطة ولا شيء .. فقط نطلب منه أن يسمح لنا أن نمارس الدعوة.

   ألم أقل لكم أن الإخوان المسلمين .. رغم شيخوختهم .. ورغم كل ما مر بهم من أهوال .. ورغم اهتراء عظامهم في السجون .. لا يزالون يعيشون فى طور المراهقة والدروشة السياسية .. وأنهم لا يمكن أن يرقوا بأنفسهم أبداً إلى مستوى طموحات وهموم الأمة والشعوب .. وأنهم لا يتعلمون أبداً مما يمرون به من محن وابتلاءات .. وأنهم قد أدمنوا تقبيل الأيدي التي تجلدهم وتسجنهم .. والطواغيت قد علموا عنهم ذلك .. لذلك فليس للإخوان عندهم سوى الجلد والسجن والمطاردة وهتك الأعراض ومصادرة الأموال .. ولا يلوموا إلا أنفسهم .. وإن كان حزني يشتد .. فهو يشتد على شبابٍ لا يزال يرى في هذه الجماعة العجوز العقيم ملاذاً آمناً لطموحاته وآماله .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ليست هناك تعليقات: